د. علي جمعة يكتب: أعمال شعبان

د.على جمعة - عضو هيئة كبار العلماء
د.على جمعة - عضو هيئة كبار العلماء

ها نحن نستعد فى شهر شعبان لاستقبال شهر رمضان، ولا ننسى أن شهر شعبان شهر مبارك كذلك، ففى شهر شعبان ترفع الأعمال إلى الله تعالى، وقد كان النبى  يكثر من الصيام فى شهر شعبان حتى سأله الصحابى الجليل أسامة بن زيد فقال: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملى وأنا صائم» فما السبيل للاستعداد لاستقبال شهر رمضان ووظائف وأعمال شهر شعبان؟ يمكننا أن نستعد لاستقبال شهر رمضان بعدة أمور منها: تنظيم اليوم والرجوع إلى تقسيمه إلى يوم وليلة، ومنها: التدريب على الصيام، والتلاوة، والقيام، والذكر، والدعاء وغير ذلك من العبادات والطاعات.

ولعل اتباع هدى النبى  بالإكثار من الصيام فى شهر شعبان ييسر على المسلم مهمة الصيام فى شهر رمضان ولا يشعر بعناء فى تلك العبادة العظيمة، وذلك لأن شعبان شهر يتناسب فى المناخ وطول النهار وقصره مع شهر رمضان لأنه الشهر الذى يسبقه مباشرة، فالتعود على الصوم فيه ييسر على المسلم ذلك.

أمر آخر للاستعداد لاستقبال الشهر المعظم، وهو القرآن الكريم ومدارسته وتلاوته ومحاولة ختم المصحف فى شهر شعبان، وذلك لتيسير قراءته وختمه فى شهر رمضان، فقراءة القرآن عبادة نيرة، تعين المسلم على باقى العبادات فى شهر رمضان وغيره، وهى تنير قلب المسلم وتشرح صدره، فلا ينبغى للمسلم أن يتركها ولا يقصرها على رمضان، إلا أنه يزيد منها فيه لاستغلال هذه الدفعة الإيمانية والنفحة الربانية.. ولا ننسى أن نذكر بأهم ما يعين على ذلك كله ألا وهو ذكر الله عز وجل، وقد ورد الحث على الذكر فى كتاب الله وسنة النبى ، فمن القرآن قوله تعالى: «فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِى وَلاَ تَكْفُرُونِ» وقوله سبحانه وتعالى: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ». ويقول رسول الله  نصيحة عامة: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ».. فبذكر الله يعان المؤمن على كل ما أراد أن يقبل به على ربه عز وجل، ولا ننسى أن نؤكد على أهمية الإعداد والاستعداد لهذا الشهر الفضيل، وأن ترك هذا الإعداد يعد من النفاق العملي، لكن من أراد تحصيل شيء استعد له، ومن أراد النجاح ذاكر، فمن أراد أن يغتنم هذا الشهر الفضيل أحسن الاستعداد له، ولقد ذم الله أقواما زعموا أنهم أرادوا أمرا ولكنهم ما أعدوا له، فقال تعالى: «وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ».