الأديب علاء خالد: الحياة معجزة يصعب التعبير عنها

الأديب علاء خالد
الأديب علاء خالد

كلما نقرأ أعمال الأديب علاء خالد سواء قصائد أو روايات، نشعر أن حكايتنا ضمن حكاياته من خلال دواوينه: "تصبحين على خير" و"تحت الشمس ذاكرة أخرى أو رواياته: "ألم خفيف كريشة طائر تنتقل من مكان لآخر" و"متاهة الإسكندرية"، وعلاء يحاول فى نصوصه أن يحافظ على ذاكرة المكان.

يقول علاء عن هذه النقطة: الذاكرة جزء أساسي بالنسبة لي في علاقتي بالأدب، فمنذ ديواني الأول "الجسد عالق بمشيئة حبر" حتى رواية "متاهة الإسكندرية"، وديواني الأخير " العدم أيضا مكان حنين"، تأخذ الذاكرة مكانا جوهريا، واستعادة شخصوها وأحلامها ومذاقاتها. ولكن الذاكرة في النهاية ليست شيئا ثابتا، ولكنها تتحرك حسب المكان الذي تتحدث عنه: هناك ذاكرة الصف الاول، الثاني، إلى آخره. فالذاكرة تحمل أحداث الماضي مكثفة في صورة رموز وأشباح، ومواقف، وإخفاقات، لذا التعامل معها يحتاج دوما لآدوات تقترب من فك شفرة هذا الماضي، فالماضي لايقدم نفسه بشكل بريء بل معجونا بطبقات من التفاصيل والأوهام، لذاهناك عدة نسخ من الذاكرة، وكذلك هي مكان يُملآ باستمرار، بتقادم الزمن، فالحاضر يصبح جزءا منها، والذي بدوره يطرد مالاتحتاجه، أو ماهو فائض لحظي.

اقرأ أيضًا: فتحي عبدالسميع: حفريات علاء خالد: قراءة في ديوان «العدم أيضا مكان حنين»

ويكمل الأديب علاء خالد :"لذا هناك خسارة ومكسب باستمرار في محتوى الذاكرة، والمقياس هو مايحتاجه الجسد والوعي لكي يستمر وينمو قي ظل عمليتي الإزاجة والإضافة المستمرتين".

وحصل علاء مؤخرا عل جائزة أفضل ديوان بالفصحى فى معرض القاهرة الدولى للكتاب عن ديوانه "العدم أيضا مكان حنين"، ويحدثنا صاحب "وجوه أسكندرية" عن تجربته ديوانه الفائز –الصادر عن الهيئة العامة للكتاب- فى السطور التالية:

عنوان ديوانك "العدم أيضا مكان حنين"، متى يصبح للعدم مكانا في حياتنا؟
-    أعتقد ان العدم قائم في حياتنا وله وجود كثيف في مخيلة أي إنسان.إنه المكان المتخيل الذي يقبع خلف الحياة أو قبل بدايتها. هو بداية حكاية الكون المهملة. كأنه رجوع بالزمن لنقطة ماقبل البداية وهي فكرة متخيلة ولكنها ملحة جدا. فالعدم ربما فكرة لا زمنية تتكون خارج الزمن الذي صنع مخيلتنا. ربما هو المكان الذي سيرد على أسىلة كثيرة طافت بخيالنا: ماذا كان قبل الحياة والكون والخلق. إذن هو فعل ومكان لصيق بفكرة الخلق، الوجه الآخر له، ولكنه الوجه الصامت الذي لا دليل عليه في حياتنا، سوى الموت.

هو حاضر داخل فكرة الموت نفسها بوصفها نهاية ولو مؤقتة لهذا الكائن الحي الذي يمثلنا. بالطبع تبشر الأديان بحضور حياة أخرى، ولكنها أيضا متخيلة يمكنها أن تنافس عدمنا المتخيل أو تنغض علينا فكرة البعث.حتى البعث يحمل فكرة عدمية ما، كونه نسخا لحياتنا بصورتها الأسمى والصافيه وهو نسخ سيكرر الحياة نفسها ويصل بنا إلى نقطة وماذا بعد؟ربما هو أيضا حاضر في فكرة مرور الزمن وتكرار الحياة،يقف بين ثنائية الخلق والموت.ويمكن أن يكون العدم المتخيل الذي نحن إليه هو أن نقف في نقطة صفرية يمحي عندها الوجود ليبدأ من جديد كتجربة حرة بعد أن خرج من ثنائية الموت والحياة،ربما الحياة، على قوتها، غير كافية على محو فكرة العدم من مخيلتنا وربما أيضا الحياة على قوتها لم تعدد احتمالاتها لذا سيظل هناك رغبة في أن ننظر لحياتنا كأننا خارجين عنها، ربما لو وصلنا لهذا المكان الآخر الخارجي، ربما عندها تنتفي أسئلة ماذا كنا وإلى اين نحن ذاهبين.

أين مكان العدم في عالم علاء خالد؟
-    بالنسبة لمكان العدم في حياتي هو هذا المكان الآخر الذي أحن إليه كي يمنح وجودي معناه ويكون الآخر له. أنه المكان الصفري لرؤية الوجود نقيا ومتخلصا من الشوائب. هو الإحساس بالسأم الذي ينزع قشرة الحياة ويكشف التكرار الذي نقوم به حتى نمنح حياتنا معنى. هو فقد الأمل الذي كثيرا مايطرأ على حياتي. هو حالة الحزن اللامبرر الذي ينتابني عندما تضعف قواي النفسية، وأشعر باليأس من رحلة الحياة. هو الفراغ الذي انظر إليه بدون أن تتولد صور منه. تشبهنا الحياة أو نتماهى معها عندما ننساها. تظل الحياة خارجا عنا جميعا، "آخر" بحكم المسافة، وليس بحكم الندية، حتى تقترب المسافة ونراها من داخلها / داخلنا، عندها لا تصبح "آخر"، بل تأخذ شكل أجسادنا، ووجودنا. ربما نتماهى معه في هذه الحالة رؤيتنا عن الحياة وليست الحياة بذاتها، كأننا نحقق تماهينا تبعا لدرجة وعينا بالحياة، لذا سيكون هناك دوما درجات من التشابه، تختلف من شخص لآخر. وتظل الحياة برغم هذا المجهود عبارة عن تمثلاتنا لها، وهو أقصى مايمكن أن نفعله في خلق حياتنا، أن تصنع حكاية للحياة، تقربها منا، فهي في النهاية "معجزة" لايمكن استيعابها بسهولة، ولا التعبير عنها بسهولة أيضا داخل زمن حيواتنا القصير بشكل عام.


ذكر الريشة دائما في أعمالك ما سبب انجذابك إليها؟
- انجذابي للريشة في روايتي الأولي" ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر" لها دلاله الألم الخفيف الذي يتنقل كالريشة. أيضًا في الديوان الأخير، تلعب دور القدر، عندما تسقط على رأس أحدهما لتغير حياته عن قرينه، كأنها تحمل وعدا ما، إنها مثل الحظ او الوسيط بين السماء والأرض، كونها  تأتي دوما من مكان أعلى. هذه العلاقة لها في رأيي وبصورتها هذه مكانا مميزا. أتذكر كان هناك حضور للريشة في فيلم "فورست جامب"، انها تختار الآشخاص المختارين بشكل ما، ولكن الاختيار هنا لربطهم واتصالهم بقانون أعلى،  ترمز له الريشة.

•    هل نستطيع نقول أن الجملة المناسبة عن مسيرة علاء خالد الإبداعية "حكايتك ضمن حكاياته"؟
- ربما لو تقصد الحكاية الشخصية جزء من حكاية أكبر، أتفق مع هذا الطرح، فليست هناك حكاية واحدة تمثل الرحلة أو الذاكرة، ولكنها تراكم حكايات، أنا ـ ككاتب وحكايتى الشخصية، جزء منها بالفعل، وهي تقف في خلفي لتدعم هذاالطريق الذي اخترته للكتابة أو للتعبير عن نفسي.

•    ما هى مشروعك الإبداعى الجديد؟

- بالنسبة المشاريع القادمة، هناك كتابان أحدهما أنجزته بالفعل، وهو قراءة في أعمال المخرج داود عبد السيد، وهناك كتاب آخر أتمنى أن أنجزه قريبا، عن "مصر العليا"، وأعتقد أنه سيكون كتابا له شكل توثيقي روائي عن رحلاتي المتعددة لمصر العليا بكل مايحمله هذه المصطلح من معرفة وخصوصية واختلاف. بجانب مشروع "نوفيللا" كتبت أغلبها أثناء اقامتي في أمريكا، منذ عقد من الزمان، وأتمنى أن أعيد كتابتها هذه السنة.