وجع قلب

المال لك والموارد للجميع

هبة عمر
هبة عمر

قرأت قصة لأحد الطلاب المغتربين يقول فيها «عندما وصلت إلى هامبورج رتب أحد زملائى جلسة ترحيب لى فى أحد المطاعم، وعندما دخلنا المطعم لاحظنا أن كثيرًا من الطاولات كانت فارغة، وكان عدد قليل من السيدات كبيرات السن يجلسن جانبًا»، وطلب زميلنا الطعام بكميات كبيرة وبعد أن انتهينا كان نحو ثلث الطعام مازال متبقيًا كما هو، وبعد دفع الحساب وقبل أن نصل الى باب المطعم سمعنا النداء علينا ووجدنا السيدات كبيرات السن يشرن إلينا خلال حديثهن مع مالك المطعم واكتشفنا أنهن غاضبات لإهدار الطعام المتبقى الذى دفعنا ثمنه كاملًا، ونظرت إلينا إحداهن بغضب شديد وهى تتصل بالهاتف لإستدعاء شخص ما، وبعد قليل وصل رجل فى زى رسمى وعرفنا أنه ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية وحرر لنا مخالفة بقيمة ٥٠ يورو وهو يقول بلهجة حازمة» اطلبوا كمية الطعام التى يمكنكم استهلاكها، فالمال لكم ولكن الموارد للجميع وليس لديكم عذر لإهدارها « وسدد زميلى قيمة المخالفة مع الاعتذار للجميع عن تصرفنا، وقام بتصوير تذكرة المخالفة وأعطى نسخة لكل واحد منا كهدية تذكارية.

هذه العبارة البسيطة «المال لك لكن الموارد ملك للجميع» شكلت معنى عميقًا للشعور بالمسئولية نحو الآخرين، وتقدير قيمة الموارد التى لا يجوز إهدارها لأى سبب أو إنفاقها ببذخ على حساب آخرين قد يكونون أشد احتياجًا، فهى مسألة وعى يدفع الى تغيير نمط العادات الضارة ومجرد إدراك أن قيمة ما يهدر سنويًا من الغذاء فى العالم يصل الى ثلث ما يتم إنتاجه من غذاء ويقدر بنحو ١.٣ مليار طن، وأن منطقة مثل شمال أفريقيا والشرق الأدنى على سبيل المثال يتجاوز الهدر فيها ٢٥٠ كيلو للفرد الواحد كل عام  أى ٦٠  مليار دولار أمريكى سنوياً وفقًا لتقديرات منظمة الأغذيه والزراعة بالأمم المتحده، فى منطقة تعتمد إلى حد كبير على الواردات العالمية من الأغذية ولديها طاقات محدودة لزيادة إنتاجها الغذائى  وتعانى من شحّ فى المياه والأراضى الصالحة للزراعة، ومجرد إدراك أن حجم إهدار الغذاء فى مصر وحدها يقدر بنحو ٩ ملايين طن سنويًا، يجعلنا نكتشف أننا دون أن ندرى نتسبب فى زيادة الجوع فى العالم وزيادة حدة تعقد حالة الاقتصاد.