لذا لزم التنويه

ماذا جنينا من اتفاق «الرجل المحترم»؟

أميمة كمال
أميمة كمال

كما يصاب البشر بالشيخوخة، تلحق بالمؤسسات أيضا، علامات الوهن. ويصبح الحديث عن ضرورة تجديد حيويتها، قبل أن تزيحها كيانات أخرى، أكثر قدرة على ملاحقة المتغيرات العالمية، أمرا علنيا.

هذا ما يفسر دعوات الإصلاح، التى أطلقتها منظمات المجتمع المدنى من مختلف دول العالم، وفرضتها على اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، التى عقدت قبل أيام، فى واشنطن.

وحملت هذه المنظمات رسالة مفادها أنه بعد مايقرب من 80 عاما، على تأسيس المنظمتين، حان الوقت لإدخال تعديلات على سياساتهما بحيث تصبح أكثر ديمقراطية وشفافية.

ولا تسمح للدول المتقدمة بإحتكار سلطة اتخاذ قرارات توزيع الموارد، طبقا لمصالحها السياسية. وبحيث تصبح أكثر عدلا، من خلال إتاحة الفرصة للدول متوسطة ومنخفضة الدخل فى الجنوب، لاقتسام السلطة مع كبار العالم فى أمريكا وأوربا.

وربما كانت إستقالة رئيس البنك الدولى الحالى، ديفيد مالباس (الأمريكى الجنسية)، وبدء الاستعدادات لجلوس أمريكى آخر، على كرسى رئاسة البنك، وهو أجاى بانجا،  فرصة لتجديد دعاوى إلغاء  اتفاق (الجنتلمان) غير المكتوب بين الدول الكبرى، وقت تأسيس المنظمتين  فى عام 1944. والذى يقضى بأن يصبح دوما رئيس البنك الدولى أمريكى الجنسية، ومدير صندوق النقد  من إحدى الدول الأوربية. وبالطبع المحافظة على هذا الاتفاق ظل ساريا، بفضل اتفاقية التأسيس.

التى حافظت على تركز القوة التصويتية فى المجلس التنفيذى للمنظمتين فى يد أمريكا وأوربا.

وهو ما سمح لهذه الدول، باحتكار المنصبين دوما، وحرمان دول العالم من فرصة دخول حلبة المنافسة. وربما أرتفعت نبرة معارضة سياسات المؤسستين، بمناسبة منح أوكرانيا قرضا 15 مليار دولار، وهو مايحدث لأول مرة.  أن يتم منح دولة فى حالة حرب مستمرة قرضا، قد لا تكون فرص سداده مأمونة.

وهذه ليست المرة الوحيدة التى تتعالى فيها الأصوات المعارضة لطريقة اختيار رئيس إحدى المؤسستين. ولكن نفس الشئ تكرر فى المرات السابقة. وآخرها عند استقالة جيم يونج كيم فى 2019 من منصب رئيس البنك. وكان الأكثر وضوحا هى الرسالة التى أعلنها عدد من كبار موظفى البنك فى 2012،وتصدرها كبير الاقتصاديين الأشهر فى البنك جوزيف ستيجليتز من ضرورة تعديل سياسات المنظمتين لتصبح أكثر شفافية وديمقراطية، حتى لا تفقد شرعيتهما. ويبدو أن اتفاق (الجنتلمان) أو (الرجل المحترم) قد لايصمد طويلا فى ظل عالم يموج بدعاوى الديمقراطية والحرية.