دماء قبل مدفــــــع الإفطار l مقتل خفير بعد تقييده بالحبال .. لسرقة هاتفه

الضحية
الضحية

الشرقية: إسلام عبدالخالق

 «اتقي شر من أحسنت إليه».. حكمة قالوها من سبقونا منذ زمنٍ سحيق للتحذير من مغبة الثقة الزائدة في غير محلها، والحذر كل الحذر ممن قد يرق قلبك لهم وتعطف عليهم يومًا ما، فبين هؤلاء ربما كان الخطر كامنًا ومحدقًا بك بين طرفة عينٍ وانتباهتها إذا ما أفرطت أنت في الثقة أكثر من اللازم، لكن للأسف هناك من لا يزال يتعامل مع الدنيا وناسها بقلبٍ لم تلوثه الظنون، وبين هؤلاء ضحية قصة اليوم والقضية التي شغلت الرأي العام منذ اليوم الأول لشهر رمضان داخل مدينة العاشر من رمضان في محافظة الشرقية.

على بُعد أمتار من وسط المجاورة السادسة في مدينة العاشر من رمضان في محافظة الشرقية، وداخل أحد العقارات التي لا تزال في طور الإنشاء، ومع انتهاء اليوم الرابع من أيام الشهر الفضيل، فوجئ الجميع بقوات الأمن وسيارت الشرطة تتوقف ويترجل منها رجال مباحث قسم شرطة أول العاشر من رمضان يتقدمهم أحد المتهمين ويديه مقيدة بالكلابشات لأجل تمثيل الجريمة التي طالما بكت لأجل تفاصيلها القلوب قبل العيون.
ترجل المتهم يحيط به رجلان من رجال الأمن، وما أن دلف العقار الذي هو تحت الإنشاء وفُكت قيوده حتى راح يُمثل الجريمة التي ارتكبها قبل سويعات من رفع آذان مغرب اليوم الأول من أيام شهر رمضان، وقبل أن يشرع في تمثيل جريمته قص ما سبق وسرده أمام جهات التحقيق في مدينة العاشر من رمضان.

مع الأسرة
المشهد الأخير رغم روتينيته إلا أنه انتهى بتفاصيل بدت غريبة حين سردها المتهم أمام جهات التحقيق في مدينة العاشر من رمضان؛ إذ أكد ارتكابه جناية قتل المجني عليه بهدف السرقة، منوهًا بأنه قد بدأ وشرع في سرقته إلا أن المجني عليه شعر به فعاجله المتهم بالضرب فوق رأسه مستخدمًا عصا خشبية، وحين سقط المجني عليه أكمل المتهم جريمته بأن قيده بالحبال ووالى ضرباته على رأسه عدة مرات حتى تيقن من مفارقته الحياة، لتوجه جهات التحقيق في مدينة العاشر من رمضان للمتهم تهمة القتل العمد المقترن بسرقة هاتف المجني عليه، وتأمر بحبسه على ذمة التحقيقات.

الجانب المؤلم حقًا في الأمر كان مع ما تفوهت به أسرة القتيل وسردهم تفاصيل ربما كانت سببا فيما جرى له، لكنها أسباب لا تشوبها شائبة السوء؛ بعدما سبق وأكرم المجني عليه المتهم عدة مرات وكان يقتطع من رزق أسرته لأجل أن يعطف عليه ويحمل همومه سواء كانت بتوفير مسكن أو حتى توفير نقود اقتراضٍ كانت أو هبة.
تقول زوجة المجني عليه: إن المتهم قد جحد بما قدمه له زوجها، مضيفةً: «عض الإيد اللي اتمدت له وغدر بجوزي بعد ما سبق وساعده أكتر من مرة.. لما المتهم قال عاوز أعمل عربية فول بس مش معايا فلوس للسكن، جمال جوزي ساعده، منه لله القاتل كان كل ما يعمل عربية في مكان مينفعش وآدي آخرة الإحسان قتل الرجل اللي وقف جنبه وغدر بيه».

وتابعت في إشارة إلى سبب تربص المتهم بزوجها المجني عليه: «من فترة ابني كان حاطط موتوسيكل بتاعنا في المدخل وفجأة لقينا الموتوسيكل اتسرق، لم نشك لحظة في القاتل وبدا حزينا امامنا على خسارتنا هذه، لكن الجيران عرفنا منهم إن اللي سرق الموتوسيكل هو، وجوزي راح القسم وعملنا محضر علشان نخلي مسؤولية، بس اللي حصل ضايق القاتل وخطط لغاية ما قتل جوزي».
وأردفت: «بعد المحضر اتربص بجوزي وقتله الساعة 3 ونصف قبل فطار أول يوم رمضان»، قبل أن تنهار الزوجة وتغلبها الدموع: «جوزي قال لي قبلها هروح أنور نور المدرسة وهاجي على الفطار، بس لما المغرب أذن مجاش، قولت يكون حد اتعور وراح معاه ولا حاجة هو بيحب عمل الخير، وقعدنا للفجر نستناه مجاش، روحنا عملنا محضر تاني يوم ونشرنا صورته على النت، المباحث فرغت الكاميرات لقيوه مقتول في البيت المهجور واللي قتله رابط إيديه ورا ضهره ومكسر دماغه وخنقه بحبل وضاربه على دماغه وكافي وشه في الرمل.. عمل إيه علشان يحصل فيه كل ده».
كفكفت الزوجة المكلومة دموعها قبل أن تؤكد على أن زوجها ترك برحيله أبناءهما الثلاثة: «سايب محمد وأحمد والبنت عندها 5 سنين، بنتي كانت روحها في أبوها مش عارفه أصبرها ولا أصبر نفسي إزاي.. حسبنا الله ونعم الوكيل».
وأكدت أسرة المجني عليه خلال حديثهم لـ «أخبار الحوادث»، على أن الجريمة مرعبة وأن حق المقتول أمانة في عنق الجميع، وهم على يقين أن حقه بالقصاص سيأتي من خلال حكم القضاء العادل.

بلاغ الواقعة
كان اللواء محمد صلاح، مساعد وزير الداخلية مدير أمن الشرقية، تلقى إخطارًا من اللواء محمد الجمسي، مدير المباحث الجنائية في مديرية أمن الشرقية، يفيد بورود بلاغ لقسم شرطة أول العاشر من رمضان بالعثور على جثة المدعو «جمال. و. م»، 54 سنة، خفير، مقيم في مدينة العاشر من رمضان، جثة هامدة، وذلك في عقار تحت الإنشاء وسط المجاورة السادسة بدائرة قسم شرطة أول العاشر من رمضان.

انتقلت الأجهزة الأمنية إلى موقع البلاغ، وتبين من المعاينة الأولية العثور على الجثة في عقار تحت الإنشاء في المجاورة السادسة بدائرة قسم شرطة أول العاشر من رمضان، فيما تبين وجود إصابات بالجثة نتيجة التعرض لـ الضرب بآلة حادة على الرأس، تم نقل الجثة من قبل مرفق الإسعاف إلى مشرحة مستشفى الأحرار التعليمي في مدينة الزقازيق، وبالعرض على جهات التحقيق في مدينة العاشر من رمضان طلبت تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة وملابساتها وكيفية حدوثها، وأمرت بانتداب أحد الأطباء الشرعيين لمعاينة الجثمان وتشريحه لبيان سبب الوفاة وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة فيها، وكلفت رجال المباحث بسرعة تحديد هوية المتهم وضبطه.
تم تشكيل فريق بحث جنائي بمشاركة قطاع الأمن العام ورجال مديرية أمن الشرقية؛ حيث توصلت الجهود إلى أن وراء ارتكاب الواقعة شاب في منتصف العشرينيات من عمره، له معلومات جنائية، مقيم بدائرة مركز شرطة مطاي في محافظة المنيا وله محل إقامة آخر، وتبين أن المتهم قد ارتكب جريمته ولاذ بالفرار إلى مسقط رأسه ومقر إقامته في مركز مطاي في محافظة المنيا.

عقب تقنين الإجراءات وبالتنسيق مع مديرية أمن المنيا، تم استهداف المتهم وأمكن ضبطه، وبمواجهته أقر واعترف بارتكاب جريمة قتل المجني عليه، منوهًا بأنه قد دلف إلى العقار محل الواقعة بقصد السرقة، لكن لدى شعور المجنى عليه بتواجده تعدى المتهم عليه بعصا خشبية على رأسه حتى أفقده الوعى وقام بتوثيق يديه من الخلف بحبل وتعدى عليه بذات العصا ما أدى إلى وفاته في الحال ثم استولى المتهم على الهاتف المحمول الخاص بالمجني عليه ولاذ بالفرار والهرب.
وأكد المتهم؛ على أنه قد تخلص من الهاتف المحمول الخاص بالمجني عليه خشية تتبعه، فيما تحرر عن ذلك محضر بالواقعة، وبالعرض على جهات التحقيق في مدينة العاشر من رمضان وجهت للمتهم تهمة القتل العمد المقترن بالسرقة، وأمرت بحبسه لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد له في الموعد القانوني.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 6/4/2023

أقرأ أيضأ :