في يومها العالمي.. علي جمعة يوضح: كيف كرم الإسلام المرأة؟ 

اليوم العالمي للمرأة
اليوم العالمي للمرأة

يحتفل العالم في 8 مارس، من كل عام، باليوم العالمي للمرأة، تكريما لمجهودتها في جميع نواحي الحياة، وبهذه المناسبة أوضح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، كيف استطاع الإسلام تكريم المرأة؟ 


فقد كانت المرأة قبل مجيء الإسلام مظلومة ومهانة من كل الحضارات القديمة، سواء حضارات أوروبا القديمة أو الرومان أو حضارات الفرس أو العرب قبل الإسلام، فلم تمر حضارة من الحضارات الغابرة، إلا وأسقت المرأة ألوان العذاب، وأصناف الظلم والقهر، فعند الإغريقيين: هي شجرة مسمومة، وقالوا: هي رجس من عمل الشيطان، وقال عنها الرومان: ليس لها روح، وكان من صور عذابها أن يصب عليها الزيت الحار، وتسحب بالخيول حتى الموت، وعند الصينيين قالوا عنها: مياه مؤلمة تغسل السعادة، وللصيني الحق أن يدفن زوجته حية، وإذا مات حُق لأهله أن يرثوه فيها.

أما عند الهنود، قالوا عنها: ليس الموت، والجحيم، والسم، والأفاعي، والنار، أسوأ من المرأة، بل وليس للمرأة الحق عند الهنود أن تعيش بعد ممات زوجها، بل يجب أن تحرق معه، وعند الفرس: أباحوا الزواج من المحرمات دون استثناء، ويجوز للفارسي أن يحكم على زوجته بالموت، وعند اليهود : قالوا عنها: لعنة لأنها سبب الغواية، ونجسة في حال حيضها، ويجوز لأبيها بيعها.


ولم يكن الحال عند المسيحيين بأفضل مما سبق، حيث عقد الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ ! وهل لها روح أم ليست لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً قرروا أنَّها إنسان، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب".

أيضًا أصدر البرلمان الإنكليزي، قراراً في عصر هنري الثامن، ملك إنكلترا، يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) أي الإنجيل؛ لأنَّها تعتبر نجسة، وعند العرب قبل الإسلام وصل الحال إلى وأدها (أي دفنها حية)، أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب.
 

المسلمون أول من كرموا المرأة 

أما عن المسلمون، فهم يعتقدون أن الله خلق المرأة والرجل من نفس واحدة، فهما معًا يكونان الجنس البشري، الذي كرمه الله، وذلك لإيمانهم بكلام ربهم حيث يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} ، وقال سبحانه : {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} ، وقال تعالى : {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } ، وقال تعالى : {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}.


يعتقدون أنه لا يوجد تمييز لنوع على نوع، وأن معيار التفضيل عند الله هو بقيمة كل إنسان، سواء كان ذكرا أو أنثى، فقيمته وصلاحه وتقواه هي المعيار المعتبر عند رب العالمين، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }.


كما يعتقد المسلمون، أن المرأة والرجل سواء في التكليف أمام الله، في الثواب والعقاب، وذلك لأنهم آمنوا بكلام ربهم حيث قال : {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، وقال سبحانه : {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ }.


وقد أكد النبي الكريم ﷺ على ذلك المعنى حيث أوصى بالنساء فقال : « استوصوا بالنساء خيرًا »[البخاري]. وفي بيان المساواة بينهما في أصل العبودية والتكاليف الشرعية قال ﷺ : «إن النساء شقائق الرجال»[الترمذي].


وقد اعتنى الإسلام بالمرأة في في كل أطوار حياتها، ويتضح هذا الاهتمام منذ طفولتها فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : «من عال جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو , وضم أصابعه»[مسلم]. 


كما نهى رسول الله ﷺ أن يفضل الذكر على الأنثى -كما كانت عادة العرب- في التربية والعناية, فقد قال ﷺ : «من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده يعني الذكور عليها أدخله الله الجنة»[أحمد] . 


وعن أنس رضي الله عنه «أن رجلا كان جالسًا مع النبي ﷺ فجاء ابن له فقبله وأجلسه في حجره, ثم جاءت بنته فأخذها فأجلسها إلى جنبه فقال النبي ﷺ : «فما عدلت بينهما»[شعب الإيمان]. 


إذا نظرنا إلى الواقع التاريخي الذي عاشه المسلمون نعلم أن هناك نساء كثيرات أثرن في مسيرة الأمة الإسلامية، وساهمن في رفعة مجدها في جميع المجالات، ولقد بدأ الدور النسائي في المسيرة الإسلامية مبكرًا جدًا، فالمرأة هي أول من آمن بالنبي ﷺ ، والمرأة هي أول من استشهد في سبيل الله، والمرأة هي أول من هاجرت إلى الله ورسوله مع زوجها بعد نبي الله لوط عليه السلام، وقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها أحب الناس إلى النبي ﷺ.


فالسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها هي أول من آمن بالرسول وصدقه، غير أنها زادت على ذلك فقد كانت ملاذاً له ﷺ ومأمناً ومطمئنة له، بل ونصرت النبي ﷺ بمالها ورزقه الله منها الولد، ولقد سمى النبي ﷺ عام فراقها له بعام الحزن.


كانت السيدة سمية بنت خياط زوج ياسر والد عمار هي أول شهيدة في الإسلام، وكانت أقوى من ولدها الشاب حيث رفضت سب النبي ﷺ والنطق بكلمة الكفر في سبيل نجاتها وأظهرت التمسك والإيمان بدينها وبنبيها حتى استشهدت رضي الله عنها.


كانت السيدة رقية بنت سيدنا رسول الله ﷺ هي أول مهاجرة في سبيل الله مع زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنها [الطبراني في الكبير].