عام من المعارك والأزمات والعقوبات الدولية.. إلى أين تتجه حرب أوكرانيا؟

بوتين أثناء زيارته لمركز تدريب عسكرى فى منطقة ريازان بروسيا
بوتين أثناء زيارته لمركز تدريب عسكرى فى منطقة ريازان بروسيا

كتبت : آمال المغربي - مروى حسن حسين - سميحة شتا

بعدعام كامل على بدء الحرب فى أوكرانيا ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين والجنود وتدمير عشرات من المدن والقرى، يبدو أن الحرب ليست لها نهاية فى الأفق مع تمسك كل من موسكو وكييف بموقفهما وإصرار الطرفين على المضى قدماً فى الحرب، الواضح حتى الآن أنه لا يمكن للدبلوماسية إنهاء الحرب فى أوكرانيا، لأن المصالح الروسية والأوكرانية متصادمة، ويريد الأوكرانيون عودة سيطرتهم على مختلف الأراضى التى تخضع لسيطرة الروس فى حين أوضحت موسكو أنها لن تتخلى عن هذه الأراضى التى ضمتها، وتعد بالنسبة لها أجزاء من روسيا،ولن تقبل بالمطالب الأوكرانية وتواصل حشد آلاف القوات فى محاولة لإخضاع أوكرانيا لإرادتها، وفى خضم التصعيد العسكرى المستمر، والتعبئة القائمة من طرفى الصراع، وغياب أى أفق فى المدى المنظور للوصول الى تسوية، سيظل التصعيد العسكرى الحل الوحيد لتحسين الموقع التفاوضى لاحقاً لكل طرف منهما.

وبعد مرور عام على الحرب الروسية - الأوكرانية، الحرب الأكثر دموية فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، أصبح التساؤل الأهم «ماذا سيحدث فيما بعد»، هل تستمر المعارك، وما المدى الذى ستأخذه الحرب، فى ظل استبسال الأوكرانيين فى الدفاع عن أرضهم ومساندة الغرب لهم، ومن سينتصر فى النهاية، روسيا أم أوكرانيا. ليس من الواضح أين ستتجه الحرب، بينما لم تظهر أى بوادر تهدئة قد تؤدى للجلوس على طاولة الحوار، والسيناريوهات الثلاثة الأكثر ترجيحًا محفوفة بالصعوبات فى غياب تسوية تفاوضية ناجحة وهى كالتالى:

اختراق أوكراني: مع تزايد أعداد القوات الروسية على طول خطوط الجبهة الأقصر بدعم مدفعى هائل، سيكون اختراق الجيش الأوكرانى تحديًا كبيرًا. ومع ذلك، فقد أدهش الأوكرانيون العالم كثيرًا منذ بدء الغزو الروسى لدرجة أنه لا يمكن استبعاد المزيد من الانتصارات.

إذا اقتحمت القوات الأوكرانية بحر آزوف، وعزل شبه جزيرة القرم ؛ أو إذا نجحوا فى استعادة جزء كبير من منطقة دونباس الشرقية الانفصالية التى تدعمها روسيا منذ عام 2014، فمن المرجح أن تنفذ روسيا شكلاً من أشكال التصعيد الجذرى.

وقد يبدأ بقصف رمزى لقواعد الناتو الجوية أو خطوط الإمداد فى بولندا أو رومانيا. على أى حال، فإن نية الكرملين ستكون أيضًا إثارة احتمال الانزلاق نحو حرب نووية بين روسيا والولايات المتحدة.

ومن المرجح أن يؤدى مثل هذا الهجوم الروسى إلى رد عسكرى أمريكى محدود ومتناسب (على سبيل المثال، قصف قاعدة روسية فى الجزء المحتل من أوكرانيا). فى مواجهة خطر الحرب النووية.

ومن المرجح أيضًا أن تدعو الأصوات القوية فى الولايات المتحدة وأوروبا إلى وقف إطلاق النار فى أوكرانيا، بحجة أن كييف قد فازت بنصر كافٍ من خلال استعادة جميع الأراضى التى فقدتها تقريبًا منذ الحرب الروسية.

وستتم مساعدة الغرب فى اقتراح وقف إطلاق النار إذا أدت هزيمة روسية أخرى لسقوط الرئيس بوتين، حيث سيُنظر إلى هذا على أنه نجاح غربى وأوكرانى كبير فى حد ذاته.. ومع ذلك فأن اقتراب أوكرانيا على ما يبدو من تحقيق النصر الكامل يحمل خطر التصعيد إلى حرب شاملة بين الناتو وروسيا.

اختراق روسي: لا يبدو أن هناك سعيا روسيا من أجل تحقيق انتصار على المدى القصير. ومع ذلك، إذا عانت القوات الأوكرانية من خسائر فادحة واستخدمت مخزوناتها من الذخيرة والعربات المدرعة فى هجمات فاشلة خلال الأشهر المقبلة، فقد يكون الهجوم المضاد الروسى الناجح احتمالًا حقيقيًا.

ولا توجد فرصة واقعية لأن يؤدى اختراق روسى إلى الاستيلاء على كييف. ومع ذلك، إذا استولت روسيا على منطقة دونباس بأكملها وعززت جسرها البرى المؤدى لشبه جزيرة القرم، فمن المرجح جدًا أن يدعى بوتين أن الأهداف الروسية الرئيسية قد تحققت، وأن موسكو ستفعل ذلك. ثم يعرض وقف إطلاق النار ومحادثات السلام دون شروط مسبقة.

وهذا العرض الروسى سيؤدى الى انقسامات عميقة بين الدول الغربية وأوكرانيا لأنه مع تلاشى احتمالية انتصار أوكرانيا فى المستقبل البعيد، واحتمال اندلاع حرب لا نهاية لها، فإن الكثيرين فى الغرب قد يجادلون بأن وقف إطلاق النار سيكون أفضل صفقة كان من المرجح أن تحصل عليها أوكرانيا.

وستكتسب هذه الحجة قوة من حقيقة أن وقف إطلاق النار المستقر فقط من شأنه أن ينهى تدمير روسيا للبنية التحتية الأوكرانية ويسمح لأوكرانيا وشركائها ببدء عملية طويلة ومكلفة للغاية لإعادة بناء الاقتصاد الأوكرانى من أجل تعزيز آمال كييف فى الانضمام للاتحاد الأوروبي.

والمعارضون الأوكرانيون والغربيون لقبول وقف إطلاق النار الذى اقترحته روسيا سيجادلون بالطبع بأن هذا سيسمح لروسيا ببناء قواتها لحرب جديدة فى المستقبل، على الرغم من أن هذه الحجة ستضعف إذا أعلنت موسكو علنًا أن أهدافها الحربية قد تحققت.

مأزق دموي: باستثناء حدوث اختراق من قبل أى من الجانبين، فإن الاحتمال هو حدوث مأزق دموى إلى أجل غير مسمى على طول خطوط المعركة الحالية. وكم من الناس يجب أن يموتوا- قبل أن يستنفد الطرفان ويقررا أنه لا جدوى من مواصلة النضال.

وبعد ذلك يتم تمهيد المشهد لوقف غير مستقر لإطلاق النار مثل ما كان قائما بين الهند وباكستان فى كشمير خلال معظم السنوات ال 75 الماضية. و سيكون مصحوبًا بمفاوضات سلام، وأيضًا انفجارات وربما حرب واسعة النطاق وسيكون أفضل من إراقة الدماء فى أوكرانيا

ولكن ما لم تكن مصحوبة بمفاوضات ناجحة للتوصل إلى تسوية أو على الأقل تقليل التوترات المسلحة، فسيكون ذلك محفوفًا بمخاطر مثل احتمالية نشوب حروب جديدة، ليس فقط فى أوكرانيا ولكن أيضًا بين روسيا ودول الاتحاد السوفيتى السابق.

اقرأ ايضاً | سي أى إيه : إيران لا تعتزم إنتاج أسلحة نووية

نقلا عن صحيفة الأخبار : 

2023-2-27