مؤمن جمال يكتب: هكذا بقي أبي حيًا

مؤمن
مؤمن

أبي، مضى عام على رحيلك، وما زلت أتذوق مرارة الفقدان في كل لحظة أعيشها، ففقدانك موت على قيد الحياة، في مثل هذه الأيام اخفقت القلوب واعتمت الدنيا أمامنا وخيم الحزن علينا، بعد ساعات قليلة يبدأ عام جديد على أسرتنا الصغيرة التي كنت ربها ومنجاها بدونك، بدون ضحكتك الصافية الجميلة المرسومة على وجهك دائمًا، التي لا تغيب عن مخيلتي، بدون طلتك، دون نصائحك التي لا تبخل يومًا عن تقديمها لنا، دون توجيهاتك، دون الحنان الذي كان يكسونا دفئاً.

كان أبي ذو ضحكة جميلة، وقلب أبيض يتسع للجميع، كم أتمنى وجودك معنا وتقبيل يديك الطاهرتين، كم اشتاق الى الحديث والجلوس معك، وإلى نصائحك، اشتاق الى وقت وصولي بلدتنا قادما من القاهرة وأنت تنتظرني، وتكون أول المستقبلين وتغمرني بحضنك الذي يساع الدنيا بأكملها، اشتاق الى فهم قواعد الحياة على يديك، أراك في أركان البيت، والله حتى إني أشتاق الى توبيخك لي.

ها أنت نائم في قبرك مستيقظ في قلبي، رحل جسدك الطاهر، لكن روحك لازالت معي، اتذكرك دائما، لم أنساك قط، ذهبت الى دار الحق.. لكنك باق بيننا لا تفارقنا، يوم فراقك لن أنساه ولم يغيب عن مخيلتي، لقد أخذك الموت فجأة، خلسة، دون توديع، دون سابق إنذار، دون أن نكمل حديثنا، دون أن تخبرني ماذا أفعل لكي استكمل ما بدأته، فقد كنت السند والظهر، لم تعد بيننا الآن، لكن تظل ذكرياتك توجهني، فلم أتعلم منك إلا القليل، اتمنى أن تعود الأيام لنلتقي سويا، لنكمل حديثنا عن كل شئ. 

دفنت تحت التراب، ولم تعد للبهجة مكان في قلبي، فلا يوجد إلا مرارة الفقدان وألم الذكريات، لقد بكيت كثيرا على فراقك، ما زالت فكرة رحيلك كالحلم الذي أود أن استيقظ منه، أتألم كثيرا عندما أرى أب يسامر ابنه، حينها يزداد ألم الحرمان.

لقد تركت لنا الخير كله، أهمه الذكرى الطيبة والسيرة الحسنة التي نعيش عليها، فأنت الغائب الحاضر، افتخر بارتباط اسمي باسمك، وازداد اعتزازًا عندما أسمع قول "إلى خلف مماتش"، أفرح كثيرا عندما يشبهني الناس بك.

كلمات كثيرة وحكايات أكثر لم أخبرك عنها، اخرها أنني اشتاق إليك كثيرا، انتظرك كل ليلة في منامي لتشاركني أحلامي، وإلى لقاء قريب يا حبيبي، وإنني أدعو الله أن يغفر لك ويرحمك وأن يسكنك فسيح جناته بغير حساب ولا سابقة عذاب.