بدون تردد

الصراع الأمريكى الروسى

محمد بركات
محمد بركات

لا يحتاج الأمر الى كثير من الجهد أو الاجتهاد كى نؤكد على أن كل الدلائل التى كانت قائمة على الأرض فى ساحات الحرب الجارية على الأراضى الأوكرانية، وكل المؤشرات السارية فى الدهاليز السياسية والدبلوماسية المعبرة عن رؤية الدول المشاركة والمتورطة فى هذه الحرب، المشتعلة منذ فبراير من العام الماضى وحتى الآن،...،

كلها كانت تشير بوضوح حتى أول أمس الى غيبة الإرادة السياسية الحقيقية لدى هذه الأطراف لوقف القتال أو انتهاء المعارك، والركون الى الحل السياسى والطرق الدبلوماسية بحثا عن حل توافقى يرضى جميع الأطراف.

وكما يعلم ويدرك الجميع فإن الأطراف الأساسية المشاركة والمتورطة فى هذه الحرب، كانت ولا تزال منذ البداية هى الولايات المتحدة الأمريكية، وبجوارها وخلفها الاتحاد الاوروبى من جانب، فى مقابل روسيا على الجانب الآخر، أما أوكرانيا فهى الضحية المفعول بها فى كل الأحوال.

كان هذا هو السارى والقائم فعلا حتى أول أمس، على الساحتين السياسية والحربية، وهذا المطبق بالفعل، فى ظل الاتهامات المتبادلة من الطرفين الأمريكى والحلفاء الغربيين، وأيضا من روسيا، كل منهما يتهم الآخر بأنه هو الذى يعوق محاولات وقف القتال ووضع نهاية للحرب، بينما يؤكد كل طرف فى ذات الوقت أنه مستعد لوقف الحرب، بينما الآخر هو الرافض لذلك.

وكان ولا يزال كل منهما يؤكد استعداده لوقف القتال فور قبول الطرف الآخر لبعض الشروط البسيطة،...، حيث تطالب أمريكا وحلفاؤها بالانسحاب الكامل للقوات الروسية من كل الأراضى الأوكرانية، بينما تطالب روسيا بضم القرم والمناطق الثلاثة الأخرى إليها بوصفها أراضى روسية،...، وبالطبع لم يكن أى طرف يقبل بهذه الشروط التى يطلبها الطرف الآخر.

أى أن الواقع على الأرض كان ولايزال حتى أول أمس، يؤكد غياب توافر الإرادة السياسية لدى الطرفين للجلوس على مائدة للتفاوض والبحث عن حل سياسى يضع نهاية للحرب وينهى القتال وذلك بالتواقف على حل يرضى الجانبين.

ولكن الآن هناك واقع جديد، حيث لم يعد أحد من الطرفين يدعى أنه يسعى لوقف الحرب بينما الطرف الآخر هو الذى يرفض، بل بات معلنا منذ لحظة وصول بايدن الرئيس الأمريكي، الى الأراضى الأوكرانية أول أمس فى ذكرى مرور عام على بدء الحرب، وتأكيده على استمرار الحرب حتى تحقيق الانتصار وهزيمة روسيا،...،

بات مؤكدا أن هناك وجود إرادة سياسية أمريكية وغربية معلنة على استمرار الحرب الى أطول مدى ممكن، وحتى يتم الاستنزاف الكامل للقوى والقدرات الروسية بما يؤدى الى هزيمة موسكو هزيمة كاملة.

وعلى الجانب الآخر حيث روسيا، رأينا رد فعل قويا من جانب الرئيس الروسى بوتين الذى لم يتأخر فى الإعلان عن قدرة واستعداد روسيا على تحقيق أهدافها من الحرب وتحقيق حقوقها المشروعة التى من أجلها خاضت الحرب دفاعا عن أمنها القومى وتأكيده على قدرة روسيا على الانتصار رغم كل المحاولات الأمريكية والغربية للحيلولة دون ذلك .