أفكار متقاطعة

رمضان ليس «كرنفال»

سليمان قناوى
سليمان قناوى

حولنا رمضان الى وليمة وشاشة وشيشة، والاصل انه صيام وقيام وصلاة وزهد فى الطعام.أحد اركان الاسلام الخمسة أصبح ركنا احتفاليا كرنفاليا، حلت فيه الخيمة مكان المسجد، ومتابعة مقالب رامز السخيفة بدلا من تدبر كتاب الله. و»الانتخة» أمام المسلسلات بديلا لعمارة المساجد.

ليست هذه دعوة لان نحرم الناس من أن تفرح برمضان وبهجة ثلاثين يوما من أسعد أيام الدنيا، لكن الفرح الروحانى بلا سحور راقص أوافطارعلى انغام التخت الشرقى، فرح الايام الخوالى لرمضان زمان، حين كان يبدأ اليوم ببركة السحور وابتهالات الشيخ سيد النقشبندى وصلاة الفجر وينتهى باجتماع الاسرة صغيرها وكبيرها فى صلاتى العشاء والتراويح، وفى الثلث الثانى من اليوم يقع الحدث الاكبر مع لمة العيلة حول مائدة افطار رمضان وقرآن المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت، وسط جو روحانى تسلسل فيه الشياطين وتفتح ابواب الجنة وتغلق ابواب النار.

رمضان أنيس كل صائم ومؤنس كل متعبد، يغسله من هموم احد عشر شهرا عاشها يكابد مشاكل الايام وصراعات المادة، وانتشار الشياطين. الان جاءت ايام حبس الابالسة فى سجن الرحمن. 

الحديث عن الشهر الفضيل ليس مبكرا كما يظن البعض، فحتى يتحقق رمضان العبادة والتبتل واعتياد ارتياد المساجد، علينا من الان أن نبدأ تجارب الاحماء استعدادا لخير ايام الدنيا.

ندرب أنفسنا من اليوم وقد بدأ العد التنازلى لايامه ولياليه على الاستيقاظ بالليل لصلاة التهجد، نخرج مصاحفنا من مكتباتنا وسياراتنا ونبدأ الارتواء من حروف القرآن.

نقلل من طعامنا ونحذف وجبة العشاء ونؤخر وجبة الغداء حتى نعود معداتنا على الصيام، وسوف تساعدنا الظروف المعيشية الحالية على ذلك. نشرع فى إخراج زكواتنا وصدقاتنا كى نوسع على الفقراء والمحتاجين ونزيد ما نرصده هذا العام لشنطة رمضان ولا نقلله بحجة ارتفاع الاسعار، «فليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم». دعونا نرى فرحة رمضان فى لمعان عيون المحتاجين وخزين رمضان يصل اليهم فى بيوتهم معززين مكرمين دون منٍ ولا أذى.

هذه هى الفرحة الكبرى التى لن تتحقق بشد أنفاس الشيشة فى الخيام ولا بارهاق العيون واللهاث بين القنوات التليفزيونية لمتابعة المسلسلات.

بهجة رمضان يمكن ان تعيشها فى إسعاد الاسر الفقيرة وتفريج كربة تدبير وجبتى الافطار والسحور لهم. بهجة رمضان الحقيقية فى ركعة ومصحف وسبحة، لا شاشة وشيشة وخيمة.