حكايات| اعتمدت على «أفلاطون».. «تريزا» تغير حياة الأمهات والأطفال

تريزا خلال إحدى جلساتها مع الأطفال
تريزا خلال إحدى جلساتها مع الأطفال

قررت تريزا "34 عامًا" وهي أم لطفلين، تغيير المجتمع للأفضل وتوفير «مساحة» آمنة توفر كل الإمكانيات التي تبني الطفل المصري في مختلف مناحى الحياة ليخدم بلده ومجتمعه بصورة مشرفة أمام كل دول العالم.

ونشأت تريزا في حي جامعي القمامة وكانت ترى دائما العديد من المشكلات الأسرية والمجتمعية وكذلك العادات والتقاليد الموروثة التي تهدم كل ما هو جميل بداخلها، لذا كانت تحلم بتغيير كل ذلك وأن تبنى حياة جديدة لهذه الأسر وتوفير «مساحة» إبداع وابتكار خاصة للطفل يستطيع فيها التعبير عن نفسه وتغيير النظرة المجتمعية له بأنه مجرد طفل صغير لا يعي شيئًا وأن الإهانة لا تمثل له شيئا سواء كانت نفسيا أو جسديا.

وبحثت عن التوعية بأهمية نشر ثقافة احتضان الطفل وشعوره بالحب والأمان من أول يوم له في الحياة ومدى تأثير ذلك في نشأته بشكل سوي ليكون نافعا لنفسه ولأسرته وبلده، وبالفعل ظل هذا الحلم يراودها منذ نعومة أظافرها وظل يكبر معها حتى استطاعت تحقيقه.

اقرأ أيضا| حكايات| «مطابخ العالم» في قلب القاهرة.. «الحلو إندونيسي.. والخبز أوزبكي»

وتقول تريزا إن حكايتها بدأت منذ الصغر عندما اكتشفت أنها تهوى الرسم والفنون بشكل عام، وكان شغفها الدائم هو استغلال موهبتها فى إيجاد سبل لتعليم الأطفال بطرق مبتكرة ومختلفة وغير تقليدية، ولتكتمل هوايتها وحلمها فى التوعية والتغيير مع دراستها كانت تتمنى أن تلتحق بكلية الآداب قسم علم النفس لتتعلم كيف تتعامل مع ذاتها والآخرين بشكل عملى ومدروس، لكن التنسيق لم يسمح لها بذلك والتحقت بقسم الفلسفة، وظلت تصر على حلمها فقامت بدراسة أسس المشورة وحصلت على العديد من الدورات التدريبية فى مجال علم النفس لتكون لديها القدرة على مساعدة من حولها جيدا.

ولم تكتفِ بذلك بل اتخذت القرار ببدء الحياة العملية على أرض الواقع، فالتحقت بالعمل فى مجال التنمية المجتمعية بعد إنهاء دراستها الجامعية مباشرة، أي منذ نحو 14 عاما، وظلت تقرأ وتتعلم المزيد وعملت أيضا في مؤسسات مجتمعية تخدم الأطفال، حتى فقدت عملها أثناء فترة جائحة كورونا، حينها شعرت بأن حلمها يضيع لكنها لم تستلم وقررت الاستكمال بمفردها.

حكايات| حكايات من دوري المظاليم (5) .. «مصطفى بوتا» مهاجم «فليسوف»‎‎

وهنا بدأت رحلتها مع مبادرة «مساحة» لتعمل مع أطفال الحي الذي نشأت به فى «منشية ناصر» من عمر 6 وحتى 15 سنة وتوجيههم بشكل صحيح وللقضاء على العنف الذى يتعرضون إليه، فضلا عن الاهتمام بالجانب التعليمى للأطفال وتعليمهم الكتابة والقراءة لمساعدتهم على استكمال رحلتهم بشكل أفضل.

«ع المصطبة»

ونفذت ذلك من خلال برامج معتمدة مثل برنامج أفلاطون وبرنامج اجتماعي مالي، فضلا عن قيامها بابتكار برنامج خاص بها، وأطلقت عليه اسم «التعليم غير التقليدى» لتقوم فكرته على استطاعة الطفل البسيط التعرف على جسده وعلى العالم من حوله عن طريق التعلم النشط والفنون سواء كان ذلك بالأغانى أوالمسرح أو الأعمال الفنية كالرسومات والتلوين، وكذلك تزيد لديه القدرة على التغيير من نفسه وإيجاد حلول قوية لحل المشكلات والنزاعات بينه وبين أقرانه.

ولتكتمل المنظومة الأسرية، أعدت تريزا برنامج «ع المصبطة» للتحدث مع الأمهات وتغيير وعيهن بشأن أطفالهن وعدم تكرار التجارب التى كانت تراها مع الصغار حولها وظلت عالقة فى ذهنها حتى الآن، فتعلم الأم كيف تقبل أطفالها وتقبل صفات كلٍ منهم وكذلك تقبل الخطأ وتعليمهم كيفية الاستفادة منه، وهذا يهدف إلى زيادة الوعى لديهن بالتعامل مع كل ما يخص أفراد الأسرة من خلال مساحة آمنة تستطيع الأم فيها أن تتكلم وتشارك بكل ما يدور بداخلها، وبالفعل استطاعت العديد منهن تخطى العديد من العقبات ورؤية الأمور بشكل أوضح ليكون ذلك من الرسائل الجميلة التى تعطيها القدرة على استكمال الرحلة رغم صعوبتها، وبذلك أصبحت مبادرة مساحة – التى تعمل بشكل تطوعى من الألف للياء - تخدم حاليا أكثر من ١٢٠ طفلا و٥٠ أمًا تساعدهم على إدارة الحياة بشكل أفضل داخل مجتمعهم ومواجهة التحديات والمشاكل النفسية والاجتماعية الموجودة وأهمها ظاهرة العنف.

الحلم!

واختتمت تريزا حديثها بأنها تحلم بأن تصبح «مساحة» كيانا قانونيا، وهى بالفعل تسعى جاهدة لتحقيق ذلك، متمنية أن يحمل هذا الكيان اسم «أكون لتنمية الطفل والمجتمع»، وهدفها الرئيسى هو أن الطفل يكون له دور مؤثر منذ الصغر ليصبح مبادرا ويستطيع القيام بمبادرات اجتماعية وبيئية تخدم المجتمع فيما بعد ولتقليل العنف الموجود فى المجتمع، وتكون نظرة الطفل لنفسه واضحة ويستطيع أن يفهم ويكتشف ذاته بشكل أفضل وكذلك لتوعية الأم بكيفية التعامل مع طفلها، وأن تعى أنه رزق من الله تعالى يجب الحفاظ عليه ومساندته حتى يصل لبر الأمان.