رحيق السطور: توثيق جرائم جماعة الدم والخيانة: الإخوان قتلوا «أسمهان»

أسمهان
أسمهان

فى كتاب «جماعة الدم» يرصد الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد سلسلة جرائم الإخوان من «1928إلى 1997» التى ارتكبوها فى حق أبناء مصر الشرفاء الذين أريقت دماؤهم الطاهرة الذكية «على أيدى جماعة الدم والخيانة».

ويكشف الكتاب الأسرار التى دفعت بالاحتلال الإنجليزى إلى إنشاء جماعة يبدو فى ظاهرها الحرص على مصالح الوطن ومناهضة الاحتلال نفسه، لكن فى باطنها الأداة التى يجرى من خلالها تنفيذ أهدافه.

فكان الإخوان بمشروعهم الذى ينبذ فكرة الوطنية، ويتصدى للمد الوطنى الذى تولد بعد ثورة 19، وعلى استعداد لاغتيال كل من يتصدى لمشروعهم الخبيث، واغتيال كل الوطنيين الأحرار، وقد سعى الاحتلال إلى تنفيذ خطته منذ قيام ثورة الشعب بقيادة الزعيم سعد زغلول عام 1919م، ويؤكد المؤلف أن حسن البنا لم يكن رجل دين أو من علماء الدين.

بل كان من السياسيين المؤمنين بالديكتاتورية، وهو ضد الوطنية المصرية لا يؤمن بالوطن، فهو يقول بالحرف الواحد متفقا مع الماسونية العالمية: إننا نحن الإخوان نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة ،وهم «أى ملايين المصريين» يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية، فكل بقعة فيها مسلم وطن عندنا.

وهم إخوة لنا وهم أهلنا، أما دعاة الوطنية المصرية فهم ليسوا كذلك فلا يعنيهم إلا البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الأرض «المصرية»، وهذا الحديث من البنا هو ما ذكره بمعناه المرشد مهدى عاكف عندما قال «طز فى مصر»، ويفرد الكتاب صفحات لتفسر لغز ارتباط البنا بالاحتلال الإنجليزى.

وعلاقة ذلك بنشأة الكيان الصهيونى، ثم يبدأ فى سرد الجرائم التى اقترفها الإخوان لصالح المحتل، فيبدأ بالجريمة اللغز، وهى مقتل الفنانة الشابة السورية الأصل «أسمهان» يوم 14 يوليو 1944 ، وقد ترك رحيلها لغطا كبيرا، وخرجت شائعات متعددة حول الجهة التى تقف وراءه.

,لكن الوقائع تشير إلى أنها كانت تحت «المجهر» الإخوانى إذ أصدر الجنرال «كلابتون»، أوامره للبنا بسرعة تصفية «أسمهان» لأن لديها معلومات خطيرة تهدد الحليفة بريطانيا، وهى على علاقة بالألمان، فقام البنا بدوره بإصدار أوامره لمسئول التنظيم السرى عبد الرحمن السندى بالتخلص منها لأنها درزية كافرة.

وجرى التخلص منها فى حادثة غرق سيارة، ونجاة السائق الملكف بالمهمة، وكان أحد أهم أسباب اختراع الإنجليز لجماعة الإخوان لمحاربة سلاح المقاومة الذى استخدمه عدد من رجال مصر الشرفاء والمقاومة التى زادت حدتها عقب ثورة 19.

وكانت المخابرات الإنجليزية قد أوصت بالتصدى والانتقام من أحمد ماهر ومحمود فهمى النقراشى لأنهما وراء إصرار مصر على جلاء الانجليز، وأيضا للأخذ بالثأر لمقتل «السيرلى ستاك».. والبنا بدوره يكلف رئيس التنظيم السرى عبد الرحمن السندى بوضع خطة اغتيال «ماهر» بحجة تزوير الانتخابات ضده لصالح منافسه بدائرة الإسماعيلية، وعلى الفور يكلف محام إخوانى شاب يدعى محمود العيسوى بالعملية.

,أما الجرائم التى تمت لصالح الكيان الصيهونى فمنها ما جرى داخل سينما مترو بالقاهرة ففى تمام الساعة الثالثة عصر أحد أيام مايو 1947دوت التفجيرات ليسقط جميع من بدار السينما ما بين قتيل وجريح، وتزامنت هذه التفجيرات مع غيرها مماثلة فى محلات ومتاجر يملكها يهود مصريون أيضا.

وكشفت أجهزة الأمن أن وراء هذه التفجيرات عناصر إخوانية، وانحصر الاتهام فى ثلاثة من الشباب المنتمين إلى الجماعة، فاتجه التنظم السرى للإخوان لتوجيه ضربة لأجهزة الأمن، فقاموا بوضع قنابل صوتية ضعيفة التأثير يوم 26 نوفمبر 1947 فى أقسام عابدين ومصر القديمة والسلخانة والأزبكية.

وكلها انفجرت فى توقيت متزامن.. وحين اسندت قضية تفجيرات سينما مترو إلى قاض متشدد وهو أحمد بك الخازندار اجتمع البنا بتنظيمه السرى واخبرهم بمخاوفه من إسناد القضية للخازندار قائلًا عبارته الشهيرة: «لو ربنا يريحنا منه»، وفى فجر يوم الإثنين 23 مارس 1948 ظهر الخازندار خارجًا من بوابة منزله مترجلًا كعادته نحو محطة القطار فأخرج حسن عبد الحافظ مسدسه وصوب نحو الخازندار ثلاث رصاصات طاشت.

وإلا أن «زينهم» الإخوانى باغت القاضى وطرحه أرضًا وأفرغ خزينة مسدسه من المسافة صفر لتستقر رصاصات الغدر والعمالة فى صدر وقلب القاضى الشريف غير مكترث المجرم الإخوانى «زينهم» بصراخ زوجته التى كانت تشاهد الموقف العصيب من شرفة منزلها.

وتم ضبط الجناة، واكتشف بالطبع أنهما من العناصر المنتمية إلى جماعة الإخوان.. واكتشف أن الأوامر الصهيونية كانت قد صدرت للبنا بالعمل على تطفيش اليهود من مصر بأية وسيلة وإجبارهم على الهجرة إلى إسرائيل حيث يتوافر لهم الأمن والطمأنينة.

وذلك يجيب عن السؤال حول سر استهداف الإخوان للمصالح اليهودية بكثافة مع بدء تنفيذ وعد «بلفور» بإنشاء وطن قومى لليهود على أرض فلسطين.. وفى 30 يونيو 1948 تم زراعة عدة قنابل فى حارة اليهود، وتم نسف العديد من المناطق بها، إذ إن الحارة كانت ومازالت عبارة عن منطقة صناعية وتجارية شاملة.

وليست مجرد حارة.. وفى 19 يوليو الموافق 12 رمضان تم تفجير محلات شيكوريل وأرويكو، وفى آخر رمضان تم تدمير محلات «عدس» و«جاتنيو»، وفى 22 سبتمبر من العام نفسه تم تفجير العديد من المحلات المملوكة لليهود فى الحارة التى تحمل اسمهم للمرة الثانية خلال ثلاثة شهور.

وفى 22 أكتوبر ضبطت أجهزة الأمن مخزنًا كبيرًا للأسلحة بعزبة الشيخ فرغلى بالإسماعيلية، وكان عضوًا بارزًا فى التنظيم الخاص، فقرر البنا الانتقام من أجهزة الأمن فتم تدبير مظاهرة بكلية القصر العينى يوم 12 ديسمبر وانتقل إليها سليم باشا زكى حكمدار العاصمة.

وتم رصده من العناصر المتمركزة على المبانى وقام أحدهم بإلقاء قنبلة شديدة الانفجار فى اتجاه الحكمدار الذى لقى مصرعه على الفور ليدخل فى قائمة جرائم ضحايا اغتيالات الإخوان، ولتبدأ جريمة أخرى نكراء وهى اغتيال رئيس وزراء مصر الوطنى محمود فهمى النقراشى.

ونتيجة طبيعية للإجرام الإخوانى بدأ النقراشى دراسة حل جمعية الإخوان، وحين جرى اغتيال اللواء سليم زكى باشا حكمدار العاصمة بات القرار وشيكًا، وفى الأربعاء من ديسمبر 48 أصدر محمود فهمى النقراشى باشا رئيس الوزراء وزير الداخلية وبصفته الحاكم العسكرى العام «حل جماعة الإخوان المسلمين بجميع شعبها فى مصر وإغلاق الأمكنة المخصصة لنشاطها وضبط سجلاتها وأوراقها.

ولأن الجماعة أمعنت فى شرورها وأصبحت خطرا يهدد الأمن العام، فأصدر البنا قرار الاغتيال.. وفى تمام الساعة الثامنة و45 دقيقة صباح الثلاثاء 28 ديسمبر 1948، تمكن عبد المجيد أحمد حسن من التسلل إلى وزارة الداخلية مرتديا زى ضابط الشرطة ووقف فى بهو الوزارة لم يلحظه أحد فقد خدع الجميع بزيه الأمنى.

وفى تمام التاسعة وصل النقراشى لمقر الوزارة واتجه للمصعد فباغته عبد المجيد برصاصات الغدر من الخلف لتستقر الرصاصات فى صدره وقلبه وتفقد مصر واحدا من أطهر رجالها، الكتاب صدر عن العالمية للصحافة والنشر.

اقرأ ايضاً | حارس سري لسعد زغلول.. والزعيم لا يعلم   

نقلا عن صحيفة الاخبار : 

2023-2-20