« ليالي الحلمية ».. الأيقونة الخالدة

غلاف مسلسل ليالي الحلمية
غلاف مسلسل ليالي الحلمية

كتبت: ندى محسن

“منين بييجي الشجن.. من اختلاف الزمن.. ومنين بييجي الهوى.. من ائتلاف الهوى.. ومنين بييجي السواد.. من الطمع والعناد.. ومنين بييجي الرضا.. من الإيمان بالقضا”.. مَن مِنا لا يتذكر تلك الكلمات الشهيرة؟، بل وقد “يدندن” اللحن بمجرد قرائتها، ويسترسل معها باقي كلمات الأغنية.. هي مقدمة تتر البداية لمسلسل “ليالي الحلمية”، أحد أشهر وأنجح الأعمال جماهيرية في تاريخ الدراما المصرية، والذي عُرض أول أجزاءه عام 1987.. تلك الكلمات التي صاغها الشاعر سيد حجاب، ولحنها الموسيقار ميشيل المصري، وشدى بها المطرب محمد الحلو

على مدار 6 أجزاء كانت تتردد هذه الكلمات على مسامع وألسنة الجمهور من أبناء جيل الثمانينات والتسعينيات، وما زالت عالقة بأذهان ووجدان المصريين حتى يومنا، وأخذنا الحلو معه في رحلة مليئة بالشجن والحنين إلى أيام مرحلة تاريخية هي الأهم في تاريخ مصر الحديث، من نهايات عهد الملك فاروق حتى مطلع التسعينيات.

وما لا يعرفه الكثيرون أنه قبل إسناد مهمة غناء التتر لمحمد الحلو، كان من المفترض أن يقدمه علي الحجار بصوته، وهو المنافس الأول والأقرب للحلو على تقديم تترات الأعمال الدرامية آنذاك، وروى الحلو في تصريحات سابقة له كواليس اختياره لغناء تتر “ليالي الحلمية”، وأوضح أنه نشبت مشادة كلامية بين الشاعر سيد حجاب، والموسيقار ميشيل المصري بسبب اختلاف أرائهما حول الصوت الأنسب المقرر إسناد مهمة الغناء له، وتَمسك كل منهما بوجهة نظره لما يراه صائباً لصالح العمل، إذ أن الشاعر سيد حجاب كان يريد أن يكون التتر بصوت الحجار، بينما رشح ميشيل اسم الحلو، بل وتمسك برأيه وانتصر له، لإنه كان يرى أن صوته الأنسب والأقرب لطعم الحارة المصرية، والحي الشعبي.

يمتلك الحلو رصيد كبير من أغاني تترات الأعمال الدرامية المصرية، وأرتبط صوته إرتباطاً وثيقاً بالجمهور، خاصة في فترتي الثمانينيات والتسعينيات التي شهدت أزهى وأوج عصور التترات الدرامية، والتي إزدادت في تألقها عام تلو الآخر بعد الشرارة الأولى التي أطلقها الشاعر سيد حجاب بعد لقاءه بالموسيقار عمار الشريعي عام 1987، ولفت حجاب حينها إلى أهمية أن يقوم مطرب بغناء تترات المسلسلات، وأهمية عنصر الكلمة التي تخلق حالة من التوحد والتناغم مع أبطال وأحداث العمل. 

اقرأ أيضًا | صفية العمري.. كل مدخراتها ضاعت بسبب ليالي الحلمية

وحفر الحلو اسمه في عالم تترات الأعمال الدرامية، حيث قدم بصوته تترات أهم الأعمال التليفزيونية، أبرزها “زيزينيا، الوسية، بوابة المتولي، حلم الجنوبي، حياة الجوهري، دمي ودموعي وابتسامتي، نقوش من ذهب ونحاس، خالتي صفية والدير، أديب، الفارس العاشق، رحلة في نفوس البشر، البركان، لعبة الفنجري، هالة والدراويش، رمانة الميزان، المرسى والبحار، أحلام مؤجلة”.. وغيرها، إلا أن “ليالي الحلمية” هو أحد أشهر التترات التي قدمها على الإطلاق، ومازال صدى نجاحه يدوي حتى اليوم، حتى إن أغلب حفلاته الجماهيرية لا تخلو من نغمات اللحن الذي وضعه ميشيل المصري، وترديد الجمهور للجملة الأشهر “ليه يا زمن مسبتناش أبرياء.. واخدنا ليه في طريق مامنوش رجوع”.. ورغم أن هذه التجربة لم تكن الأولى التي تجمع بين الثنائي حجاب والحلو، إذ تعاونا سوياً عام 1982 من خلال مسلسل “أديب”.

ولم يكن تتر “ليالي الحلمية” فقط هو الأشهر أو الأنجح بين المسلسلات التي كتب أشعارها سيد حجاب، فقد أثرى الدراما المصرية بعدد كبير من الأعمال الشعرية التي لاقت نجاح وتجاوب وصدى قوي لدى الجمهور المصري والعربي، منها على سبيل المثال وليس الحصر، تتر مسلسلات “أرابيسك، المال والبنون، الشهد والدموع، من الذي لا يحب فاطمة؟، بوابة الحلواني، أبنائي الأعزاء.. شكراً، الوسية، “أميرة في عابدين، وقال البحر، شرف فتح الباب، العائلة، الليل وآخره، أوبرا عايدة، المصراوية، هوانم جاردن سيتي، الأيام”، وغيرها الكثير من الأشعار التي حجزت له مكانة مُميزة بين شعراء جيله حتى لقبه الجمهور بـ”ملك التترات”.