حكايات| «رمضان» على الطريقة الروسية

أسرة روسية مسلمة على مائدة الإفطار
أسرة روسية مسلمة على مائدة الإفطار

كتب أيمن موسى

شهر رمضان له مكانة خاصة لدى أكثر من 1.8 مليار مسلم فى كافة أنحاء العالم، وربما هذه الأهمية لا تقل عند غير المسلمين الذين ينتظرون حلول الشهر الفضيل لما يرتبط به من مذاق وعبق خاص، وبشكل يختلف من بلد إلى آخر.

روسيا، لا تختلف كثيراً عن هذه القاعدة بل يمكن القول إنها تبرز وسط دول العالم الإسلامي من حيث استعدادات المسلمين بها لاستقبال الشهر الكريم، فروسيا وفقاً لأكثر الإحصائيات تواضعاً تضم ما لا يقل عن 25 مليون مسلم، وهناك دراسات أخرى تشير إلى أن العدد أكثر من ذلك بكثير وهو ما يعنى أن عدد المسلمين فى روسيا يزيد عن عدد سكان الكثير من الدول الإسلامية، ومن هنا نبعت رغبة روسيا فى الانتساب لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

ويوجد بروسيا أكثر من ثمانية آلاف مسجد والكثير منها يدخل ضمن قائمة أجمل وأكبر المساجد فى العالم بما فى ذلك خمسة مساجد فى موسكو ذاتها، حيث يقطن نحو 1.5 مليون مسلم وكل مسجد من هذه المساجد له طابعه الخاص وأكاد أجزم وتاريخه الخاص أيضاً.

 

 

 

 

 

 

 

 

وتوجد فى موسكو خمسة مساجد مركزية كبرى وهذه المساجد مفتوحة طوال اليوم على مدار العام وبها رجال دين يستقبلون الناس ويجيبون على استفساراتهم بل ويعقدون حلقات الدرس وتعليم القرآن وبها مكتبات كبيرة، والحقيقة أنه يمكن القول بكل ثقة إنهم فى روسيا لا يحتاجون لمن يعلمهم شئون دينهم حيث يوجد فى روسيا عدد كبير جدا من المتفقهين فى الدين وغالبيتهم درسوا فى الأزهر ويتبنون الفكر المعتدل وتعتز بهم الدولة الروسية بشكل كبير وتقدم لهم كافة التسهيلات لتقديم رسالتهم.

الجميل أيضا فى الأمر أنهم فى الجيش الروسى يستعينون برجال دين فى الوحدات التى بها مسلمون وهؤلاء لا يقتصر دورهم على صلاة الجمعة بل وينظمون لقاءات منتظمة مع الجنود المسلمين لشرح الدين والإجابة على تساؤلاتهم، وذات الأمر ينطبق على أتباع الأديان الأخرى.

 

 

 

 

 

 

 

ليالى رمضان

وربما لا يختلف المسلمون فى روسيا عن بقية الدول الإسلامية فى أسلوب إحياء ليالى رمضان حيث يجرى فى الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة فى روسيا إنارة الشوارع بفوانيس ذات طابع خاص، وبالقرب من المساجد وليس فقط فى الجمهوريات الإسلامية الروسية بل وفى موسكو ذاتها يتم إقامة خيم لاستقبال الصائمين حتى يتسنى لهم الإفطار قبل صلاة المغرب والتراويح وبطبيعة الحال فإن المأكولات فى هذه الخيم مجانية، ومهمة هذه الخيم لا تقتصر على تقديم الطعام بل إنها تنظم الكثير من الأنشطة مثل تحفيظ القرآن وتلاوته وعرض أفلام وثائقية وتعليمية وعزف الموسيقى والأناشيد الدينية المختلفة وتنظيم المسابقات بين المسلمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المسلمون فى روسيا سواء الرجال أو النساء يشاركون فى مراسم استقبال الشهر الكريم وعيد الفطر من بعده، حيث يشارك كافة أفراد الأسرة فى عملية نظافة شاملة للمنزل، وهذا التقليد لا يشمل مجرد التنظيف العادى أو الدوري إنما هى عملية شاملة تشمل كافة أركان المنزل ومحتوياته الداخلية والخارجية، وعملية التنظيف هذه قد تستغرق ما بين يومين إلى ثلاثة بحيث يبدو المنزل بعدها براقاً ويتم فى غضون ذلك التخلص من كل ما هو مهمل وقديم ولا حاجة لأهل البيت به.

ويختلف استقبال العيد لدى مسلمى روسيا من أسرة إلى أخرى، فالأسر الميسورة تجدد دولاب ملابسها بشراء الجديد وتوزيع القديم على المحتاجين، أما الأسر متوسطة الحال فهى تكتفى بشراء شيء جديد مثل قميص أو بلوزة أو ما شابه، فالمهم هنا هو استقبال العيد بملبس جديد، وهنا يراعى أن الجميع سوف يستقبلون العيد بملابس جديدة لذلك فالجميع يعرفون جيداً المجتمع الصغير الذى يعيشون فيه وكل من تتوفر لديه الإمكانية يساعد الفقير القريب منه فى شراء الملابس الجديدة لأسرته.

ومع مقدم العيد يجمع الرجل أبناءه ويتوجه إلى الحلاق حيث تعتبر حلاقة الرأس من أهم مراسم استقبال العيد لدى المسلمين فى روسيا.

عيد مختلف

وللعيد فى روسيا مذاق خاص جداً فالاستعدادات لصلاة العيد لا تقتصر على الناس فقط، بل وتشارك فيها السلطات التى توقف حركة السيارات فى المناطق المحيطة بالمساجد لتتيح أكبر مساحة ممكنة للمسلمين للصلاة وتهنئة بعضهم البعض، كما أن هذا اليوم يعتبر عطلة رسمية للمسلمين، وبعد الصلاة تجتمع كل عائلة وأصدقاء ومعارف فى منزل أحدهم حيث يقوم كل فرد منهم بإعداد طبق للمشاركة فى الاحتفال ليلتفوا حول مائدة الطعام، وفى غضون ذلك يتبادلون الهدايا سواء للكبار أو الصغار ولا تقتصر مناسك الاحتفال على الطعام بل يتخللها الغناء والرقص الجماعى وفى النهاية يتوجهون إلى المتنزهات للعب والفرحة معاً.

 

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 12/4/2023