نزار السيسي يكتب: ثقافة الاختلاف

نزار السيسي
نزار السيسي

بقلم: نزار السيسي

..دُعاة التطرف دائمًا ما يُعلنون الحرب على أي فكر أو فن أو ثقافة جديدة ، فهم يستميتُون في التمسك بالماضي ويرفضون التجديد أو السير مع العصر ومُتطلَّباته، هؤلاء المتطرفون يُوهمون الناس بأنَّ اتّجاههم نحو العصرنة وتَقبُّلهم للحداثة يُعتَبرُ كُفرًا بالدين وخروجًا عن شرع الله !

أعتَقِد أن اختلاف الناس عن بعضهم البعض ليس بسبب أُصولِهم أو أشكالهم أو عقائدهم، إنّما بسبب «الجهل والتَّعَصُب» اللذان يُؤدّيان إلى سوء الفهم وبالتالي الخِلاف على كل شيء دون سببٍ منطقيّ.في اللحظة التي يَتنازَل فيها الجميع عن أوهامهِ، سَنَكتَشِف جميعًا أنّنا كُنّا مُجَرَّد حَمقى.كما أنني أعتَقِد أن معظَم الناس حين يَتناقشون حول أمرٍ ما،لا يَرَون؛أو لا يُدرِكون، أنَّهم مُوزَّعون على مَراتِب مختلفة مِن الفهم، وبالتالي مِن الخطأ أن يَتوقَّعوا رؤية الأمور مِن نفس الزاوية، ‏ليس كل مَن يَقطَع طريقٍا ما يَتَذَكِّر جميع تفاصيله، لذلك الكثير مِن النقاشات تَتَحوَّل مِن حالة تَبادُل مَعرفي إلى حالة هجوم ودفاع وتَرَاشُق ومحاولات إثبات للذّات. 

‏إننا اليوم مُلزمون بتعلُّم ثقافة الاختلاف وعدم إكراه الآخر على العيش وفق أهوائنا وقناعاتنا أو إرغامه على السير حسب أفكارنا ومعتقداتنا، بل وعلينا أن نحمي حقّه في اختيار الطريق أو الوجهة التي يبتغيها ، وطالما خِياره ذاك لا يَضُرُّنا فليَكُن التقبُّل والاحترام أساس التعامل بيننا.

‏أنا إنسان فقط لست غربيا ولا شرقيا، آخذ من كل الحضارات ما يعجبني ويتماشى مع ديني وأترك ما لا يعجبني ولا يتناسب مع تعاليم ديني. 
لن أكون أجدادي ولا أجداد غيري سأكون أنا وفقط ...

أبحث عن ذاتي في كل مكان بين الشجر والحجر، بين الأدب والفكر، بين الموسيقى والفنون، بين المغامرة والجنون ...‏أسافر دائمًا وأتعرف على أناس جدد بأفكار وثقافات جديدة، وأكتشف أنّ الانعزال والانطواء يمنع مجتمعاتنا من الانفتاح على الآخر الذي تخافه ، لأنها هشّة تدعّي الحقيقة الكاملة لكنها تخاف أن يطالها لو مجرد نسيم مختلف يحرّك أوراق أشجارها الآيلة للسقوط. 
‏كيف لنا أن نسمح للآخرين أن ينتجوا لنا لباسنا ودوائنا ووسائل نقلنا وكل شيء ننعم به ، لكنّنا لا نريد أن يتكلّم أو أن يتأثر أبنائنا بأفكار وعلم علمائهم؟!

اكسر قاعدة «الالتزام بما تعرفه»! عوّد قدمك على أن تطأ أراضٍ جديدة، وافعل أشياءً مختلفة وهذا لا يعني بالضرورة أن تكون أشياءً صعبة، بل يكفيك أحيانًا مجرد تغيير الاتجاهات التي تسير نحوها. كلما خضت تجارب جديدة كلما زاد انفتاح عقلك، وما يدريك فلعلك تكتشف كنزًا كان متواريًا في الظلمات!