كنوز / معشوقة كبار الأدباء في مرآة كامل الشناوي

مي زيادة
مي زيادة

مي زيادة.. تلك التى أحبت وتعذبت وتحصنت بعفافها، وماتت شهيدة، فقد أحبها العقاد ومصطفى صادق الرافعى ومصطفى عبد الرازق وولى الدين يكن وخليل مطران وأنطون الجميل وإسماعيل صبرى وعبد العزيز فهمى، وكان يوم الثلاثاء يوما مقدسا عند رواد صالونها لا يتخلف منهم أحد إلا إذا كان مريضا أو على سفر!

فعندما مرض الشاعر إسماعيل صبرى يوم الثلاثاء قال إنه لن يعترف بهذا اليوم أبدا ولم يكتف بهذا وإنما قال أستغفر الله من لحظة من العمر لم تلقنى فيك صبا!

اقرأ أيضًا| كنوز| حوار السماء والأرض بين «العقاد» وسعد زغلول

 قبيل سفر مى إلى لبنان أعلنت الجامعة الأمريكية أنها ستلقى محاضرة فى قاعة يورث التذكارية وقبل الموعد المحدد لإلقاء المحاضرة كانت القاعة امتلأت على سعتها بالجامعيين والعلماء والأدباء والصحفيين والسياسيين والشباب والسيدات.. لم أكن رأيتها قبل هذه اللحظة ولم تكد تشرق فوق المنصة حتى انطلقت الأيدى بالتصفيق فى حرارة وعنف، وكانت مى ترتدى ثوبا أسود يطل منه وجه أبيض مشوب بشيء قليل من الشحوب، ومن فوق الرأس شعرها اللامع المنسدل فى بساطة وانسجام، وكان أشد سوادا من ثوبها، لم تكن قصيرة ولم تكن طويلة، كان قوامها نحيلا يريد أن يمتلئ سمينا يريد أن ينحل. ظلت تتكلم لمدة ساعتين عن الإنسانية والفكر والمحبة والسلام وقد استهوتنا جميعا بنبراتها العذبة، وصوتها الهادئ الحلو العميق، وإشاراتها ونظراتها وحسن استعمالها للفتات رأسها، استهوتنا بنضارتها الفاتنة، نضارة الفكر، ونضارة الوجه والقوام.. وعندما انتهت المحاضرة وغادرت القاعة اصطدمت بشيخ معمم ينظر فى منديله بكلتا عينيه لم يكن ينظر فى المنديل كان يمسح دموعه! 

كان الأستاذ الأكبر الفيلسوف مصطفى عبد الرازق الذى أصبح شيخا للأزهر فيما بعد.

 

لقد شفيت من مرضها لكنها ماتت ووقف على قبرها هؤلاء الذين أحبوها، فقال العقاد والدموع تطفر من عينيه «كل هذا فى التراب.. آه من هذا التراب» !!

وقال مصطفى عبد الرازق وصوته مخنوق بالبكاء «شهدنا مشرق مى زيادة وشهدنا مغيبها، لم يكن طويلا عهدها ولكن مجدها كان طويلا» .

كامل الشناوى 

من كتاب «زعماء وفنانون وأدباء»