محمود الورداني يكتب: الفاجومي ونوارة (3) عن زينب والسيدة أم زينب

محمود الوردانى
محمود الوردانى

في خريف 2006 اتصل بي صديقي الكاتب الليبي محمود البوسيفى يدعوني لحضور معرض الكتاب في طرابلس، واعتذرت على الفور وشكرته، لكنه عاد يقول لي إنني سأكون بصحبة «أبو النجوم» فغيّرت رأيي على الفور ووافقت بلا تردد، فهي فرصة لم تتح لي من قبل مطلقا على مدى ما يقرب من نصف قرن منذ عرفت نجم.

وهكذا أسعدني زماني، وأمضيتُ في صُحبته وصُحبة ابنته زينب وأمها السيدة أم زينب ستة أيام كاملة. أكرمنا الله وأفلتنا - نجم وأنا - من كل الفعاليات ودوشة الدماغ، وهربنا وحدنا في غرفتي بالفندق في طرابلس.

ولم نظهر إلا في نهاية اليوم الخامس، حيث ركبنا سيارة إلى سرت، وكان مقررا أن يحضر أبو النجوم أمسية شعرية، ويلتقى بالقذافي في مقر إقامته، فقد كانت تعليمات القذافي واضحة بضرورة لقائه بنجم كلما زار ليبيا.

وفى الأوقات القليلة التي كنتُ أصادف فيها السيدة أم زينب، لاحظتُ أنها تتحدث بتوقير ومحبة واحترام عن «الأستاذة» بألف لام التعريف، وعن دورها فى مساعدتها على احتمال نجم واختفاءاه ومغامراته التي لم تكن مناسبة لسنّه أبدا!. وظللت مشغولا بمعرفة من هي تلك الأستاذة التي تتحدث عنها أم زينب حتى عرفت أنها الأستاذة صافيناز كاظم.. وأريد أن أقول إنني قرأت كتاب نوارة نجم «إنت السبب يابا» بعد أن أمضيت كل هذه الساعات الممتدة أستمع ل«أبو النجوم» وبالمناسبة نجم لايتوقف عن الكلام أغلب الوقت!.. ولو لم يكن هذا قد حدث، ربما لم أكن اعتبرت أن ما حكته نوارة قابلا للتصديق.

وفى كتابها سيجد القارئ مكانا ومكانة لزينب والسيدة أم زينب اللتين سبق وأمضيتُ وقتا لابأس به معهما. زينب هى أخت نوارة، وسبق أن رأينا شقاوتها فى حفل عيد ميلاد نجم السبعين وهى تتنطط وتتشقلب وتغنى معه. حسب نوارة، ماتت زينب فجأة وهى شابة صغيرة، ولم تحتمل الحياة بعد رحيل نجم بعام واحد.

لروحها السلام والسكينة، وفى الكتاب سنجد روح زينب الفاجومية التي لا تلوى على شئ مثل نجم، وقد عرفتها أنا خلال زيارة ليبيا، وكانت تشارك أمها في توقير الأستاذة ومحبتها، وفى الكتاب أيضا سنجد الكثير عن السيدة أم زينب الطيبة التى تكبر نوارة بسنوات قليلة، وهى آخر زوجات نجم واحتملته واحتملت رذالاته . نوارة تحب زينب فعلا وهى زوجة أبيها، وأم زينب تبادلها الحب، وكثيرا ما حملت لها العشاء في ميدان التحرير أثناء اعتصامات ثورة 25 يناير، كما أن نوارة كثيرا وكثيرا جدا ما خاضت حروبا ضد نجم إذا أساء للسيدة زينب، وهو فاجومى طبعا وله أخطاء لا تغتفر!، وتتدخل دائما وتهدده بأن أم زينب ستغضب عندها وتترك له البيت.

وكانت تهديداتها تنجح دائما في ردع نجم وتخويفه، وتجيد نوارة التمثيليات التي تخدعه بها وتجبره على الاعتذار وطلب غفران أم زينب! ومن جانبها، كانت السيدة صافيناز تتدخل دائما لحماية ودعم أم زينب.

روح «أبو النجوم» التي لاتشبه أي روح تحلّق في أرجاء العالم الذى صاغته نوارة باقتدار بتجنب التورط العاطفي والميلودراما، وخفة الدم الأصيلة التي استمدت أصالتها من نجم طبعا، استطاعت أن تكتب نصا فاتنا ونادرا أيضا، في الأسبوع القادم  أواصل إذا امتد الأجل.

اقرأ ايضاً | دراسة أكاديمية تناقش العلاقة بين الإعلام والمؤسسات الثقافية

نقلا عن مجلة الادب : 

2023-3-11