«حياة كريمة» لـ«العمالة غير المـُنتظمة»: رعاية اجتماعية وصحية وتعويضات وشهادات «أمان»

العمالة غير المـُنتظمة
العمالة غير المـُنتظمة

ياسمين عبدالحميد

لسنوات طويلة، عانت فئة العمالة غير المُنتظمة من التهميش والتجاهُل، رغم أهميتها الكبيرة فى المجتمع، ودورها القوى فى مُختلف القطاعات الإنتاجية، غير أن السنوات الأخيرة شهدت دعمًا كبيرًا واهتمامًا ملحوظًا من القيادة السياسية بتلك الفئة، التى تُمثل شريحة كبيرة من الأيدى العاملة المصرية، وكانت من أبرز الفئات التى تأثرت بالأحداث والتحديات التى شهدها العالم وأثرت على مصر، سواء جائحة كورونا أو أزمة الحرب «الروسية - الأوكرانية»، وتضافرت جهود مُختلف أجهزة الدولة لتقنين أوضاع العمالة غير المُنتظمة، وتوفير أوجه الرعاية الصحية والاجتماعية والتأمينية لها، والسعى نحو توفير «حياة كريمة» لها والارتقاء بمستوى معيشتها والوقوف بجانبها وقت الأزمات.

وزارة القوى العاملة، اتخذت حزمة من الإجراءات التى تكفل للعمالة غير المُنتظمة المزيد من الحقوق لتحسين مستوى معيشتهم، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية برفع الأعباء عن كاهل تلك الفئة، وتوفير مظلة حماية تأمينية واجتماعية وصحية للفئات الأولى بالرعاية تراعى أحوالها وتضمن «حياة كريمة» لأسرها، وذلك من خلال القيام بعمليات الحصر والتسجيل لها مع صرف منح استثنائية فى الظروف الاستثنائية، وإدخالهم فى منظومة التأمين الاجتماعى، وتشكيل النقابات العمالية والمهنية لضمان منحهم العديد من المزايا والخدمات العامة، وزيادة الدعم المُقدم لهم من صندوق إعانات الطوارئ، وغيرها..

ويدخــل ضــمن الفــئات المُســتفيدة من امتيازات العمالة غير المُنتظمة، العمالة المؤقتة بالزراعة، والذين تقل مُدة عمالتهم لدى صاحب العمل عن 6 أشهر متصلة، ومنهم عمال الحقول، والحدائق، والبساتين، والعاملون فــــى مشــــروعــات المناحــــل وتربية الماشية والحيوانات الصغيرة والدواجن وأراضى الاستصــــلاح والاســـــتزراع السمكى، وملاك الأراضى الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن فدان، وعمال التراحيل، وعمــــــالة الشـــــــوارع وصـــــغار المُشتغلــــين لحســــــاب أنفـســـهـم كالباعــــة الجـائلين، ومــــنادى السيارات، ومـــوزعـى الصحف، وماسحــى الأحــذية المتجولين، ومثلهـم مــن الفـــئات المماثلة والحرفيين، وكذلك عمالة المنازل، وغيرهم..

ووفقًا لوزير القوى العاملة، حسن شحاتة، فإن حسابات الرعاية الصحية والاجتماعية للعمالة غير المُنتظمة بمديريات القوى العاملة، أسهمت بـ1.4 مليار جنيه فى دعم قطاع العمالة غير المُنتظمة؛ فى إطار الخطط والبرامج التى تقوم بها الدولة فى إدارتها خلال جائحة كورونا لحماية العمالة المُتضررة من التداعيات الاقتصادية، مُشيرًا إلى أنه تم صرفها على مرحلتَين شمل 6 دفعات فى الفترة من أبريل 2020 حتى مارس 2021، مُضيفًا أن هناك «حماية اجتماعية تكميلية» تتمثل فى تقديم الدعم النقدى فى المناسبات الاجتماعية ووقت الأزمات والعلاج الطبى وإجراء العمليات الجراحية، وتم إنفاق نحو 2 مليار جنيه على أوجه رعاية العمالة غير المنتظمة المسجلة بقاعدة بيانات الوزارة منذ 2007.

حماية وتعويض


وعن قيمة التعويضات المُقدمة للعمالة غير المُنتظمة المُسجلة بقاعدة بيانات وزارة القوى العاملة، أوضح الوزير أنها  تبلغ 10000 جنيه فى حالة وفاة العامل تُصرف لورثته، وكذلك فى حالة العجز الكلى، كما يُصرف للعامل 5000 جنيه فى حالة العجز الجزئى، وفى حالة إجراء عملية جراحية كبرى، أما فى حالة إجراء عملية جراحية صغرى فيصرف 2000 جنيه، كما تُصرف 2000 جنيه أيضًا فى حالة الوفاة لأحد أقارب العامل من الدرجة الأولى، و3000 جنيه عند الزواج، ومثلها عند الولادة الأولى والثانية، وفى حالة التوأم يصرف 3000 جنيه، كما تُصرف منح الأعياد «عيد الأضحى - عيد الفطر - عيد العمال - المولد النبوى» 500 جنيه، وهناك أيضًا مصروفات خاصة بالخدمات العامة التى يمكن تقديمها للعمال لمواجهة أى أزمات طارئة، كما تُصرف قيمة الكشف الطبى بالمستشفيات، والصيدليات، والمراكز الطبية، ومعامل التحاليل والأشعات الطبية.

إدارة مُتخصصة
رضا العربى، مدير إدارة حسابات العمالة غير المُنتظمة بوزارة القوى العاملة، أشار إلى إنشاء إدارة مُتخصصة لحسابات العمالة غير المُنتظمة، موضحًا أنها تخضع لإشراف وزير القوى العاملة، وتهدف لإحكام الرقابة على موارد تلك الفئة وأوجه صرفها، من خلال وضع ضوابط وإجراءات تنظيم هذه الحسابات، وتعظيم الاستفادة من الموارد وتوظيفها بالشكل الصحيح، وتقديم خدمات فعلية سواء الرعاية الاجتماعية أو الصحية، كما تسمح للوزارة بالتدخل بشكل عاجل وفورى لحماية أسرة أى عامل قد يتعرض لظروف طارئة، مُشددًا على أن الوزارة تستهدف بناء قاعدة بيانات حقيقية ترتكز على استهداف العمالة غير المنتظمة التى تعمل داخل القطاعين الرسمى وغير الرسمى على عدة مراحل، حيث إن عدد المستهدفين فى المرحلة الأولى يبلغ 2.5 مليون عامل، وأشار إلى أن الوزارة تمتلك 75 مركزًا للتدريب منتشرة على مستوى المحافظات، منها 38 مركزًا ثابتًا، و10 وحدات تدريبية ثابتة، و27 وحدة تدريب مُتنقلة، لتدريب الشباب من الجنسين على مهارات العمل المُختلفة، كما تتعاون القوى العاملة مع التربية والتعليم والتعليم الفنى، لتنفيذ خطة تمويل وتطوير المدارس الصناعية والفنية.

وأوضح العربى، أنه تم أيضًا إصدار وثيقة أمان بتكلفة 27.527.500 جنيه لـ44.639 عاملا غير مُنتظم، وكذلك إصدار وثيقة تأمين اجتماعى فى 2021، فى حالات الوفاة بحادث أو العجز الكلى والجزئى المُستديم بـ100 ألف جنيه، وأجهزة طبية للفرد بـ15 ألف جنيه للمُسجلين بقاعدة بيانات الوزارة لـ237.237 عاملا غير مُنتظم، بتكلفة 14.234.220 جنيها، وتم مُضاعفة التغطية التأمينية للوثيقة فى بداية 2022 لتصل لـ200 ألف جنيه فى حالة الوفاة بحادث أو العجز الكلى، ومصاريف العلاج الطبى للعامل المؤمن عليه بـ20 ألف جنيه، وأجهزة طبية للعامل المؤمن عليه بـ10 آلاف جنيه للمسجلين بقاعدة بيانات الوزارة لـ254.099 عاملا غير مُنتظم، بتكلفة 15.245.940 جنيها.

دعم نقدى
إيهاب عبد العاطى، المُستشار القانونى لوزير القوى العاملة، قال إن العمالة غير المُنتظمة فى مصر كانت منسية لسنوات عديدة، ولكن فى الفترة الأخيرة تغير الوضع، تحديدًا منذ 2014، حينما بدأت الدولة تنظر للعمالة غير المُنتظمة وتحددها وتحدد أرقامها لمعرفة حجم الدعم الذى يُمكن أن تُقدمه لها، لافتًا إلى أن العمالة غير المُنتظمة تمتعت بالدعم النقدى لأول مرة منذ 2014، مُضيفًا أن أزمة كورونا أظهرت معاناة هذه الفئة وحاجتها للدعم، وضرورة أن يكون هناك حرص من الدولة على هذه الفئة بشكل مستمر، موضحًا أن الإحصائيات تُشير إلى أن أعدادها حاليًا تتجاوز الـ10 ملايين عامل، مُشددًا على أن النسبة المُسجلة تحت مظلة وزارة القوى العاملة تمتعت جميعها بالدعم النقدى الذى وجه به الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال أزمة كورونا، واستمر لـ6 أشهر.

المهندس خالد الفقى، نائب رئيس اتحاد العمال، قال إن الرئيس عبد الفتاح السيسى، منذ توليه المسئولية، يولى فئة العمالة غير المُنتظمة اهتمامًا كبيرًا، لافتًا إلى أن وزارة القوى العاملة اتخذت إجراءات عديدة لحمايتهم عبر إنشاء قواعد بيانات لهم بهدف دعمهم فى الحصول على حق الرعاية الصحية والاجتماعية، حيث تم منحهم بعض المميزات التى لم تكن موجودة من قبل، التى تشمل بعض المنح المادية فى المناسبات والتعويضات عند الإصابات ضمن إطار الرعاية الاجتماعية، وفى حالات الوفاة والعجز، ووفاة الأقارب من الدرجة الأولى، والولادة، وأوضح أن الاتحاد يسعى جاهدًا بالتنسيق مع أكثر من 8 نقابات تضم فئات العمالة غير المنتظمة، لحثهم على التسجيل فى مديريات القوى العاملة، مُناشدًا فئة العمالة غير المُنتظمة بمختلف المهن الإسراع فى التسجيل بالمُديريات التابعين لها ودفع الاشتراك التأمينى، واستخراج شهادة مزاولة المهنة، والتمتع بالتغطية التأمينية والرعاية الصحية من خلال مستشفيات القوى العاملة.

القرار الأهم
النائبة سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، اعتبرت قرار حصر العمالة غير المُنتظمة، وتحديد بياناتها هو الأهم لهذه الفئة التى هُمشت كثيرًا، لافتة إلى أن قانون العمل الجديد ينص على إنشاء صندوق خاص بهم عبر شبكة معلوماتية لتدريبهم وإعادة تأهيلهم وتطوير إمكاناتهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، لافتة إلى أن توجه الدولة نحو رعاية العمال عمومًا والعمالة المنتظمة تحديدًا أصبح مُختلفًا ويدل على الاستدامة فى تقديم الدعم لهم سواء النقدى أو اللوجيستى، وأوضحت أنه سيتم فتح شباك بمعايير مُحددة لتسجيل العمالة غير المُنتظمة، وتوضيح كيفية تسجيل أنفسهم، على أن تتم متابعة آليات ذلك من البرلمان والحكومة، ولن يكون مقبولًا أن يستفيد شخص من كل برامج الحماية الاجتماعية أثناء التسجيل.

اقرأ أيضأ : وزير القوى العاملة يُسلّم العمالة غير المنتظمة وثائق تأمين | صور