حكاية شارع| بيت القاضي.. جزءًا من «قصر الزمرد» وشاهد على محاكمة العشرات

بيت القاضي
بيت القاضي

تعج شوارع القاهرة بالكثير من الأسرار التي احتفظت بالكثير من الوقائع والأحداث وكانت شاهدة على تاريخ الوطن.

وتعد الشوارع كتاب مفتوح يروي تاريخ المدينة والأحداث التي وقعت بها، وتعد اللافتات التي تحمل أسماء الشوارع هي صفحات الكتاب.

لأسماء شوارع القاهرة تاريخ معروف، حيث إنه قبل عهد محمد علي باشا كانت الأحياء والمناطق تحمل اسم القبيلة التي عاشت فيها في البداية أو منطقة يتجمع فيها أرباب حرفة معينة بينما البعض الآخر يحمل اسم صاحب قصر بني بهذه المنطقة.

 

 

اقرأ أيضًا| بالرمل والمياه.. «أبانوب غالى» حفيد الفراعنة يعيد بناء الجداريات والتماثيل الضخمة

وقرر حينها محمد علي أول حاكم لمصر إصدار مرسوم بتحديد أسماء الشوارع وتركيب لافتات تدل عليها وأرقام لكل مبني.

وتصحبكم «بوابة أخبار اليوم» في جولة لأهم شوارع القاهرة وأشهرها وتاريخها.

شارع بيت القاضي:

يقع شارع "بيت القاضي" بمنتصف شارع المعز بوسط القاهرة، حيث يصنف بأنه أشهر مناطق شارع المعز، كما أنه يربط بين الجمالية والحسين وشارع المعز، وهو الشارع المواجه لمجموعة السلطان المنصور قلاوون الشهيرة.

وكان شارع "بيت القاضي" في الأصل جزءًا من قصر الزمرد الفاطمي، حيث كان ذلك القصر جزءًا من القصر الشرقي الكبير وبلغت مساحته 70 فدانًا.

وفي العصر المملوكي انضم قصر الزمرد إلى سيدة تدعى "تتر الحجازية" وهي ابنة السلطان المملوكي البحري الشهير الناصر محمد بن قلاوون.

وبَنت تتر الحجازية مدرستها وقصرها في هذا المكان، ثم جاء جمال الدين يوسف الإستادار في عصر أيام السلطان برقوق واستولى عليه، وتحول القصر إلى سجن ثم جاء الأمير ماماي السيفي أحد أكابر أمراء السلطان المملوكي الأشرف قايتباي وبنى قصره في هذا المكان عام 1496م.

واشتهر ماماي بدوره في إتمام الصلح بين الدولة المملوكية والدولة العثمانية في أواخر القرن الخامس عشر.

قصر الأمير ماماي:

وبعد وفاة السلطان قايتباي، كثرت الفتن بين الأمراء المماليك وتوترت الأحوال السياسية الداخلية، حتى وقعت فتنة عام 1497م، وقتل فيها أتباع السلطان وكان من بينهم الأمير ماماي، وتم هدم جزء كبير من القصر، ولم يتبق سوى المقعد الذي تدل فخامته وكبر حجمه على مدى فخامة وسعة القصر نفسه. 

وكان المقعد ملحقًا بقصر الأمير ماماي، الفخم الذي كان مدخله يقع بالضلع الجنوبي الشرقي، وهو الجزء الوحيد الباقي من قصر الأمير ماماي السيفي.

وفي العصر العثماني أصبح مقعد ماماي مقرًا للمحكمة الشرعية، حيث اتخذ القاضي سكنًا له بالأعلى، ومن المقعد مقرًا لجلساته وحجز المتهمين وتنفيذ الحكم عليهم أيضًا، لذلك أطلق على المقعد اسم بيت القاضي، حيث لعبت دورا كبيرا في الحياة السياسية المصرية.

كما شهدت هذه المحكمة اجتماع ممثلي الشعب المصري من العلماء والأشراف ونقباء الطوائف والحرف في عام 1805م، ومبايعة محمد علي باشا لتولي حكم مصر بالشروط التي اتفقوا عليها. 

واستمرت المحكمة الشرعية في هذا المكان حتى عام 1900، حين انتقلت إلى منزل محمود سامي البارودي في الحلمية الجديدة، ثم في 1925 قامت لجنة حفظ الآثار العربية بترميم المقعد وإعادته إلى أصله.

وقد أقيمت على بداية الشارع بوابة بيت القاضي التي يذهب البعض إلى أنها بنيت خلال فترة حكم محمد علي باشا (1805-1848م).

وفي عهد الخديوي إسماعيل استغل فناء قصر ماماي وحوله إلى ميدان، وفتح شارع بيت القاضي في عام 1873م ليصل شارع المعز بشارع الجمالية، نظرًا لافتتاحه مجلس الأحكام أي محكمة الاستئناف في الميدان.