تساؤلات

«برايڤيت نامبر»

أحمد عباس
أحمد عباس

فى العموم.. يعتقد الأهل والأصدقاء والمعارف وذوو القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل فى معتقدات أبسطها غريب جدا منها مثلا ان الصحفى قادر على قلب الدنيا وإعادتها متى وكيف وأين يشاء وأمام الجن الأزرق ذاته وأنا أقدر لهم هذه الثقة، أما اذا كان هذا الصحفى نفسه يغطى مثلا ملفاً بعينه مثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فإنه بالقطع مطلوق اليدين وله قدرات مفرطة، أولا رقمه خاص لا يظهر اذا تهاون واتصل بشخص ما فإنه من لهو خفى أصحاب الـ «برايڤيت نامبر»، واذا اجرى مكالمته وظهر رقمه للمطلوب يكون ذلك اما تواضعًا منه أو تعمدا لإخفاء حقيقة أهميته ويكون بالنسبة للآخرين ليس الا إمعان فى افتعال الأهمية، أما الحقيقة أبعد فلا هو يملك رقما خاصا ولا هو مهم لدى أحد، بل ربما يكون الخط موقوفاً لأن عليه فاتورة لم يسددها أو ينتظر خصم رصيد أول شحنة لأنه كان سالفهم ع الطاير.


صحفى قطاع البترول أيضًا لا يسلم من هذه الظنون مهما توارى عن العيون، فهو بالطبع يمون سيارته عمال على بطال مجانًا وبعد كل عشرة آلاف كيلو متر من السير يستيقظ نهارًا ليجد مندوبًا أنيقًا من شركة الزيوت منتظرًا بأدب أسفل بيته ليجرى له صيانة سريعة ويبدل الفلتر ويقوم بغيار الزيت الدورى وذلك كله -قطعًا- بالمجان، أما اذا رآه أحد ماشيًا على قدميه أو متشعلقًا ومتشعبطًا فى وسيلة مواصلات عامة فيكون ذلك من باب «خزى العين» وإبعاد الحسد حتى لا تصيبه عين ماكرة تتربص به، لكن أحد هؤلاء صارحنى وقال: والله بعت العربية، ثم وتساءل: انت عارف الزيت والصيانة والكاوتش بقوا بكام!
أكثرهم حظًا هو المحرر المسئول عن قطاع الزراعة فهذا الشخص هو مسئول الغذاء والبروتين والڤيتامين، يتهامس الناس من حوله بأنه قرر الانتقال من بيته القديم بعدما ضاق عليه بسبب تكدس كراتين البيض المرصوصة فى الفسحة حتى أن الأولاد بعدما ملوا من عدم توافر مساحة يلعبون فيها صاروا يزّقلون بعضهم والضيوف والمارة والعابرين بالبيض المدملك أبو صفارين، أما ثلاجته فلم تعد تتسع لأفخاذ اللحم العجالى الضخمة ولا لأوراك النعام وصدور الديك الرومى المبقلظة، لذلك قرر هذا الداهية تبديل بيته فورًا لئلا يفتضح أمره وتسيل من طرقة بيته انهار العسل واللبن والزبدة البلدي.
المهم بعدما رأيت زميلى العزيز واقفا يفاصل ويناهد فى الفرارجى الذى يريد فلوسه كاش ع الترابيزة لقاء كيلو بانيه وصديقى يتوسل له أن يقبل الدفع بنظام الكمبيالات الآجلة مستحقة الدفع أو حتى ايصال أمانة، سألته: لماذا ستغير بيتك!، قال: الايجار زاد.
الطامة الكبرى رأيتها بأم عينى ولم أسمعها على لسان الناس كما الهمهمات السابقة، ذلك لما صادفت زميلى المسئول عن قطاع التعليم بعد أن مزعت جاكيتته المنسلة وانفصل نعل حذائه عن بقيته، بينما كان يتلقى لوكامية ممتازة أصابت عينه اليسرى فأغلقتها تمامًا وصارت كأنها ضربة مشرط لجراح غشيم، بينما انحنى يبحث عن قالب طوب أحمر يبطح به رأس الجانى وهو يسبه بالأب والأم والأنجال والأحفاد، ويركله الآخر بالشلاليت والركب ويقول له: لما انتم مش أد الدروس بتعلموا عيالكم ليه يا حّوش.


بالكاد خلصت زميلى من يد الجانى وأصررت على سحبه إلى قسم الشرطة لتحرير محضر رسمى وتوقيع كشف طبى يقول إنه يستأهل علاجاً أكثر من ٢١ يوماً ذلك أنها فى حكم الجُنحة، لكن زميلى رفض بشدة وقام وحب على رأس الجاني، وعرفنى إليه وقال: مستر الأولاد، واستطرد ماتقلقش مفيش حاجة احنا كل شهر كده مصارين البطن بتتعارك يا أخي، سلام يا مستر مستنيينك بكرة.