في واقعة وفاة الملاكم «رامز حسام».. النيابة تكلف الطب الشرعي بفحص تقرير طبيب المباراة

الملاكم رامز حسام
الملاكم رامز حسام

محمد عوف

  لعبة الملاكمة هي أحد أنواع الفنون القتالية ومن أقدم الرياضات في العالم، والأفضل من أجل الحصول على اللياقة البدنية والحفاظ على الوزن المناسب، فهي تجمع بين التمارين المنشطة للقلب والتمارين القاسية للطرفين العلويين والسفليين، وحين تتعلم الملاكمة فإنك تتعلم أيضًا إحدى تقنيات الدفاع عن النفس التي يمكنك استخدامها على أرض الواقع، إلا أنها تعد في نفس الوقت سلاحا ذو حدين، فقد تتحول تلك الرياضة المفضلة إلى وسيلة لحصد أرواح الملاكمين إذا ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة حفاظًا على حياة من يمارسها خاصة عند إقامة البطولات القوية، وهو ما حدث في واقعة وفاة الملاكم المصري الشاب رامز حسام (17 عامًا) عقب تعرضه للإصابة بنزيف حاد أودى بحياته عقب الانتهاء من مباراة في بطولة الجمهورية للملاكمة والتي أقيمت بمدينة طنطا ليكون آخر ضحايا اللعبة، ومازال الغموض يخيم حول السبب الحقيقي للوفاة وعما إذا كان هناك إهمال او تقصير في علاجه من عدمه.

من القاهرة إلى طنطا أتى بطل الملاكمة الشاب رامز حسام لاعب نادي اتحاد الشرطة للمشاركة في بطولة الجمهورية، التي أقيمت في نادي السكة الحديد، جاء اللاعب مع أسرته وكله حماس لتحقيق انتصار كبير في البطولة وليس المشاركة فقط، فقد استعد جيدًا لتلك البطولة في ظل تشجيع متواصل من قبل أسرته، فقد سبق أن حصل اللاعب العام الماضي على المركز الثالث على مستوى الجمهورية، حيث بدأ يمارس رياضة الملاكمة منذ 3 سنوات، وبدأ يلعب الملاكمة في نادي اتحاد الشرطة الرياضي منذ عام 2021، وكل أمله أن يواصل مسيرته ويحصل على مركز أعلى.

اللحظات الأخيرة
دخل اللاعب حلبة الملاكمة لخوض المباريات في وزن ٧٥ كجم حتى وصل إلى نهاية وزنه بعد خوضه منافسات دور الـ ١٦ والـ ٨ وقبل النهائي بعد الكشف عليه من قبل الأطباء المتخصصين حيث يتم الكشف على جميع اللاعبين في كل مباراة، وفي الدور النهائي تم الكشف الطبي الظاهري على جميع المشاركين ولم تظهر عليهم أي أعراض أو إصابات، وحينما وصل اللاعب إلى المباراة النهائية لم يستكمل الجولة لعدم التكافؤ في الجولة الأولى ونزل اللاعب من الحلقة وذهب إلى غرفة تغيير الملابس ثم شعر بعدها بساعة بآلام في الرأس وعلى الفور تم نقله لمستشفى مجاور للنادي، وتبين إصابته بنزيف حاد وتم التوجيه من قبل الأطباء بنقله إلى المستشفى الجامعي والذي يبعد نحو 10 دقائق نظرًا لإمكانياته الحديثة في التعامل مع مثل هذه الحالات وبعد إجراء الأشعات اللازمة، أوصى فريق الأطباء بعمل جراحة لوقف النزيف وخضع لعملية جراحية دقيقة استغرقت عدة ساعات لوقف النزيف، ثم خرج لكن حالته الصحية تدهورت وظل في حالة غيبوبة عدة أيام حتى فارق الحياة وسط ذهول أسرته بعد أن فقد حياته في لحظة بسبب ما وصفوه بحالة الإهمال التي تعرض لها.

اتهام
من جانبها اتهمت أسرة اللاعب رامز حسام الاتحاد العام للملاكمة لتقصيره، بسبب عدم وجود فريق طبي متخصص في المباراة، لإنقاذ اللاعبين عند حدوث أي إصابات مفاجئة، وذلك بعد أن تم تحرير محضر بالواقعة وإخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيقات، فيما سادت حالة من الحزن والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتخرج مطالبات بضرورة العمل على وقف جميع الرياضات العنيفة والخطرة على حياة الإنسان، خاصة الملاكمة التي تعد ظلماً للرياضة لما تمثله من مخاطر كبيرة على الإنسان حتى لو على المدى البعيد، مثلما حدث في إسبانيا عندما تم منع مصارعة الثيران.
وقال والد اللاعب رامز حسام: إن نجله تم إيداعه بالمستشفى إثر تعرضه لنزيف داخلي في الجمجمة، موضحًا أن المعلومات التي وردت له من إدارة مستشفى طنطا الجامعي، أن أطباء المستشفى تدخلوا لإجراء عملية تنظيف لإيقاف نزيف الدم، قائلًا أن نجله دخل المستشفى لأنه كان عنده نزيف بالمخ، والدكاترة أجروا له عملية لإيقاف النزيف، مشيرًا إلى أنه تم نقل نجله إلى العناية المركزة داخل المستشفى بعد خضوعه للعملية الجراحية، ثم تم إيداعه داخل العناية على أمل تحسن حالته الصحية لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرًا بإصابته.

رئيس الاتحاد
أما عبد العزيز غنيم، رئيس اتحاد الملاكمة فقال: إن وفاة الملاكم رامز حسام، البالغ من العمر 17 عامًا، هي قضاء وقدر بعد تعرضه لإغماء، مشيرًا إلى أنه فتح تحقيقًا رسميًا لمعرفة سبب وفاة الشاب رامز بعد هزيمته في المباراة النهائية لبطولة الجمهورية للملاكمة وزن 75 كيلو، والتي أقيمت بنادي السكة الحديد في مدينة طنطا، وأضاف: أن حسام خرج من المباراة بكامل صحته، وبعد نصف ساعة من انتهاء المباراة أبلغ الجهاز الطبي بشعور اللاعب بالإعياء، ونقل إلى المستشفى على الفور، حيث تبين إصابة اللاعب بنزيف حاد في المخ، غير أنه توفى لاحقًا.
كما أعلن الاتحاد المصري للملاكمة برئاسة الدكتور محمد عبدالعزيز غنيم، عن المعلومات الصحية الخاصة بالملاكم رامز حسام لاعب اتحاد الشرطة الرياضي والذي تم احتجازه في العناية المركزة بمستشفى طنطا الجامعي على خلفية إصابته في احدى مباريات بطولة الجمهورية للملاكمة مواليد ٢٠٠٦ بمدينة طنطا وتم تطبيق القواعد الخاصة بالاتحاد الدولي في تنظيم البطولة وتخصيص عدد ٤ أطباء من مختلف التخصصات للإشراف على فعالياتها.

تحقيقات
من جانبها باشرت النيابةُ العامةُ التحقيقاتِ في البلاغ المقدم من والد اللاعب رامز حسام، والمتضمن نقلِ اللاعبِ للمستشفَى جراءِ إصابتِهِ بنزيفٍ بالمخِّ؛ حيث استمعتْ النيابة إلى شهادةَ والد اللاعب المتوفى، والذي اتَّهمَ رئيسَ الاتحادِ المصريِّ للملاكمَةِ ومُنظمِي المباراةِ النهائيةِ لبطولةِ الجمهوريةِ في هذهِ الرياضةِ بالإهمالِ في عملهِم والتقصيرِ في حالةِ ابنِهِ المرضيةِ، عقِبَ إصابتِهِ بإعياءٍ شديدٍ وإغماءٍ جرّاءِ تلقِّيهِ عدَّةَ لكماتٍ من منافسِهِ خلالَ المباراةِ النهائيةِ للبطولةِ بنادي السكةِ الحديدِ بطنطَا، ونُقلَ إلى المستشفى وتُبيِّنَ إصابتُهُ بالمخِّ، ولم يَتخذِ الاتحادُ ومنظمو المباراةِ الاحتياطاتِ اللازمةَ ممَّا أدَّى إلى تدهورِ حالةِ ابنِهِ الصحيَّةِ.
بينما شهِدَ مدربُ اللاعب المتوفَّى بعدمِ تجاوزِ الأصولِ الرياضيَّةِ المتعارَفِ عليها خلالَ المباراةِ، وأنَّ المتوفَّى أصيبَ بالإغماءِ عقبَ مرورِ نحو خمسَ عشْرَةَ دقيقةً على انتهاءِ المباراةِ فنُقلَ إلى المستشفَى، مؤكِّدًا أنَّ منافِسَهُ لم يقصدْ إيذاءَهُ، وقد سُئلَ الأخيرُ وشهِدَ بذاتِ مضمونِ الأقوالِ.

واستمعت النيابة إلى شهادة الطبيبُ المعالِجُ بالمستشفَى والذي قال إن اللاعب نُقلَ إليها مصابًا بنزيفٍ بالمخِّ، فأُجريتْ عمليةٌ جراحيةٌ لعلاجِهِ ومحاولةُ وقْفِ النزيفِ، لكنَّ وعيَهُ ظلَّ في حالةٍ متدهورةٍ، وأُوصِلَ بجهازٍ للتنفسِ الِاصطناعيِّ حتى وفاتِهِ.
فيما أفادتِ منطقةُ الغربيةُ لرياضةِ الملاكمَةِ؛ أنَّ البطولةَ التي أُصيبَ المتوفّى خلالَها أُقيمتْ بنادِي سكَّةِ حديدِ طنطَا القريب من إحدى المستشفيات، وأنها تُدارُ بإشرافِ الاتحادِ العامِّ، ومُوفَّرٌ خلالَهَا طاقِمٌ منَ الأطباءِ من مستشفَى الطبِّ الرياضيِّ بطنطا، وشهِدَ المديرُ التنفيذيُّ للنادِي المذكورِ أنَّ ذوي المتوفَّى نقلوهُ عقِبَ إصابتِهِ بالإغماءِ إلى المستشفى العسكريِّ أمام النادي ثمَّ إلى مستشفَى طنطا الجامعيِّ، مؤكِّدًا عدمَ وجودِ أيِّ إهمالٍ أو تقصيرٍ مِن المسئولينَ بالبطولةِ، كما أكَّدَ رئيسُ منطقةِ الغربيةِ للملاكمةِ في شهادتِهِ؛ أنه وفَّرَ كافَّةَ اللوازمِ الطبيةِ عقبَ تلقّيهِ نبأَ إصابةِ المتوفَّى، وتَواصلَ معَ الاتحادِ المصريِّ للملاكمةِ الذي تواصَلَ بدورِهِ معَ الاتحادِ الدوليِّ، وحضَرَ لذلكَ طبيبٌ أجنبيٌّ للمستشفَى لمتابعَةِ الحالةِ، وأنَّ الاتحادَ المصريَّ للملاكمةِ التزمَ بكافَّةِ مسئولياتِهِ تُجاهَ اللاعبِ دُونَ إهمالٍ أو تقصيرٍ.

وكذلك سألتِ النيابةُ العامةُ حكَمَ المباراةِ التي أُصيبَ المتوفَّى خلالَهَا؛ فشهِدَ أنه تلقَّى لكمةً قويَّةً من مُنافسِهِ خلالَ الجولةِ الثانيةِ أسقطتْهُ على ركبتَيْهِ، فأَوقفَ المباراةَ واستدعىَ الطبيبَ الذي خلَعَ عن اللاعبِ أدواتِ الملاكمَةِ، فأعلَنَ الحكَمُ انتهاءَ المباراةِ ونتيجتَهَا، وقدَّمَ اللاعبانِ التحيةَ للحُكّامِ والحاضرِينَ وخرَجَ اللاعبُ المتوفَّى من الحلْقةِ دونَ مساعدةٍ من أحدٍ مؤكِّدًا عدمَ وجودَ أيِّ إهمالٍ أو تقصيرٍ من المسئولينَ خلالَ المباراةِ، وقد أكَّدَ الطبيبُ المشارُ إليه أنه وَجدَ اللاعبَ في حالةٍ طبيعيَّةٍ عقِبَ تلقيهِ اللكمةَ التي أسقطتْهُ فصحِبَهُ إلى الركنِ الخاصِّ به من حلبةِ المباراةِ مترجّلًا، وبعدَ انتهائِهَا وخروجِ اللاعبِ توجَّهَ للاطمئنانِ على حالتِهِ فوجدَهُ مستلقيًا مغشيًا عليه فعجلَّ وآخرينَ بنقلِهِ إلى مستشفَى الطبِّ العسكريِّ المجاورِ للنادِي، مؤكِّدًا أيضًا عدمَ وجودِ أيِّ إهمالٍ أو تقصيرٍ تُجاهَ اللاعبِ مِن المسئولين، وأُرفقَ بالتحقيقاتِ تَقريرٌ طبيٌّ مُفصلٌ بشأنِ مُتابعتِهِ حالةَ اللاعبِ خلالَ المباراةِ وعقِبَها.

تكليف
وكلفت النيابةُ العامةُ مصلحةَ الطبِّ الشرعيِّ بإجراءِ الصفةِ التشريحيةِ على جثمانِ المتوفَّى بيانًا لسببِ وفاتِهِ وكيفيةِ حُدوثِهَا، فأَودعتِ المصلحةُ تقريرًا ثابتًا فيهِ أنَّ الوفاةَ تُعزَى إلى إصابةٍ رَضّيّةٍ بالرأسِ أحدثَتْ نزيفًا بالمخِّ، توقفتْ من جرائِهِ المراكزُ الحيويةُ بالمخِّ عن العملِ ممَّا أسفرَ عن الوفاةِ، وعلى ذلكَ كلفتِ النيابةُ العامةُ المصلحةَ بفحصِ تقريرِ الطبيبِ المقدَّمِ مِن طبيبِ المباراةِ، وأرسلتْ إليها مذكّرةً تفصيليةً بما أسفرَتْ عنه التحقيقاتُ من ملابساتِ الواقعَةِ، وذلك لإبداءِ الرأيِ فيما إذا كان ثَمَّ أمرٌ بتقريرِ الطبيبِ أو ملابساتِ الواقعةِ قد يُغيّرُ وجهَ الرأيِ الطبيِّ بشأنِ سببِ وكيفيّةِ وفاةِ اللاعبِ، وكذلكَ بيانُ إذا ما كانَ تواجدُ سيارةٍ للإسعافِ مجهزَةٍ طبيًّا بالقُربِ من مكانِ المباراةِ له أثرٌ في إسعافِ اللاعبِ فوْرَ حدوثِ إصابتِهِ من عدمِهِ، وما إذا كان حملُهُ بالأيدي إلى المستشفَى المجاورِ لمكانِ المباراةِ له أثرٌ في تفاقمِ حالتِهِ مِن عدمِهِ، أو كانَ هذا التصرفُ مُغنيًا عن نقلِهِ بسيارةِ الإسعافِ وتلقيهِ الإسعافاتِ بها.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ ٢/٣/٢٠٢٣

اقرأ أيضا |  قرار هام من وزارة الشباب والرياضة بعد وفاة الملاكم رامز حسام