حكايات| «هاتولي راجل».. قبيلة تحكمها النساء ويشعر فيها الرجال بالقهر والظلم | صور وفيديو

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حينما قام صناع السينما في مصر بإنتاج فيلم «هاتولي راجل» عام 2013 - الذي يحكي في إطار كوميدي عن عالم تسيطر عليه النساء ويقوم فيه الرجال بالترفيه عن المرأة ويعرض شكل العلاقات الخاصة بين الرجال والنساء بشكل معكوس، حيث الرجل دائما في حالة قهر وظلم، والمرأة هي المتجبرة والمتسلطة في حياته وتستخدمه كوسيلة للمتعة - لم يكن في مخيلتهم أن يكون الفيلم الهزلي هو انعكاس لواقع حقيقي يعيشه رجال قبيلة «خاسي» في ولاية ميغالايا الواقعة في شمال شرق الهند.

 

امبراطورية امرأة
وفي قبيلة «خاسي» الهندية، تجد أن المرأة هي المتحكمة في كل الأمور، وينسب الأبناء إليها ويحملون اسمها ولا ينسبون إلى أبائهم أو يحملون اسمه، كما أن المرأة في تلك القبيلة هي الحاكم بأمره والأمر الناهي في كل القرارات، مهمة كانت أم غير مهمة، كما أنها ترث كل ممتلكات العائلة وهي من تعول الرجل، الذي ليس له دور في الأسرة، كما أنه حين يقرر رجل الزواج من فتاة، يسكن في بيت أهل زوجته في انعكاس لسيطرة نساء هذا المجتمع.

 

اقرأ أيضا| حكايات| فتاة عشرينية.. تعالج الأمراض وتصنع المعجزات ويعتبرها الآلاف «هبة السماء» | صور وفيديو

أصول قبيلة «خاسي» يُرجح أنها تنحدر من 7 عشائر مقدسة، وفق رأى المؤلف والمؤرخ الهندي هامليت باريه، في كتابه «تاريخ قبيلة خاسي وثقافتها» الذي أصدره عام 1967 ميلادية، ويوضح بين طيات كتابه، أن أصول القبيلة تعود إلى الجماعات العرقية الأوسترية في جنوب شرق آسيا التي تنحدر من جماعات تتحدث لغات مون خمير الواقعة في غابات بورما النائية، رغم أنه لا أحد يعرف متى هاجر أفراد قبيلة «خاسي» إلى جبال وسفوح شمال شرقي الهند ليستقروا هناك.

 

رجال يشعرون بالقهر
ودود ساجد الكاتب الصحفي الهندي، قال إن المجتمع الخاسي الذي يعيش في شمال شرق الهند، تتخذ النساء فيه معظم القرارات حيث يشعر الرجال أمام سطوتهم بالعجز والضعف، مشيرا إلى أن السائد هو سيطرة الذكور في مختلف أنحاء الهند، ولكن تقاليد قبيلة الخاسي تتعارض مع هذا النظام الاجتماعي العام.

 

وأضاف ساجد، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من العاصمة الهندية نيودلهي، أن القبيلة التي تقطن في ولاية ميغالايا الشمالية الشرقية، يمر فيها النسب عن طريق الأم وتنتقل الملكية أيضًا إلى المرأة بدلا من الرجل، ويشكلون 35 % من سكان الولاية، مبينا أن هناك قلق متزايد من قبل الرجال بشأن هذه التقاليد القبلية ويريدون إنهاء نظام عدم المساواة الحاصل بينهم وبين نساء القبيلة. 

 

وأوضح أن قبيلة الخاسي تحكمها امرأة من هذه العشيرة وهي مارجريت لانجدو، وهي تعمل باحثة في جامعة تارتو في إستونيا، لافتا إلى أنها صرحت قبل ذلك بأن تقاليد العشيرة لها ماض متنامي يعود تاريخه إلى الوقت الذي انطلق فيه الرجال للحرب وبقيت النساء في الخلف للاعتناء بالأسرة والعشيرة، واستمر الحال على ذلك من حينها، حيث مازالت المرأة هي ربة الأسرة وهي مستقلة في الشؤون المالية ومستقلة في كل شئ، مضيفة أنه على الرغم من التفوق الاقتصادي والاجتماعي لنساء قبيلة الخاسي، إلا أنهن بعيدين عن السياسة ولا يشاركن في الانتخابات وما إلى ذلك.

 

وأشار إلى أن رئيسة العشيرة، أشارت إلى أنه بالنسبة للممتلكات الموروثة لكل أسرة، فإنها عادة ما تكون مملوكة للابنة الصغرى، وبهذه الطريقة تكون الابنة الصغرى أيضًا صاحبة النسب في القبيلة والمسؤولة عن رعايتها، موضحة أن الممتلكات الموروثة تشمل منزل العائلة والأراضي والذهب والمرجان والملابس الثمينة وأي مقتنيات ثمينة أخرى.

 

واختتم الكاتب الصحفي الهندي، بأن رجال هذه القبيلة يشتكون من احتلال النساء لكل شئ في هذه القبيلة، وأن الرجال أصبحوا أقل شأنا في هذا النظام القبلي.

 

اقرأ أيضا| حكايات| الطقوس الأكثر رعبا في العالم.. قبيلة تعيش مع الموتى | صور وفيديو

قمع الرجال
بدوره، اتفق كيث باريات الرئيس السابق لمنظمة «SRT» وهي منظمة معنية بحقوق الرجال في قبيلة الخاسي، مع داود ساجد، وأكد أن نساء القبيلة ينتشرون في كل مكان سواء كان ذلك في الأسواق أو المكاتب الحكومية، لافتا إلى المنظمة تم تأسيسها عام 1960، وشارك في إنشائها الأطباء والمعلمون جنبًا إلى جنب مع شيوخ القبيلة، مشددا على أن السبب الرئيسي لتأسيسها هو إهمال الرجال في تقاليد قبيلة الخاسي، مبينا أنهم تعرضوا للقمع تحت حكم نساء القبيلة. 

 

وقال الرئيس السابق لمنظمة «SRT»، إنه من ضمن التقاليد الغريبة في القبيلة، أنه إذا تزوج الرجل من فتاة أصغر منه فعليه الانتقال إلى منزل أهل زوجته والعيش فيه تحت حكم نساء البيت، مشيرا إلى أن ذلك تسبب في عدم إيلاء الأبناء الذكور الكثير من الاهتمام في قبيلة الخاسي، لأنه في النهاية يأخذون ثروة الأسرة وينقلونها إلى الزوجة. 

ووفقا لـ«باريات»، فإن مكانة الزوج ثانوية في منزل الزوجة، وهناك أعمام الزوجة من الأمهات والرجال الآخرون يأخذون زمام المبادرة في كل عمل، مبينا أن الرجال ليس لديهم سلطة كبيرة على أطفالهم وأن الأطفال يتبنون اسم عائلة الأم، وإذا واجه الزوج أي مشكلة يمكنه الاتصال بأخته لأنها رب الأسرة، لافتا إلى أن الرجال في ظل كل هذه الأجواء يقعون فريسة للمخدرات وإدمان الكحول وممارسة الجنس هنا وهناك، مستطردا أنه قد تكون هذه حياة مثالية لبعض الرجال لكنها بالتأكيد طريق إلى الخراب. 

 

ورأى الرئيس السابق لمنظمة «SRT»، أن كل هذه العوامل دفعت عدد من فتيات قبيلة الخاسي لتفضيل الزواج من رجال متعلمين من خارج قبيلة الخاسي.

 

ويطالب الآلاف من الأعضاء الذكور في منظمة «SRT» بتغيير قوانين الميراث في القبيلة، ويحظى هذا المقترح بدعم حوالي 50 امرأة من الخاسي، كما تتضمن مطالبهم أن يكون اسم الطفل مصحوبًا باسم الأب بدلاً من اسم الأم، وفقًا لـ«باريات».