شغلت شخصية القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبى، الأدباء والنقاد والسينمائيون داخل الوطن العربي وخارجه، فهو شخصية اتفق حولها المسلمون وغيرهم حول شجاعته ونبله وفروسيته، وإن كان يوسف شاهين أخرج لنا واحدا من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية والعربية وهو «الناصر صلاح الدين»، فإن المخرج البريطاني ريدلي سكوت كان له نصيب من تناول شخصية القائد الإسلامي في فيلمه «مملكة السماء» أو «Kingdom of Heaven» إنتاج عام 2005.
يتناول الفيلم الحروب الصليبية ومحاولة صلاح الدين الأيوبي استرجاع مدينة القدس وبرغم أن الخط الرئيسي لقصة الفيلم أساسها قصة حداد مسيحي متدين قدم من قرية فرنسية للمشاركة في صد محاولة دخول صلاح الدين الأيوبي للمدينة، إلا أن محور الفيلم الرئيسي كانت شخصية صلاح الدين الأيوبي، وكيف كان مقاتلًا شجاعًا نبيلًا.
الفيلم اتفق مع الرواية العربية حين أكد زيف الصليبين الذين جاءوا لينهبوا خيرات البلاد ويستعمرونها ولم يأتوا للدفاع عن الكنائس ولا عن الحجاج المسيحيين ولا عن قبر المسيح كما ادّعوا.
أبرز مشاهد الفيلم حين التقط صلاح الدين الأيوبي الصليب من الأرض في إحدى الكنائس وأعاده لمكانه فوق الطاولة، في رسالة مفادها أن المسلمين ليسوا ضد المسيحيين ولا ضد الدين المسيحي وأن حرية العبادة في بلاد العرب مفتوحة للجميع، وهو عكس ما كان يمارسه الصليبيون الذين قتلوا كل المسلمين في القدس بعد أن حاصر المسلمون المدينة.
ويصور الفيلم الصليبيين على أنهم المتوحشون، وفي المقابل ظهر المسلمون على أنهم أكثر تحضرًا، كما نشاهد من خلال أحداث كثيرة في الفيلم تعاون بين المسلمين والمسيحين واليهود في محاولة من الكاتب والمخرج للتأكيد على روح التسامح في الأديان.
«مملكة السماء» يؤدى فيه النجم البريطاني أورلاندو بلوم الدور الرئيسي في الفيلم وهو دور الفارس باليان الذي يقود جيوش الصليب في القدس ضد الرمز الإسلامي الأشهر صلاح الدين الأيوبي، فيما يؤدى النجمان جيرمي آيرونز وليام نيسون قادة مسيحيين في القدس، ولعب النجم السوري غسان مسعود دور البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي، بينما أوكل لـ «خالد النبوي» مهمة القيام بدور مستشار صلاح الدين.
فيلم «مملكة السماء» من إخراج ريدلي سكوت صاحب الفيلم الشهير (Gladiator) الذي حاز الأوسكار قبل نحو خمس سنوات، وهو صاحب فيلم (سقوط الصقر الأسود - Black Hawk Down ) الذي تناول المواجهة العسكرية الشهيرة التي جرت في الصومال بين القوات الأمريكية وبين تنظيم القاعدة والتي خلّفت وراءها 19 قتيلاً أمريكياً وقادت إلى انسحاب القوات الأمريكية من الصومال مطلع تسعينيات القرن الماضي.
