وزير الأوقاف: من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه لطف الله في جوف المخاطر

الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بأن من أسماء الكمال والجمال والعظمة لله (عز وجل) اسمه (عز وجل) "الجبَّار"، واسمه (عز وجل) "القهَّار"، واسمه (عز وجل) "المتكبِّر"، واسمه (عز وجل) "القاهر"، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ".

اقرأ أيضا|وزير الأوقاف: برنامج سفراء التلاوة ترسيخ لريادة القراء المصريين العظماء

وتابع الوزير خلال كلمة له علي صفحتك الرسمية علي موقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك :، وعن عوف بن مالك الأشجعي قال: "قُمتُ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ليلةً، فقامَ فقرأَ سورةَ البقرةِ، لا يمرُّ بآيةِ رحمةٍ إلَّا وقفَ فَسألَ، ولا يمرُّ بآيةِ عَذابٍ إلَّا وقَفَ فتعوَّذَ، قالَ: ثمَّ رَكَعَ بقَدرِ قيامِهِ، يقولُ في رُكوعِهِ: سُبحانَ ذي الجبَروتِ والملَكوتِ والكِبرياءِ والعَظَمةِ"، فالكبرياء لله، والعظمة لله (عز وجل) لا ينازعه في ذلك أحد من الخلق، ففي الحديث القدسي يقول رب العزة تبارك وتعالى: "الكِبرياءُ رِدائي، والعَظَمةُ إزاري، مَن نازَعَني واحِدًا منهما، قذَفتُه في النَّارِ"، وسئل سيدنا سلمان الفارسي (رضي الله عنه) ما السيئة التي لا تنفع معها حسنة؟ قال: "الكبر"، فإياك والتكبر على خلق الله، وإياك والاستعلاء على خلق الله، لقد نهانا الله (عز وجل) أن نتكبر على خلقه، فالكبرياء لله وحده والعظمة لله وحده، فمن نازع اللهَ واحدًا من ذلك قذفه رب العزة في النار، يقول (سبحانه وتعالى):" وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا"، ويقول (سبحانه وتعالى) على لسان لقمان في وصيته لابنه: "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ".

وأوضح الوزير أن اسم الله (عز وجل) "الجبار" له معنى آخر وهو من الجبر، جبر الخواطر، وفي حديث النبي (صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ) أنه كان يقول في دعائه بين السَّجدتينِ في صلاةِ اللَّيلِ: "ربِّ اغفِر لي وارحَمني، وعافِني، واجبُرني، وارفَعني، وارزُقني، واهْدِني"، فهو الجبار الذي يجبر خاطر عباده بالعطاء، ويجبر خاطر المريض بالشفاء، ويجبر خاطر من لا ينجب بالإنجاب، ويجبر خاطر المذنبين بالتوبة: "وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ"، وهو الذي يجبر الخواطر فمن أراد أن يجبر اللهُ خاطره فعليه أن يعمل على جبر خواطر الناس.
ولفت الوزير الي أنه من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه لطف الله في جوف المخاطر، فمن سار بين الناس جابرًا للخواطر يحنو على الضعيف والفقير والمسكين، ويطعم الجائع، ويئوي المشرد ويعين الكَلّ، يجبر خواطر الناس يجبر الله خاطره، فمن كان متأسيًا برسول الله (صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ) يطعم الجائع ويعين المكروب ويأخذ بيد الضعيف يجبر الله بخاطره في الدنيا والآخرة.

مؤكدًا أن عبادة خبر الخاطر عبادة عظيمة وخلق إسلامي رفيع وهي من أفضل العبادات يتخلق بها أصحاب النفوس العالية الراقية، ومن جبر الخاطر نقف عند قوله تعالى: "وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا"، لقد جبر الله خاطر نبينا (صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ) وخاطر أمته، حيث يقول (سبحانه) لنبينا (صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ): "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"، وفي حديث الشفاعة يسجد النبي (صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ) في ظل عرش الله يدعو ويقول: "يا رب أمتي أمتي! أمتي أمتي! أمتي أمتي! " فيقولُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ؛ أنت تقول أمتي أمتي! وأنا أقول رحمتي رحمتي!، وذلك قول الله (عز وجل): "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"، وقد حثنا النبي (صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ) على جبر خواطر الناس فقال (صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ): "من نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ في الدُّنيا يسَّرَ اللَّهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ، ومن سَترَ على مُسلمٍ في الدُّنيا سترَ اللَّهُ علَيهِ في الدُّنيا والآخرةِ، واللَّهُ في عونِ العَبدِ، ما كانَ العَبدُ في عونِ أخيهِ".

مشيراً الي أنه ومن أعظم ألوان جبر الخاطر جبر خاطر المحتاجين والضعفاء ولا سيما في هذا الشهر الكريم، جاء أعرابيٌّ إلى رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ) فقال , دلَّني على عملٍ يُدخلُني الجنةَ قال : "أطعمِ الجائعَ واسقِ الظمآنَ وأمرْ بالمعروفِ وانهَ عنِ المنكرِ فإن لم تُطِقْ فكفْ لسانَكَ إلا من خيرٍ"، ويقول النبي (صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ) "فقال: أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ تعالى سرورٌ تدخلُه على مسلمٍ: تكشفُ عنه كربةٍ أو تقضي عنه دينًا أو تطردُ عنه جوعًا ولأنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبُّ إليَّ من أن أعتكفَ في هذا المسجدِ - يعني: مسجدَ المدينةِ - شهرًا ومن كظم غيظَه ولو شاء أنْ يُمضيَه أمضاه - ملأَ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رضًا ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يقضيَها له - ثبتَ اللهُ قدميه يومَ تزولُ الأقدامُ "، نهانا الله سبحانه وتعالى عن كسر خاطر اليتيم والمسكين وعلمنا ذلك في سورة الضحى، حيث يقول سبحانه: "وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ"، الأمور بيد الله غني اليوم قد يكون فقير الغد، وفقير اليوم قد يكون غني الغد "وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ"، من جبر خاطر الناس جبر الله خاطره، ومن ستر الناس ستره الله، ومن أطعم الفقير أطعمه الله، ومن أطعم الفقير والمسكين والمحتاج أطعمه الله، ومن سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه لطف الله في جوف المخاطر.