فى الشارع المصرى

الإسراء والمعراج

مجدى حجازى
مجدى حجازى

الإسراء والمعراج جاءت تكريما لرسول الله - - بعد معاناة كبيرة من أذى قريش وبطشهم.. بدأت بعد أشد عام قسوة على رسول الله -  - ألا وهو عام الحزن، الذى فقد فيه رسول الله -  - زوجته خديجة، - - وفيه توفى أبوطالب عمّ رسول الله -  - الذى كان سداً منيعاً وحصناً متيناً فى وجه قريش، وخشى رسول الله على دعوته، وتوجه بشكواه إلى الله تعالى طالباً منه النصر والعون.

قائلاً: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين أنت ربُّ المستضعفين وانت ربّى إلى من تكلنى، إلى بعيد يتجهَّمنى أم إلى عدو ملكته أمرى إن لم يكن بك علىِّ غضبُُ فلا أبالى، ولكنَّ عافَيَتَك أوسعُ لى أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بى غضبك أو يَحِلَّ علىَّ سخطُك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك». «المعجم الكبير للطبراني». وهنا أذن الله بالكرم والفرج.

ليمن الله على رسوله المصطفى -  - بمعجزة الإسراء والمعراج، مرصعة بدروس وعبر، حيث فيها: العبودية لله، فقد كرّم الله سبحانه وتعالى نبيه -  - ورفع قدره وجعله خير البشرية، وخاطبه فى كتابه الكريم ليس باسمه المجرد بل بلفظ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ)، و﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ ولم يُذكر باسمه إلا فى أربعة مواضع فى القرآن الكريم وقد جاءت بصيغة الإخبار لا الإنشاء، كقوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ «الفتح: 29»، وقوله: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِنْ بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ «الصف: 6» لكن سياق الآيات فى رحلة الإسراء والمعراج أتت بوصف النبى

- بوصف العبودية، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ «الإسراء: 1».. وثانيها: الثبات على المبدأ. فقد قال جل فى علاه لنبيه -

ممتناً عليه بنعمة الثبات: (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) «الإسراء: 74».

ويتضح الثبات على المبدأ فى المشهد الذى رآه النبى -  - لماشطة ابنة فرعون، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ -رَسُولُ اللَّهِ - -: (لَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الَّتِى أُسْرِىَ بِى فِيهَا أَتَتْ عَلَىَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؟، فَقَالَ هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلاَدِهَا..

قَالَ قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا، قَالَ: بَيْنَما هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتِ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ. فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِى، قَالَتْ: لاَ، وَلَكِنْ رَبِّى وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ..

قَالَتْ: أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ؟، قَالَتْ: نَعَمْ.. فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَاهَا فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ وَإِنَّ لَكَ رَبًّا غَيْرِى؟.

قَالَتْ: نَعَمْ رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ.. فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلاَدُهَا فِيهَا قَالَتْ لَهُ إِنَّ ليَ إِلَيْكَ حَاجَةً.

قَالَ وَمَا حَاجَتُكِ قَالَتْ أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِى وَعِظَامَ وَلَدِى فى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا. قَالَ ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ.

قَالَ فَأَمَرَ بِأَوْلاَدِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنِ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِىٍّ لَهَا مُرْضَعٍ وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ قَالَ يَا أُمَّهْ اقْتَحِمِى فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ فَاقْتَحَمَتْ.)، «أخرجه أحمد»..

وثالثها: الرجولة مواقف ومبادئ. سطرها رفيق الرسول -  - وصاحبه أبوبكر الصديق - رضى الله عنه -، عندما قال بالحق: «لئن كان قال ذلك لقد صدق»..

ورابعها: مكانة المسجد الأقصى المبارك، حيث أبرزت فضل المسجد الأقصى المبارك القبلةً الأولى للمسلمين قبل المسجد الحرام، فهو ثانى المساجد بناءً بعد الكعبة المشرفة، وثالث المساجد مكانة وأجراً بعد المسجد الحرام والمسجد النبوى.
كل عام ومصرنا الحبيبة بخير..

حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره..

وتحيا مصر.