مُكتشف أدغال أسرار النجوم: كدت أفقد عقلى بسبب منير مراد !

أشرف غريب
أشرف غريب

كتبت : فادية البمبي

مشروعه بالغ الطموح ورحلته شاقة مثابرة تحاول اختراق الأدغال الكثيفة التى تكتنف تاريخنا الفنى، وحياة نجومه فى شتى الفنون من سينما ومسرح وموسيقى وغناء ودراما، فالمؤرخ والناقد الفنى البارز أشرف غريب تصدى عبر مشروعه هذا إلى مهمة تقديم صورة دقيقة بدون تهويلات، أو رتوش لملامح تاريخنا الفنى، والأحداث الحقيقية فى حياة نجومه بعيدًا عن الأكاذيب والشائعات والمبالغات، معتمداً على الوثائق والمستندات لا الروايات التى قد تخطئ، أو تصيب أحيانًا، وقد أثمرت رحلة الحقائق عن ثلاثين كتابًا تتصدى جلها إلى كتابة التاريخ كما جرت وقائعه، لا كما توهم البعض، فزَيَّفوه، واليوم نحاوره حول الجديد فى تلك الرحلة الشاقة والمشروع الطموح ونسأله عن أحدث المؤلفات فى عقده الفريد.

دعنا أولًانتعرف على أحدث إصدارات مركز الهلال للتراث الذى تتولى إدارته؟

نحن فى مركز الهلال للتراث التابع لمؤسسة دار الهلال نصدر بشكل دائم مجموعة من المجلدات التراثية مستفيدين مما تملكه هذه المؤسسة العريقة من نوادر التراث المعرفى وذخائره، وقد فكرنا - ونحن على مشارف الشهر الفضيل - أن نجمع أهم ما كتبه كبار الأدباء والمُفكرين على صفحات إصدارات دار الهلال عن شهر رمضان على مدى مائة وثلاثين عامًا تحت عنوان: «هلال رمضان»، وسوف يجد فيه القارئ كل ما يتعلق بشهر الصوم دينيًا وتاريخيًا وثقافيًا، بل وطبيًا أيضًا، وآمل أن يكون هذا المجلد غذاءً روحيًا وفكريًا خلال أيام رمضان لكل من يُطالعه.

هل تجد وقتًا وسط مشاغلك الوظيفية للسير قدمًا فى مشروعك الشخصى الخاص بإعادة كتابة تاريخ الحياة الفنية، وسير رموزه المعروفين على أساس توثيقى صارم يُراعى كل مشاكل منهج السرد التقليدى وآفاته ؟

أحاول بكل تأكيد التوفيق بين الأمرين، لكن هذا على حساب سرعة إنجاز المشروع الشخصى، فعشقى وانتمائى إلى دار الهلال له الأولوية فى كل الأحوال.

إذن ما هى حكايتك مع الموسيقار منير مراد الذى كان من المُفترض أن يكون بطل أحدث كُتبك؟ ولماذا حَيَّرك هذاء الموسيقار الراحل؟

منذ سنوات وأنا متحمس للكتابة عن الفنان متعدد المواهب منير مراد لا سيما وأننى وضعت من قبل كتابًا عن شقيقته المطربة الكبيرة «ليلى مراد»، وكتابًا آخر عن زوجها المخرج «فطين عبد الوهاب»، فلما كَلَّفتنى إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائى بوضع كتاب عن الموسيقار الراحل فى إطار الاحتفال بمئوية ميلاده عام 1922 رحبت كثيرًا.

وبطبيعة الحال فإن أول معلومة أو وثيقة تبحث عنها هى معلومة أو وثيقة ميلاده، فإذا بى أكتشف أنه ليس هناك تاريخ متفق عليه لميلاد «منير مراد»، وأن التاريخ الشائع لميلاده عام 1922 والذى بسببه كنا سنحتفل بمئويته هو تاريخ غير صحيح، وعبثًا حاولت البحث عن المعلومة الصحيحة، فلم أجد ما أطمئن إليه لا فى الكتب.

 

ولا فى أقسام المعلومات بالصحف ولا فى جمعية المؤلفين والملحنين، ولا فى نقابة المهن الموسيقية، ولا حتى لدى أسرته، وكأننى أبحث عن سراب، أو كأن الرجل الذى ظل بيننا حتى أكتوبر 1981 ساقط قيد، فاتخذت قرارًا مع إدارة المهرجان بإرجاء الاحتفال بمئويته لحين التأكد من تاريخ ميلاده الدقيق، وبطبيعة الحال فإن هذا القرار لم يتفهمه البعض، فى وقت اعتبره آخرون قرارًا شجاعًا.

هذا معناه أن منير مراد كتاب مؤجل؟

بالفعل، لأن الرجل يستحق كتابًا واثنين، لكن لم يكن من اللائق أن نحتفل بمئويته ونحن غير مطمئنين لتاريخ ميلاده.

من واقع تجربتك هل يقول الفنانون الحقيقة دائمًا أم يتجملون أحيانًا؟

وفيما يتعلق بتواريخ الميلاد فإن أكثرهم يتجملون خاصة النساء، وهو ما يُثير البلبلة لدى أى باحث ، تخيلوا أن «منير مراد» نفسه هو المسئول عن كل هذا الارتباك الذى حدث بخصوص مئويته ؟! فالرجل فى كل أحاديثه الصحفية والإذاعية لم يذكر صراحة تاريخًا محددًا لميلاده، بل أنه تعمد - فى ظنى - تمييع حقيقة ذلك لأسباب تتعلق بطبائع النجوم والمشاهير التى يُمكن تفهمها.

ما كتابك الذى تعتز به من بين مؤلفاتك التى وصلت إلى ثلاثين كتابًا ولماذا؟

هى ثلاثة كُتب فى الحقيقة.. الأول «الوثائق الخاصة لليلى مراد» الصادر عن دار الشروق لأنه الأكثر تجسيدًا لمنهج التوثيق الذى أتبناه وأنادى به، والثانى «العندليب والسندريلا .. الحقيقة الغائبة» الصادر عن الدار ذاتها، لأننى فيه تحديت نفسى أن أقدم كتابًا جادًا عن موضوع يدخل فى عداد النميمة والثرثرة دون أن أقع فى هذا الفخ.

أما الثالث «الممثلون اليهود فى مصر» الصادر عن مركز الهلال للتراث لأننى فيه اقتحمت منطقة شائكة، وملتبسة يخشى الكثيرون الاقتراب منها، وحتى من اقترب جانبه الصواب، وأصابه الهوى، وخذله شح المعلومات، ووقع فى أسر الصورة الذهنية «الفولكلورية» عن الممثل اليهودى، أو حتى أى يهودى بوجه عام.

كيف تختار الشخصيات الفنية لتكون محورًا لكُتبك؟

هى التى تختارنى، أو على الأقل تنادينى، فقد تظل الشخصية تلح علىَّ وتجذبنى وثائقها الشخصية والفنية حتى يكتمل لدىَّ تصور عام أطمئن إليه عن تلك الشخصية، فأبدأ فى تفكيك ما بالوثائق من معطيات وقراءتها قراءة بحثية ونقدية حتى لو استغرق الأمر سنوات وسنوات.

هل تجد كتبك الصدى اللائق بمسيرتك الطويلة؟

أعتقد ذلك والحمد لله، فكل الكتب التى وضعتها حظيت باحتفاء كبير، وأثارت العديد من ردود الفعل، بل أننى لا أبالغ إذا قلت إن الصدى الواسع الذى أحدثه كتابى «ليلى مراد» تحديدًا الصادر قبل سبع سنوات والكُتب التى أصدرتها بعده كانت سببًا أساسيًا ومهمًا فى رواج الطلب على الكتب الفنية خاصة تلك التى تتعلق بسير المشاهير.

من الفنان الذى أحببته بعد أن غصت فى سيرته؟

الموسيقار محمد فوزى الرجل الذى رغم نبوغه الفنى لم ينل ما يستحقه من اهتمام، فظلمته الأيام حيًا وميتًا.

وما مشروع كتابك التوثيقى القادم؟

«نجيب الريحانى» و«راقية إبراهيم»، فهما كتابان مؤجلان منذ سنوات ربما لضيق الوقت، لأن رحلة البحث عن وثائقهما لم تصل إلى نهايتها بعد.

اقرأ ايضاً | الأمير أباظة رئيسا للدورة الـ ٣٩ لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط