عبدالحق بن رحمون يكتب: ودثّرتْنى، يابذرةُ التّجلى، ياذَا السَّائِلُ ذاتَ الْمَعْشوقِ اللَّيْلُ لِى وَحْدِى،وإِنْ نَادَيْتَ رُوحَ الحَرْفِ ، اُسْكُبِ النَّهْرَ فى مَجَرَّةٍ وكُنْ عِبْرَةً فى فَمِ الْعُصْفُورِ يَاذَا السَّائِلُ على الْحالِ والرُّوحِ، إِذا صارَتِ الْكَلِمَةُ فى عُمْقِ الْبَحْرِ ، إِلَيْكَ عَنِّى ولا تَتْبَعْنِى، هَلْ أَتْبَعُ النَّهْرَ ، وأَمْ أُقَلِّدُ اللَّيْلَ الْوِسَامَ ، إذا قُلْتَ فى خاطِر الْحُلْمِ، «حَمامَةٌ..حَمامةٌ..حَمامةٌ» اُكْتُبْها أَكْثرَ مِنْ مَرَّةٍ.
ولتَخْرُجَ كَلِماتُها مِنْ كَلِماتٍ، اُذكُرْها فى الْوِرْدِ ، واُذكُرْها فى نِصْفِ فاكِهَةِ الشَّمْسِ ولا تَنْسَ الْحِجارَةَ، وتَكَلَّمْ إلى حَجَرٍ تَواجَدَ على زاوِيَةِ الكَوْنِ وتَهامَسْ مع الْماءِ لَيْلاً،فهَلْ يَرْحَلُ النَّهْرُ لَيْلاً.
ويَصُبُّ قَطْرَةً فى دائِرَةِ الْحَقّ.
الكنزُ المَكْنُون
بابُ الْمَعْشُوقِ..وبابُ الْوَشْى إِذا دَنَتْ مِنْهُ غَزالَةٌ،
رَأَيْناهُ فى بَيْتِنا حَدِيقَةً
وإطاراً مِنْ غَيْرِ مَرَايا.
هُما شَجَرتانِ.. تتَهَيَّآنِ
لِتخْلُدا فى ميزان الذهب
كَأَنَّهُما يَدانِ مَمْدُودَتانِ
تَتحابّانِ آخَرَ الوَقْتِ..
كَأَنَّهُما فى أَوَّلِ الْبَحْرِ..
أوَّلِ صَلاَةٍ...
وأكُفُّهُما مَمْدُودَةٌ لِلْحَقِّ
هُما يَتَحابّانِ لِغايَةٍ فى نَفْسِ الثِّمارِ
كَآيَةِ صِلَةِ
الرَّحِمْ
مَنْ يَقْطِفُ أَوَّلَ الْحَرْفِ
لا يَظْمَأُ ولا يَجُوعْ.
هُما صُورَةٌ أَصْلِيَّةٌ
لِصُوَرٍ قاحِلَةٍ فى الْجَليدْ
مَجْنُون العِشق
أقُولُ الْوَداعْ
أَغِيبُ عَنْكُم
فى رَجْحَةِ إِناءْ
وتَدَحْرُجِ كُرَة ثَلْجٍ.
وفى ساقِيَةٍ أَلْعَبُ
تَحْتَ سَوالِفِ الأيَّامْ.
طُيورٌ تُواجِهُ مَصِيرَ الوَداعْ.
تُواجِهُ جَبلَ الثّلْجِ.
تُواجِهُ آخِرَ قَطْرَةٍ مِنْ دَالِيَةٍ
سَماوِيّةٍ .
أَجْمَلُ صُورَةٍ
تَبْتَسِمُ للْمَدِيحِ،
لا تَتْرُكُونِى أَنْسى!
فَأنا كُنْتُ سَحابَةً
أَمْطَرَتْ فى الْغِيابِ.
اَلْوَداع..
ففى اللَّيْلِ عُزْلَةٌ تامَّةٌ.
أنتُما النّهْرُ العَظيمُ
وضِفَّتانِ مُتَجاوِرتانِ فى بَدَنِى.
نُورُكُما أُبْصِرُهُ فى رَواسِى الجِبال.
صُورَتى صُوَرَتُكُما. أَنْتُما أنا.
أنتُما إشْراقَةُ مَوْلاى فى الْقَلْبِ..
وأَنْتُما النَّهْرُ الْعَظِيمُ
وضِفَّتانِ فى بَدَنِى.
التَّقييد
31 أكتوبر 1969:
تَعنِى لِى الْوِلادَةَ.. الرُّؤيَةَ إلى أوَّلِ مَنِ احْتَضَنَنِى صَدْرُهُ وأنا مُنسابٌ
بِموسيقى الْحَنين. ومُذْئِذٍ نَبَتَتِ الْمُوسيقى أفنانَ تِلالٍ خَضراءَ إلى أَنْ صارَ العُمْرُ شَجَرَةً..
اَلأبُ شَجَرَةٌ
اَلأمُّ شَجَرَةٌ
وفى الْيَقِينِ رُؤى ورُؤَى.
أَجْمَلُ الحَيَواتِ
عِشْتُها مَع وَالِدِى ووالِدَتِى
رَحْمَةُ الله عَلَيْهِما
وماتَزالُ رُوحُهُما
والرُّؤيَةُ إلى صُوَرِهِما
تَطُوفُ
حَوْلِى،
أَشْتَمُّ عِطْرَها في
إلْهامِى وحَرْفى..
أَتنَفَّسُ ذِكْرَياتِنا
وأَمْضِى فى بُراقٍ..
لِأَنْظُرَ إلى أُلْفَةِ
جَبَلٍ
النَّظَرُ إِلَيْهِما أَوْسَعُ مِنْ زَهْرِ
القَمَرْ،
أَراهُما فى جَبَلٍ
يَحُومَانِ كَطَائِرَيْنِ.
أُحَدِّثُهُمَا
فى صُورَتِهِما أَكْثَرَ مِنَ الْجِبالِ.
أُحَدِّثُهُما فى أبْعَدِ مَسافَةٍ ضَوْئِيَّةٍ
مِنْ خَرِيرِ الأثَرِ.
