فواصل

قيادة شابة

أسامة عجاج
أسامة عجاج

لعل (البعد الغائب) فى فهم ما جرى، من اتفاق بين السعودية وإيران برعاية صينية، على فتح السفارات واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، المقطوعة منذ ٢٠١٦، وجود تغيير لم يلتفت إليه الكثيرون، رغم وضوحه وضوح شمس أغسطس، بتولى الأمير محمد بن سلمان مهمته كولى للعهد فى يونيه ٢٠١٧، والذى انعكس إيجابا على صورة السعودية على كافة المستويات، حيث نجح فى تقديم نفسه (كإصلاحى)، على الصعيد الاجتماعى والثقافى، وتنويع واستثمار قدرات السعودية الاقتصادية، والسعى إلى دور محورى لبلاده على الصعيد العربى والدولى والإقليمى، وهو ما يتم تلخيصه، بأن (السعودية قبل خمس سنوات غيرها الآن)، ولعل التطورات الأخيرة تمثل تجسيداً حياً لدبلوماسية سعودية، تسعى لتوسيع خياراتها وتحالفاتها، دون استبعاد للعلاقات الاستراتيجية مع واشنطن، ولكن الأمير محمد بن سلمان الذى يبلغ من العمر ٣٨ عاما، لم يكن أبدا (أسيرا) للمقاربة، التى حكمت العلاقات مع واشنطن لعقود طويلة، منذ أربعينيات القرن الماضى، والتى تتمثل فى المقولة المشهورة (النفط مقابل الحماية)، واستعاض عنها برؤية (إعلاء مصلحة المملكة) خاصة وأن الحليف الأمريكى هو الآخر، لم يعد قادرا على الوفاء بتعهداته التاريخية، بل على العكس يدير أزمات المنطقة، دون وجود إرادة حقيقية لحلها، ومنها على سبيل المثال، الأزمة اليمنية، التى تمثل تهديدا صريحا للأمن القومى السعودى، وقد شهدت الفترة الماضية تباينا واضحا فى العديد من الملفات مع السياسة الأمريكية، ومنها على سبيل المثال الحرب الأوكرانية، فقد حاولت الرياض لعب دور نشط فى الوساطة، من خلال الزيارة الأخيرة التى قام بها وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان إلى موسكو وكييف، دون الاصطفاف إلى جانب أى من طرفى الصراع روسيا أو دول الغرب، ويضاف إلى ذلك الموقف من اتفاقيات مجموعة (أوبك بلس)، والتى وجدت تحفظا من واشنطن، ولعل آخرها الإعلان الذى تم مؤخرا من بكين أحد الحلفاء الجدد للرياض، بالسعى إلى تحسين العلاقات مع إيران، فى محاولة لقطع الطريق أمام مخططات (لإشعال فتيل حرب)، ستدفع منطقة الخليج وفى القلب منها السعودية أثمانا باهظة لها.