محمد عباس: الدعوة إلى التكافل من المشتركات الإنسانية عند كل الأنبياء

صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه

التكافل والحث على عمل الخير فريضة إسلامية واضحة المعالم فى الفقه الإسلامي، كثرت فيها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.. وكان هذا الحوار حول هذا المعنى مع د.محمد عباس، أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين بالقاهرة، جامعة الأزهر.

ويؤكد د.محمد عباس، أن العمل الخيرى فى المنظور الإسلامى من أهم الأعمال العظيمة التى تحقق التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع الواحد، وقد دعا القرآن الكريم الأمة جمعاء لعمل الخير وقرنه بأعظم عبادة فى الإسلام وهى الصلاة، فقال سبحانه وتعالى: «يا أيّها الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تفلحون».

اقرأ ايضا

 دار الإفتاء توضح ثواب قضاء حوائج الناس وتفريج الكربات عنهم

فالعمل الخيرى عبادة من أجلّ العبادات وأعظمها، بل علامة من علامات الإيمان بالله ورسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن الذى يشبع وجاره جائع»؛ فالعمل الخيرى يقوم على أساس المواساة بين أفراد الأمة الخادمة لمعنى الأخوة، وهو يمثل مصلحة حاجية جليلة بها تحصل مساعدة المعوزين، وإغناء المقترين، وإقامة الكثير من مصالح المسلمين؛ وأوضح أن التجربة المصرية رائدة فى الوقوف «كتف بكتف» لخدمة الفئات التى تحتاج إلى مساعدة.

ثقافة إسلامية

ويوضح د.محمد عباس، أن العمل الخيرى الأهلى فى منظور الثقافة الإسلامية هو عمل يشترك فيه جماعة من الناس؛ لتحقيق مصلحة عامة، إنسانية، أو دينية، أو علمية، أو صناعية، أو اقتصادية، بوسيلة جمع التبرعات، وصرفها فى أوجه الأعمال الخيرية؛ بقصد نشاط اجتماعي؛ أو ثقافي، أو انتمائي، بطرق الرعاية، أو المعاونة ماديا، أو معنويا من غير قصد الربح لمؤسسيها؛ والعمل الخيرى الأهلى حسب الثقافة الإسلامية صورة من التعاون البناء بين أبناء الأمة، وهو بهذه الصورة فطرة طبيعية فطر الله الناس عليها.

فلا يستطيع أحد أن يعيش وحده؛ بل هو دائما يحتاج لمن يساعده ويعاونه من إخوانه، كما قال تعالى: (وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وهو أمر إلهى بالتعاون على الخير وأعمال البر على كل المستويات الحياتية.

مشتركات إنسانية 

ويشير أستاذ الثقافة الإسلامية إلى أن المتأمل فى نصوص الرسالات السماوية الكبرى يدرك أن الدعوة إلى العمل الخيرى من المشتركات الإنسانية فى جميع دعوات الأنبياء والرسل من لدن آدم إلى خاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويشهد لهذا قوله تعالى مخبرا عن الأنبياء والمرسلين: «وجعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة وكانوا لنا عابدين»، فقد أوحى الله لجميع الأنبياء فعل الخيرات فى مجتمعاتهم من الصدقة والمواساة ومساعدة ذوى الحاجات وأمرهم أن يبلغوا قومهم أن يعملوا بهذه القيم الراقية.

 وجاءت الدعوة الصريحة من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للعمل الخيرى والسعى فى قضاء حوائج الناس وتفريج كرباتهم، وسداد ديونهم، وستر عوراتهم، وإطعام الجائع، وكسوة العاري، فقد قال «رسول الله صلى الله عليه وسلم» المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه.

ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة؛ وحث النبى صلى الله عليه وسلم على نشر ثقافة العمل الخيرى التطوعى الذى يقوم على التكافل الاجتماعى بكل صوره، فقال صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له».

تجارب صادقة

ويضيف د. محمد عباس أن من صور التكاتف والتكافل التى سجلها التاريخ بحروف من نور فى تاريخ العمل الخيرى والإغاثى فى تاريخ المسلمين، خاصة فى أوقات الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التى يمر بها المجتمع ما سجله التاريخ فى العصر النبوى من تكافل وتعاون بين المهاجرين والأنصار.

حتى قالت الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقسم بيننا وبينهم النخل، قال: لا، قال: يكفوننا المؤونة ويشركوننا فى التمر، قالوا: سمعنا وأطعنا)، وهو نموذج فريد من العمل الخيرى التكافلى ينبغى أن يطبق فى مجتمعاتنا المعاصرة فى ظل ما نشهده من أزمات متتالية أرهقت المعوذين وأصحاب الحاجات.

ويضيف د. عباس أن العمل الخيرى فى المنظور الثقافى الإسلامى يشمل جميع أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن دياناتهم وألوانهم وعقائدهم، وذلك بإغاثة المحتاجين والملهوفين منهم؛ خاصة فى أوقات الأزمات  كالزلازل، والفيضانات، والغلاء وارتفاع الأسعار وكثرة العوز، قال الله تعالى: و«من أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعا».

ويتابع د.محمد عباس أن للعمل الخيرى فى ضوء ثقافة الإسلام مجالات عظيمة فهو يغطى كل الفئات المحتاجة من المجتمع من اليتامى والأرامل والمساكين والفقراء، والمعسرين وأصحاب الديون والمشردين وأبناء الشوارع وغيرهم، والمنكوبين والمتضررين والضعفاء والمحاويج ممن يمثلون ظواهر سلبية فى المجتمع لتحل محلها ظواهر إيجابية بناءة تجعل المجتمع كالجسد الواحد يسوده الأمن والأمن والمحبة والتعاون.

وقرر علماء الإسلام ضرورة وجود مثل هذه المبادرات الاجتماعية التى هى أساس العمل الخيرى خاصة فى وقت الأزمات، وأوجبوا على الأمة أفرادا وولاة أمر القيام بهذا الواجب الأهلي.