الشيخ ياسر عبد الباسط: ورثت محبة مسجد الإمام الشافعي عن والدي

الشيخ ياسر عبدالباسط عبدالصمد اثناء حواره مع محرر «الأخبار»
الشيخ ياسر عبدالباسط عبدالصمد اثناء حواره مع محرر «الأخبار»

أصغر الأبناء الذكور للقارئ الكبير الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ووارثه في القراءة بمسجد الإمام الشافعي، ونقيب قراء القاهرة، إنه الشيخ ياسر عبدالباسط عبدالصمد، الذى ورث جينات الجمال القرآني من والده رغم طريقته الخاصة في التلاوة.. كان لنا معه هذا الحوار:   

■ كان الشيخ عبد الباسط قارئا فى مسجد الإمام الشافعي وكذلك أصبحت أنت الآن.. ما سر تعلقكم بهذا المسجد؟

- لقد ورثت محبة مسجد الإمام الشافعي عن والدى الشيخ عبد الباسط الذى ظل قارئا به طوال حياته حتى آخر عامين حين انتقل إلى مسجد الإمام الحسين.. ولهذا فإننى متعلق وجدانيا بالإمام الشافعي، حيث أقرأ به منذ سنوات طويلة وأحب أن أظل مرتبطا به دوما، لأن له مكانة خاصة عند أسرتنا كلها، وأنا أشتاق إليه سريعًا إذا غبت عنه بالسفر إلى القراءة بالخارج.

■ كان الشيخ عبد الباسط كثير السفر للقراءة بالخارج وكذلك أنت سافرت إلى معظم دول العالم.. كيف كانت علاقة الشيخ بأسرته فى ظل كثرة السفر والابتعاد عن الوطن؟
- كانت كأى علاقة بين الأب وأبنائه، كنا نخاف منه في غيابه كأنه موجود بالضبط، بلا مبالغة، كما كان يُتابعنا لحظة بلحظة، ويحرص على توفير محفظين على أعلى مستوى من الإتقان، حيث لم يكن يتهاون في التكاسل عن حفظ ومدارسة القرآن الكريم، مع توفير كل ما يلزمنا من أمور الأطفال واللعب والملابس، وغيرها من الأشياء التي نحتاجها؛ وصحيح أنه ظل مشغولا بالقرآن طوال أكثر من خمسين عاما، كان القرآن كل حياته، لكنه لم يقصر أبدا في الواجبات الاجتماعية والأسرية.. أما أنا فأعترف أننى حاولت التوفيق بين القرآن والواجبات الاجتماعية، ولكنني لا أملك هذه القوة التي امتلكها أبي، كما أن الوقت الآن أصبح مزدحما جدا، لكن يبقى القرآن مقدما على كل شيء.

اقرأ أيضًا | «القراء» تنعى نجل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد

■ هل كان يستمع الشيخ عبد الباسط إلى غيره من القراء؟

- بالطبع، كان يُحب الشيخ محمد رفعت ويستمع إليه باستمرار، وكذلك كان يستمع لكل السابقين عليه من أساتذة التلاوة، وكان يستمع أيضا إلى المعاصرين له، حيث كانت تربطه علاقات صداقة ومودة مع كثير منهم، ويتبادلون التزاور وكأنهم أسرة واحدة.

■ كيف كان يحافظ الشيخ على جمال صوته؟

- لم يكن يشرب الماء البارد أبدا، ويقول: حرمت نفسى من الماء البارد، وكذلك المأكولات الحرفية، كالشطة والأملاح الكثيرة وغيرها، ويعتمد على المشروبات الدافئة التي تفيد الحنجرة، مع التدفئة المستمرة للحنجرة حتى لا تُصاب بالبرد، وهو التزام وانضباط كان أبي- رحمه الله- مشهورا بهما.

■ هل كانت للشيخ عبد الباسط طقوس معينة قبل التلاوة؟

- ما لا يعرفه الناسُ أن والدى الذى أدهش العالم بطلاوةِ صوتهِ كان أبعدَ الناسِ عن الغرور، كما أنه كان يهتم بهندامه كثيرًا، حتى إذا كان لديه موعد للقراءةِ دخل في «مود» خاص، فإنه يتوضأ ويصلى ويتغير وجهه ولا يبدأ أحدًا بالحديث بل ولا يرد على أحدٍ إلا في الضرورة القصوى وبأقل الألفاظ.

■ ورثت حلاوة الصوت عن والدك.. فهل كان له دور فى تهيئتك لتصبح من قراء كتاب الله؟

- يعتقد الكثيرون أن صوتي يتشابه كثيرًا مع أبي، رحمه الله، حتى إن من يستمع من بعيد يظن أن هذا تسجيل للشيخ، وقد يكون تشابها منقولا بالجينات فقط، فقد أتشابه مع أبى في بعض طبقات الصوت مثلا، لكن الحقيقة الواضحة أن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد كان منحة إلهية لا شبيه لها حتى من أبنائه، فهو رمزٌ إسلامي نادر التكرار، كأغلب أصدقائه المقرئين الأوائل الذين يأتون بنفحة من الله ولا يتكررون؛ كما كان كثيرا ما يجعلنى أقرأ أمام أصدقائه من كبار القراء، حتى إن الشيخ مصطفى إسماعيل كان يُطلق عليّ لقب: الحاج ياسر، لأنني حججت مع والدى ووالدتي حوالى عام 1977م، وكان معنا الشيخ أبو العينين شعيشع وزوجته.

■ يتلهف المستمعون إلى سماع قراءة (ورش عن نافع) للشيخ عبد الباسط.. لماذا تأخرت إذاعتها بالقرآن الكريم؟ 

- قدمنا المصحف كاملا بقراءة «ورش» إلى الإذاعة المصرية ليُذاع لأول مرة، حيث ننتظر أن يستمع الملايين من متابعي إذاعة القرآن الكريم إلى أول تسجيل كامل للقرآن الكريم بقراءة «ورش عن نافع المدني» للشيخ عبد الباسط، ولكنها لا تزال في المراجعة بحسب تصريحاتهم، وهى النسخة التي كان قد سجلها في المملكة المغربية عام 1986م؛ وهذا التسجيل تم استجابة لطلب شخصي من الملك محمد الخامس لقراءة ختمة مرتلة برواية ورش عن نافع المدني لإذاعتها بالإذاعة المغربية، وقام الشيخ بتلبية الدعوة وسافر إلى المغرب وسجل القرآن كاملا بحضور الشيخ رزق حبَّة، شيخ عموم المقارئ المصرية وقتها، وأهدى النسخة للإذاعة المغربية، وتمت مراجعة النسخة من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، الذى قام بالتصريح بطبعها ونشرها، وأهدتها الأسرة إلى الإذاعة المصرية العريقة لتذاع في ذكرى رحيله منذ عامين لكنها لم تذع حتى الآن والمستمعون في شوق إليها، ليكون والدى الثاني الذى قرأ القرآن كاملا برواية ورش بعد فضيلة الشيخ الحصري؛ ولتكون هذه النسخة الثالثة للشيخ عبد الباسط بالإذاعة المصرية بعد ختمتين مجودة ومرتلة، إضافة إلى عدة ختمات مرتلة ومجودة بإذاعة السعودية والكويت والإمارات.