قضية التحول الرقمي والتعليم عن بعد تفرض نفسها بمؤتمر اتحاد الجامعات العربية

 جانب من الحضور الكبير لرؤساء الجامعات العربية لمؤتمر اتحاد الجامعات العربية بتونس
جانب من الحضور الكبير لرؤساء الجامعات العربية لمؤتمر اتحاد الجامعات العربية بتونس

قضية ساخنة فرضت نفسها الأسبوع الماضي بالمؤتمر العام لإتحاد الجامعات العربية والذى يضم 390 جامعة عربية فى دورته رقم 55 والذى عقد بتونس فى ضيافة جامعتى سوسة والمنستير وكان على قمة الحضور كلٌ من د.أيمن عاشور وزير التعليم والبحث العلمي على رأس وفد كبير من الجامعات المصرية ود.منصف بوكثير وزير التعليم العالي التونسي.

كانت القضية الموضوع الأول والأبرز أمام المؤتمر وهى التعليم التقنى والتحول الرقمى والتعليم عن بعد وموقف الجامعات العربية منها.

 د. عمرو عزت سلامة يكرم كلا من د. أيمن عاشور وزير التعليم العالى و د.منصف بوكثير وزير التعليم العالى التونسى 

وأكد د.عمرو عزت سلامة الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية فى بداية كلمته فى هذا الشأن فى مجال التحول الرقمى أنه طبقا لتطورات العصر وتنامى استخدام التكنولوجيا أصبح الاقتصاد الرقمى يمثل حاليا فى الدول المتقدمة 25% من الناتج المحلى القومى بينما فى الدول العربية لاتزيد هذه النسبة على 4%، وأصبح لابد لنا كجامعات أن نتصدى لهذا الأمر وقيادة تنامى التحول الرقمى فى مجتمعاتنا العربية.

وأشار إلى أن عدداً ليس بالقليل من جامعاتنا قد بدأوا  فى استخدام الإمكانيات التكنولوجية بشكل جيد إلا أن هذا اقتصر على إعطاء الدروس الأكاديمية إلا أن كثيرا من جامعاتنا العربية مازال ينقصها الكثير من الأدوات ومن أعضاء هيئة التدريس المؤهلين لذلك، وهذا يفرض علينا أن نبذل جهودا كبيرة لتغيير هذا الوضع ولذلك سيكون سؤالنا : هل تستطيع الجامعات العربية العمل والاستمرار باستخدامها النموذج الحالي فى التعليم والتعلم أم ماذا تفعل؟ وما التقنيات المطلوبة لذلك ؟ وماهو مطلوب منها مستقبلا؟

وكان السؤال الذى طرحه د.عمرو عزت سلامة هو المفجر لهذه القضية وهو «هل تستطيع الجامعات العربية ككل العمل والاستمرار فى دورها الأكاديمى باستخدام نظام التعليم التقليدى الحالى ؟ أم أنه قد أصبح هناك ضرورة ملحة على استخدام الرقمة والتحول الرقمى والتعليم عن بعد وتقنياته الحديثة نظرا لتطورات العصر فى هذا الشأن وللتغلب على تحديات كثيرة تواجهها الجامعات العربية وقدرتها على إستيعاب الأعداد الضخمة من الطلاب ؟ وماهوالمطلوب مستقبلاً فى هذا الشأن ؟ 

وانقسمت الآراء مابين مؤيد ومعارض للدخول إلى عالم الرقمنة فى التعليم بشكل عام والجامعى بشكل خاص حيث يرى الكثيرون ومنهم وزيرا التعليم العالى المصرى والتونسى أنه لامجال للتأخير فى هذا الشأن وخير دليل على ذلك فترة جائزة كورنا والذى جعلتنا نعجل من اللجوء إلى التعليم عن بعد مع أن معظمنا لم يكون لديه القدرة التقنية لتطبيقه كما أن تطورات العصر وسوق العمل تفرض ذلك. 

اقرأ أيضًا | مصادر: تشكيل لجان واضعي امتحانات الدبلومات الفنية 2023

إلا أن المعارضين يرون أنه لاغنى عن المدرس وأستاذ الجامعة فى تربية وتوجيه وتثقيف التلميذ أو الطالب ولابد لنا أن نحافظ على دور المعلم فى بناء شخصية الطالب خاصة أن الوزارة تسمى «وزارة التربية ثم تلاها كلمة والتعليم». 

وأمام كل الحضور من رؤساء الجامعات العربية بمختلف توجهاتها وتبعيتها وبحضور كلٍ من السفير إيهاب فهمى سفير مصر بجمهورية تونس ود.لطفى بلقاسم رئيس جامعة سوسة ود.الهادى بلحاج رئيس جامعة المنستير المستضيفتين للمؤتمر هذا العام تحدث د.أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى ليدلى بدلوه فى هذه القضية فأشار إلى أن محور التحول الرقمى فى مجال التعليم العالى قد شهد بالفعل تحولًا عميقًا فى الطريقة التى نعيش ونعمل ونتعلم بها، حيث تؤدى التقنيات الرقمية إلى تعزيز القدرات البحثية لمؤسسات التعليم العالى من خلال تمكين الباحثين من الوصول إلى البيانات وتحليلها، والتعاون مع الزملاء عن بُعد، واستخدام الأدوات والبرامج المتطورة، ومساعدة أعضاء هيئة التدريس والموظفين على التركيز على الأنشطة الاستراتيجية، وتزويد الطلاب بتجربة تعليمية أكثر جاذبية مثل عمليات المُحاكاة عبر الانترنت والمُختبرات الافتراضية ومحتوى الوسائط المتعددة، كما يمكن أن توفر الأدوات الرقمية بيانات لحظية عن المستوى الفعلى للطلاب واهتماماتهم مما يُساعدهم على تحديد المجالات التى يحتاجون فيها إلى دعم إضافى.

واستعرض د. أيمن عاشور بعض المبادرات التى تقوم بها وزارة التعليم العالى والبحث العلمى لمواجهة التحديات التى يواجهها التعليم العالي من خلال حلول رقمية، ومنها مشروع إنشاء مراكز اختبارات الكترونية فى جميع الجامعات والتى يتم من خلالها تصميم التقييمات الرقمية لمعالجة أهداف تعليمية مُحددة، مما يسمح للمعلمين بتقييم فهم الطلاب للمحتوى وتعديل طريقة تدريسهم وفقًا لذلك، يمكن استخدامها أيضًا لمراقبة التقدم بمرور الوقت وتحديد مجالات القوة والضعف، وكذلك مشروع ميكنة المستشفيات الجامعية بعدد ١٤٠ مستشفى لمستوى تفعيل 5 HIMSS‏ ومشروع إنشاء عدد ١٦ جامعة أهلية و١٠ جامعات تكنولوجية من جامعات الجيل الرابع.

اتفاق مصري تونسي 
واتفق د.منصف بوكثير وزير التعليم العالى التونسى مع ماقاله د.أيمن عاشور وأضاف أنه بلا شك مطلوب منا الانخراط أكثر وأكثر لجامعاتنا العربية فى التعليم التقنى والتعليم عن بعد وأن نهتم أكثر بالرقمنة فى مجال البحث العلمى لأن ذلك لايتطلب إمكانات أكثر فى التعليم عن بعد والتحول الرقمى.

معارضون ولكن
وعلى الجانت الآخر إستمع الجميع لكثير من الآراء المعارضة للتركيز على موضوع الرقمنة فى التعليم الجامعى حيث أشار أحد رؤساء الجامعات إلى أنه لاغنى على الإطلاق عن التعليم وجها لوجه، ويستحيل أن نطبق التعليم عن بعد أو التعليم الالكترونى بشكل جيد ومفيد فى مجال الدراسات العملية مثل الطب والهندسة وغيرها لأن القضية ليست محاضرًا يرفع محاضرته على الانترنت حتى أتعلم ماأريد وأطبق ماأتعلمه، ولو كان هذا مفيدا لكان العالم المتقدم قد أغلق جامعاته ومدارسه ووفرر على نفسه الكثير من التكلفة واعتمد على التعليم من المنازل.

وأشار أحد رؤساء الجامعات الآخرين أننا فى مصر يوجد أكثر من 60 % من الطلاب بكليات نظرية لاحاجة للمجتمع لخريجيها ولانستطيع التخلص منها، ولن تكون هذه التخصصات موجودة فى سوق العمل عام 20-30 كما أن معظم التخصصات المطلوبة وقتها ستكون مرتبطة بالرقمنة فأين نحن من ذلك فى هذه التخصصات التى يجب أن نركز على كيفية وجودها بجامعاتنا من الآن.

وأشار رئيس جامعة آخر إلى أن ماحدث أيام جائحة كورونا لايجعلنا «نشرعن» التعليم عن بعد خاصة إن الواقع يقول إن الطلاب المتفوقين لايدعمون التعليم المفتوح لأنه لايفرق بين الطالب المجتهد والطالب غير المجتهد، كما أن الأجيال التى تعلمت فى فترة كورونا بطريقة الأبحاث الإلكترونية والمنصات الالكترونية ثبت أن مستواها ضعيف جدا من الناحية الأكاديمية وأن الأبحاث التى أعدوها ليتم رفعها على المنصات كان أولياء الأمور الذين يعدونها لهم أو مراكز متخصصة فى التجارة فى مثل هذه النوعية من الأبحاث التى لم يكن الطالب يعلم عنها شيئا، لذا لابد أن نبحث عن نوع آخر من التعليم الهجين لتدريب الطلاب فقط فى بعض المواد على التعليم الالكترونى، أما معظم المواد فلابد أن تكون حضوريا وأن يكون فيها تفاعل بين الطالب والأستاذ. كما أن مراقبة الامتحانات عن طريق التعليم عن بعد يصعب تنفيذها بجدية ويكون الغش السمة الغالبة لمثل هذه الامتحانات. 

رد الوزير 
وهنا أوضح د.أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى أنه لامجال أمامنا سوى استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة فى التعلم ولايعتقد البعض أن التعليم الالكترونى هو مجرد محاضرات يتم رفعها على المنصات بل لابد وأن يكون فيها تفاعل بين الأستاذ والطالب، وجزء حضورى وجزء الكترونى وهو مايعرف بالتعليم الهجين كما أن هناك برامج حاليا يتم من خلالها تدريس المواد التطبيقية وإجراء التجارب المعملية من خلالها ايضا ويمكن للطالب أن يقوم بها دون شروط وجوده بالمعمل وقد اعتمد قطاع كليات الهندسة بالمجلس الأعلى للجامعات هذا التوجه فى دراسة الهندسة على سبيل المثال ولابد أن أحافظ على التفاعل بين الطالب والأستاذ بمعامل وسبورة ذكية واختبارات ذكية أيضا. 

وأضاف الوزير أن آخر الإحصائيات التى طرحت أمام المنتدى الاقتصادى تؤكد أن 60% من الوظائف المستقبلية بدءا من عام 2030 ستكون من برامج التحول الرقمى وهو مايعرف أيضا بالتعليم الهجين الذى أشرت إليه، ولهذا لابد من الآن أن ندرس ونقرر : هل الطالب الذى تعلم عن بعد يمكننا فى المستقبل أن نعطيه شهادة معتمدة ؟ قضية لابد أن نفكر فيها من الآن.