«سره الباتع» جوهرة الموسم التي شابها بعض الغبار

أحمد فهمى وريم مصطفى فى «سره الباتع» وأحمد السعدنى وحنان مطاوع فى مسلسل «سره الباتع»
أحمد فهمى وريم مصطفى فى «سره الباتع» وأحمد السعدنى وحنان مطاوع فى مسلسل «سره الباتع»

وسط زحام دراما رمضان وحالة التنوع التي شهدتها الشاشة أعتقد أن «سره الباتع» يستحق مكانة بارزة يعلو بها ليكون جوهرة تاج الدراما التليفزيونية هذا العام التى شابها بعض الغبار فهو العمل الفني الأقرب إلى حالة «المتكامل».

اختيار موفق للمخرج خالد يوسف لرواية الراحل يوسف إدريس ليقدم من خلالها مسلسله التليفزيوني الأول والذي يعود به بعد فترة غياب فحرص على حشد كل قواه في تقديم مسلسل بصياغة وصورة سينمائية وأجاد في استثمار كل أدواته «السيناريو والحوار والديكور والتصوير» في رسم ملامح صورة دقيقة لا تخلو من جمال التفاصيل حتى في التعبير عن الحياة البسيطة وفقر مجتمع القرية المصرية في بدايات القرن التاسع عشر.

اقرأ ايضاً | ياسمين صبري تتعاقد على بطولة فيلم «دليلة»

وجاء الحوار والمعالجة والسيناريو معبراً وبحبكة متقنة لخدمة الهدف مع استخدام الرمزية - وإن عابهما أحيانا المباشرة - وتنقل السيناريو والحوار الذى كتبه خالد يوسف بمشاركة الثنائى مصطفى إبراهيم وخالد كساب - بسلاسة بين عصرين بنفس القضايا والهموم ليؤكد على المقابلة بين الاحتلال الفرنسى والمحتلين الجدد بين الوطنيين الذى خرجوا من نبت الأرض المصرية وخونة كل المبادئ الذين يبيعون كل شيء لخدمة مصالحهم وجاء الربط بين «الحامدين» كرمز للبطولة وكانت مشاهد الشهداء فى الزمنين معبرا عن استمرار المقاومة وحفاظ المصريين على ثوابتهم على مدار العصور حتى أنه حرص على استخدام نفس الهتاف «الشهيد حبيب الله» مهما تغير الزمن وجاءت مشاهد العصر الحالى بمثابة استهلال تشويقى للحكاية القديمة التى كانت مشاهدها أكثر ثراء ينتظرها المشاهد فى لهفة وترقب لتفاصيل الحدوتة تحولت إلى أسطورة.

تميزت مشاهد المجاميع والمعارك والحرائق والديكورات والملابس بإنتاج سخى وفر كل المطلوب رغم بعض الملاحظات البسيطة التى تصيدها أهل السوشيال ميديا والتى لا تعيب العمل ككل وإن كان من الواجب تجنبها لعدم اتاحة فرصة لانتقاد أقرب إلى الانتقام الذى بدى كهجوم ممنهج ضد شخص خالد يوسف الإنسان لا المخرج .

كان التصوير أحد أهم أبطال العمل بكادرت سينمائية حلت محل عين المشاهد ووضعته داخل إطار الصورة التى يشاهدها فيجد نفسه ومجتمعة ممثلا .

وجاء اختيار الممثلين موفقا لمعظم الممثلين أولهم أحمد السعدنى بحكم طبيعة تكوينة البدنى الذى أتفق مع شخصية «السلطان حامد» الرجل القوى القادر على هزيمة عشرات الرجال والذى لا يستغل قوته إلا فى نصرة الحق وبعيدا عن التكوين البدنى استخرج السعدنى الصغير كل ملكاته ليعبر عن الشخصية فكان أداؤه سهلا فكان عنيفا فى المعارك حكيما فى اتخاذ القرارات بنبل ثوريته الطاهرة «سبع الرجال أسمه حامد والكل عارفينه.. من يومه زينة البلد فى قلوبنا شايلنه».

ورغم شجاعته وقوته كان رقيقا فى المشاهد التى ترصد قصة حب «حامد وصافية» وعبرت حنان مطاوع بملامحها الغارقة فى المصرية عن الجمال الفطرى والفتاة التى تحمل رقة الأنثى ومثابرة الرجال وكانت قصة حب «حامد وصافية» وعلى غرار قصص الحب الخالدة عنتر وعبلة وحسن ونعيمة فرغم ما يعيشه الجميع من حالة نضال ضد الاحتلال لم يغب الحب وولد الفرح والغناء وسط المعاناة «خد صافية فى بالك يا حامد دى صافية غالية يا حامد والهنا يحلى لك».

خالد يوسف مهاراته فى اكتشاف مناطق أخرى لعدد من الممثلين خارج أطرهم التقليدية فكان أحمد فهمى على قدر الرهان ونجح القدير أحمد عبد العزيز فى توظيف خبراته ليقدم «الشيخ شهاب» شخصية مختلفة تماما عن مسيرته الطويلة الناجحة .

اختيار رائع لمعظم الممثلين فتقمص كل منهم شخصيته بإتقان باستثناء بعض الهفوات فى اختيار بعض مشاهير الشعراء واعتقد أن وجود ممثلين محترفين كان أفضل مع كامل احترامى لهم وأظن أن المخرج أراد أن يقول لنا إنه قادر على أن يجعل أى منا ممثلا.

لو جاى طمعان فى مذلة.. فى ألف ليل قبلك ولى.. الحر حر ملوش دية.. ومات عشان متعيش هيا.

هذه بعض مقتطفات من كلمات أغنية التتر التى أضفى صوت مصر محمد منير عليها الطابع الملحمى وعبرت كلمات مصطفى إبراهيم ببساطة وعمق على حالة الحدوتة الأسطورية.