في يومهم العالمي| الشاي الأسود والسعادة بشفرات حلاقة.. أسرار الغجر في مصر

صورة موضوعية
صورة موضوعية

في الثامن من أبريل من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للغجر، وقد بدأ الإعلان عن هذا اليوم رسميا في عام 1990 في سيروك بولندا .

و شعب الغجر أو شعب الروما من أكبر الأقليات الإثنية في القارة الأوروبية، وأشدها تعرضا للاضطهاد والعزلة الاجتماعية

وتوجد آراء مختلفة بشأن تاريخ الغجر وأصولهم، منها أن هؤلاء الأقوام أصلا من شعوب الهند وإيران ومناطق وسط وجنوب آسيا، هاجروا من أراضيهم في حوالي القرن الرابع الميلادي، وأوضح بعض المؤرخين أنهم في أواسط القرن الخامس عشر (1440م تقريبا) وصلوا إلى مناطق المجر وصربيا وباقي بلاد البلقان الأخرى، ثم بعد ذلك انتشروا في بولندا وروسيا، واستمر انتشارهم إلى أن بلغوا السويد وإنجلترا في القرن السادس عشر الميلادي، كما استوطنوا في إسبانيا بأعداد كبيرة.

وتنقسم شعوب الغجر أو شعب الرّوما بشكل أساسي إلى الرومن في أوروبا والنوار والكاولية والدومر في الشرق الأوسط، بعضهم يتكلم لغة مشتركة قد تكون من أصل هندي، وبعضهم لهم ثقافة وتقاليد متشابهة، وحتى أواخر القرن العشرين ظلت شعوب الغجر تعيش حياة التنقل والترحال. وللغجر أسماء مختلفة باختلاف اللغات والأماكن التي يتواجدون فيها، وهم من بين الشعوب التي تعرضت للاضطهاد من قبل الحكم النازي. وحددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في العام 1992 اليوم العالمي للغجر في الثامن من أبريل من كل عام، وذلك للتذكير بمعاناة الغجر حول العالم، وما يواجهونه من تمييز واضطهاد، إلى جانب التعريف بثقافتهم والاحتفاء بها.

 

 الغجر في مصر: 

 

تذكر بعض الدراسات أن "الغجر" الموجودين فى مصر نزحوا إليها من أوروبا الشرقية، وقال آخرون من الهند، قدموا إلى مصر فى عهد محمد على مع سرقة القوافل فى الصحراء ثم انتشروا فى قرى مصر وصحاريها مثل حى غبريال بالإسكندرية وقرية طهواى بالدقهلية وكفر الغجر بالشرقية وحوش الغجر بسور مجرى العيون وقرية سنباط والمقطم وأبو النمرس ومنشية ناصر، ولا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد الغجر فى مصر.

 

من نسل قابيل 

تقول التوراة إن الغجر جاءوا من نسل قابيل ابن آدم عليه السلام واعتبرتهم الفئة الملعونة بعد قتل قابيل لأخيه هابيل لأن آدم دعا علي قابيل وذريته بالتشتت في الأرض. 

 

ويكسب الغجر عيشهم من الغناء والرقص وهؤلاء يسمون الغوازى، وقراءة الطالع والأراجوز وألعاب السيرك مع حيواناتهم، كما برعوا فى الربابة والمزمار وأكثرهم شهرة كان الريس "متقال"، وابن عمه شمندى، والفنانة خضرة محمد خضر، كما تنحدر منهم عائلة الحلو.

 

خلال فترة الأربعينيات، وفي منطقة فم الخليج بالقاهرة تحديدًا، كانت توجد دولة داخل الدولة وهي «مدينة الغجر»، وكان يحكمها رجل في الخمسين من عمره يدعى الشيخ سيد إبراهيم سلمان، الذي ورث إمبراطور الغجر عن أبيه، وهو صاحب الرأي فيهم.

 

ومدينة الغجر كانت محاطة بأسوار عالية من الطوب النئ، بها بيوت ودكاكين كلها من الصفيح والقش، والبيت عبارة عن حجرة واحدة ليس بها نوافذ.

 

كان كل رجل وامرأة وطفل في هذه المدينة يؤدي عملا مدربا عليه منذ نعومة أظفاره، وليس فيها من لا عمل له سوى رب الأسرة الذي كان يجلس أمام عشته عند الغروب ينتظر زوجته وأولاده من الصبية والفتيات وكل منهم قد صر النقود التي حصل عليها في منديل ثم يلقى به في حجر أبيه، وكان يبلغ دخل رب الأسرة من 5 إلى 10 جنيهات في اليوم الواحد.

ونشرت مجلة آخر ساعة بتاريخ 13 أبريل 1949 قصة الغجر على لسان الشيخ سيد إبراهيم سلمان الذي بلغ إيراده الشهري في ذلك الوقت 100 جنيه؛ حيث قال: لسنا غجرا إننا عرب من سلالة الزير سالم، إنما الغجر هم الذين لا صناعة لهم ولا حرفة، إنما قومي ليس فيهم رجل أو امرأة أو طفل ألا يؤدي عملا يرتزق منه.

 

ومضى في حديثه وقال: الرجل الغجري إما أن يكن مداحا كأولئك الذين يطوفوا بالموالد أو مبيض نحاس أو ماسح أحذية ومنهم طائفة تمارس الصناعات الميكانيكية الخفيفة مثل تصليح الأقفال والمفاتيح، أما الشاب الغجري فهو الذي يعرض ألعابه في الطرقات كأكل النار والنوم على المسامير وسائر الألعاب المختلفة التي تكون في الموالد، والأطفال يجمعون أعقاب اليانصيب.

 

 والمرأة الغجرية قال عنها الشيخ سيد: تقوم بطهارة الأطفال والوشم وضرب الرمل وغزل الصوف والغناء في المقاهي وهم يسمى بالغوازي، أما الفتيات فيقمن ببيع أوراق اليانصيب.

 

كان الغجر لا يعرفون الطب فهم يعيشون عيشة بدائية يعتمدون فيها على أنفسهم ويعالجون أمراضهم بالأعشاب فإذا شعر أحدهم بالروماتيزم أو بالرطوبة على حد تعبيرهم قديما فعلاجه الوحيد كان الكي بالنار.

 

كما كان يكتب الغجر لأولادهم وبناتهم السعادة بشفرات الحلاقة في المهد لأنهم كانوا يحرصون على مستقبلهم منذ ولادتهم، فهم يتخيرون طفلا منهم وغالبا ما كان ضعيف البنية ويقطعون يديه بشفرة حلاقة ثم يضمون الجرح بتراب الفحم، فبهذا يضمنون له حياة الرغد، لأنه سوف يتسول بيده.

 

 وفي مدينة الغجر مدرسة للشحاذين يتخرج فيها الصبية والفتيات بعد أن يتدربوا تدريبا عمليا على الشلل والعرج والعمى وسائر العاهات.

 

وكان أول دليل الحب بين الغجر هو أن ينقش الفتى الغجري صورة الفتاة الغجرية على صدره وفوق قلبه بالوشم الأخضر حتى تتأكد الفتاة على صدق حبه ثم تطلب أن تشتريها من أبيها، لأن الزواج والطلاق لا يصاغ فيهما عقد على يد المأذون ولا تستعمل العبارات المتداولة بين الناس، فالزواج لديهم أن يذهب الغجري إلى والد الغجرية ويطلب أن يشتري منه ابنته.

 ويتفاوت ثمن الغجريات ليس بجمالها إنما بما تكسبه، فكلما زادت دخل الفتاة من عملها التي تمارسه كلما ازدادت ثمنها عند أبيها، وهذه هي المرة الأولى والأخيرة التي يدفع فيها العريس نقودا.

 

وفي حالة الطلاق لا يدفع الغجري مؤخر أو نفقة إنما يطالب زوجته بمبلغ من المال يحدده هو ثمنا للطلاق حتى ولو كان هو الراغب عن المعيشة.

 

 وكان إذا تخاصم أو تنازع اثنين من الغجر لا يلجآن إلى البوليس ولا يتقاضيان أمام المحاكم، إنما يذهبون إلى الزعيم ثم يطلبان منه دعوة أقطاب المدينة لأن أحدهما يريد أن يعادي الثاني.

 

ويجلس الجميع حول النار ويدور عليهم الشاي الأسود وفي أثناء ذلك يكون المتنازعان قد وضع كل منهما جميع ما يمتلك من نقود أمامه، ويتناول المتحدي ورقة مالية من أمامه ويلقيها في النار ويتناول زميله ضعف المبلغ ويلقيه هو الآخر طعمة للنار وهكذا يظل كل منهما يحرق ضعف ورق الآخر إلى أن تفرغ النقود أمام أحدهما فينهض مهزوما، ويمشي بعد هذه الهزيمة مطأطئ الرأس إلى أن يجمع ثروته مرة أخرى.

 

أما الفائز فإنه يتقبل التهاني ويخرج مرفوع الرأس، فكان للغجر فلسفة خاصة بهم يعتقدون أن المادة هو كل شيء في الحياة والرجل يوزن في عقيدتهم بما يملك من مال، فكان من الغجر يشعل سيجارة بمائة جنيه ومنهم من يعود من سهرته آخر الليل راكبا تاكسي.

 

كما كان للغجر تقاليد وعادات موروثة فكانت لهم أغاني وموسيقى خاصة مثل الأغنية التي كان يتغنى بها أهل الصعيد وعنوانها "في الأودة الجوانية" من وضع وتلحين الغجر:

وقالت تعالى حدادى .. حبك ساكن في حشاي

 

اعمل لك براد شاي .. في الاوده الجوانيه

 

وقالت تعالي وبات .. يا مبرم الشنبات

 

افرش لك الكنبات .. في الاوده الجوانية

 

ومن أغانيهم المشهورة أيضا "أحمد ويا أحمد يا بو الود يا غالي" و "يا عم يا بو الحسن ما تحوش حسن عنا".

 

المصدر مركز معلومات أخبار اليوم

إقرا أيضا| في يومهم العالمي.. من هم الغجر وما الوظائف التي برعوا فيها؟