قلم على ورق

محمد قناوي يكتب: خالد يوسف و«سره الباتع»

محمد قناوي
محمد قناوي

لا شك أن «سره الباتع» تجربة درامية غير مألوفة لما هو سائد من دراما تليفزيونية، نجد فيها بصمات مخرج يعرف جيدا قيمة النص الدرامى الذى يقدمه ويعرف قيمة الحدث أو الأحداث التى يتناولها فيه، وهذا ما يميز المخرج خالد يوسف فى كل أعماله السينمائية بداية من فيلم «العاصفة»، ومرورا بـ«جواز بقرار جمهوري، أنت عمرى، خيانة مشروعة، الريس عمر حرب، ووصولا لدكان شحاتة». 

ميزة خالد يوسف أنه يعرف قدر وتأثير وأهمية العمل الذى يقدمه ولماذا يقدمه؟ ولا يتعامل مع الاخراج على أنه مهنة يمارسها بل يؤمن بالهدف والرسالة التى يريد توصيلها وليس بمعايير السوق وفى «سره الباتع» المأخوذ عن قصة قصيرة للاديب يوسف إدريس لم يكتف «خالد» بالإخراج انما كتب المعالجة الدرامية والسيناريو والحوار، ويستعرض المسلسل حقبتين، الأولى وقت الحملة الفرنسية ودفاع المصريين المستميت عن أرضهم ضد الاحتلال والحقبة الثانية بداية من 2010، يحاول البطل «حامد» تتبع سيرة «السلطان حامد» أحد الفلاحين المصريين الشجعان والمستبسلين فى وجه الطغيان ليقدم مخرج العمل مزجًا بين نضال الفلاح المصرى إبان الحملة الفرنسية، ونضال المصريين فى وجه الاحتلال الإخواني لمصر بعد ثورة يناير 2011 وربط النضالين بأن هدفهما واحد وهو تحرير الوطن من الاحتلال وأى احتلال. 

لا أعرف لماذا توقف البعض وهم يتابعون أحداث المسلسل أمام عدد من الأخطاء التى أرى أنه لا قيمة لها أمام عمل درامى يمتلىء بكل العناصر الايجابية التى تجعل منه عملا رائعا فلماذا توقفنا امام تضاريس بارزة لممثلة، أو «كوتشى» ظهر صدفة فى ملابس المجاميع والتى بلغت الآلاف ولم يتوقفوا أمام مشاهد هذه المجاميع بتنظيماتها وتناغمها التى شكلت صورة مبهرة، وما زاد الطين بلة أنه حدث اختلاف كبير بين المشاهدين حول الممثل الذى أدى دور «بونابرت» وانه أطول من القائد الفرنسي. 

اذا اختصرنا المسلسل فى هذه الأخطاء والملاحظات فإننا نظلمه ظلمًا «بينًا» ولكن سينصفه تاريخ الدراما التليفزيونية لا شك، فالعمل يقدم صورة حقيقية للمواطن المصري، الذى تنبهر بردود أفعاله عندما يمس الامر وطنه، فالسلطان حامد خلال فترة الحملة الفرنسية، هو حامد المصرى الأصيل الذى يحمل على كتفه وطنه فى كل الظروف والازمات .. فـ«سره الباتع» هو سر محافظة مصر على كيانها طوال تاريخها.