د. حسن أبو طالب يكتب: هندسة تجربة السائح في مصر.. «شرم الشيخ» نموذجًا

د. حسن أبو طالب
د. حسن أبو طالب

في سوق السياحة العالمية تزداد حدة المنافسة بين الدول، ولم يعد من الكافي في مصر الاعتماد فقط على توافر مناطق الجذب ذات الشهرة العالمية مثل الأهرامات أو المعابد الفرعونية وغيرها لجذب الزوار. بل بات من الضروري لمضاعفة أعداد السائحين والزوار، التركيز على تعزيز التجربة السياحية الشاملة للزائرين. وقد يشمل ذلك الاستثمار في تدريب المتعاملين مع السياح بشكل مباشر وغير مباشر، وخلق أنشطة جديدة ومبتكرة، وزيادة تدابير السلامة والأمن، واستخدام التكنولوجيا لجعل تجربة الزائر سلسة وممتعة. 

وكما قسمنا تنفيذ المشروع القومي للتأمين الصحي الشامل إلى مراحل، تُطبق فيها آليات المشروع في عدد من المحافظات ثم ننتقل لغيرها في مراحل أخرى، أرى تطبيق نفس الفكرة على الأماكن السياحية في مصر، حيث يتم البدء بتعزيز الجهود لتحسين التجربة السياحية للزائرين في مدينة شرم الشيخ كمرحلة أولى ضمن «مشروع قومي لمضاعفة أعداد الزائرين لمصر».

تشتهر شرم الشيخ بشواطئها الجميلة ومياهها الصافية وحياتها البحرية النابضة بالحياة، ولذلك تستحق - كما يقول خبرا السياحة «أن يزورها عشر أمثال العدد الحالي من السائحين»، فلم يعد من الكافي الاعتماد فقط على مناطق الجذب الطبيعية لزيادة عدد الزوار، بل من المهم التركيز على تعزيز التجربة السياحية الشاملة.

أحد الجوانب الرئيسية للتجربة السياحية هو مستوى خدمة السائحين. فمن المرجح ليس فقط أن يعود السياح الذين يشعرون بالترحيب والرعاية الجيدة لزيارة شرم الشيخ مرات عديدة بل سيوصون غيرهم أيضًا بزيارتها. ومن أجل تعزيز خدمة السائحين في شرم الشيخ، يمكن للفنادق والشركات الاستثمار في تدريب موظفيها في مجال الضيافة وخدمة العملاء. كما يمكن أن يساعد توفير المعلومات للزائرين حول الثقافة المصرية والعادات والتقاليد المحلية على الشعور بأنهم أكثر ارتباطًا بالمجتمع المصري الذين هم بصدد زيارته.

وفي حين أن مناطق الجذب الطبيعية مثل الشواطئ والحياة البحرية ستكون دائمًا نقطة جذب، إلا أن تقديم شرم الشيخ لأنشطة إضافية للزوار سوف يعزز من التجربة التي يعيشها الزائر. وفي هذا الصدد أدعو المسئولين في وزار السياحة إلى الاستماع لمقترحات أصحاب الخبرة العالمية في المدينة – مثل السادة/ ناصر عبد اللطيف، وعماد عزيز، وطلعت مصطفى - وغيرهم من المشتبكين بالتجربة السياحية على الأرض، وعدم الاكتفاء بالاستماع إلى أساتذة الجامعات وأصحاب النظريات.  وقد تتضمن الأنشطة المقترحة الجولات الثقافية وتجارب الطهي والمغامرة مثل رحلات السفاري الصحراوية والرياضات المائية. كما يمكن للمدينة أيضًا الاستثمار في إنشاء المزيد من الأماكن العامة والفعاليات المجتمعية التي تجمع السياح والسكان المحليين معًا.

ينتظر السياح أيضًا مستوى معينًا من السلامة والأمان عند السفر. ففي شرم الشيخ، قد يشمل ذلك الاستثمار تدابير أمنية إضافية في الفنادق والمناطق السياحية الشعبية، بالإضافة إلى زيادة تدابير السلامة العامة مثل الشوارع المضاءة جيدًا وأنظمة الاستجابة للطوارئ. وأخيرًا، يمكن للتكنولوجيا أن تلعب دورًا في تعزيز التجربة السياحية. حيث يمكن أن يساعد تطوير تطبيق جوال سهل الاستخدام الزائرين بشكل كبير، حيث  يوفر التطبيق معلومات حول مناطق الجذب المحلية والأحداث وخيارات التنقل. ويمكن كذلك أن تساعد حملات وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق عبر الإنترنت في زيادة الوعي بشرم الشيخ كوجهة سياحية رئيسية.

من خلال التركيز على تعزيز التجربة السياحية الشاملة في شرم الشيخ، يمكن للشركات ومسؤولي السياحة جذب المزيد من الزوار إلى المدينة وتشجيعهم على البقاء لفترة أطول وإنفاق المزيد من العملات الصعبة. لأن المدينة بفضل الجهود المتضافرة، تمتلك القدرة على مضاعفة عدد السياح الذين تستقبلهم وتصبح وجهة أكثر شعبية وحيوية.

Email: [email protected]