رادار الدائرى ووعى المواطن

محمود صالح
محمود صالح

..حكى لي صديقٌ مغترب أنه أثناء قيادته لسيارته بسرعة بعد أن تأخر عن عمله،  تفاجأ بوصول رسالة على هاتفه تفيد بأنه تجاوز السرعة المحددة، وأنه لزامًا عليه دفع الغرامة، يومها استرسل الصديق في القبضة الأمنية المشددة واستخدام التكنولوجيا في إحكامها وضبطها، وأنه يعيش في دولة متطورة تقدر قيمة الفرد وتطبق القوانين لحمايته.
لكن ما لفت نظري بعد فترة أنه تذمر من رسالة على هاتفه أثناء قيادته لسيارته في مصر تفيد بأنه تجاوز السرعة المحددة وبات لزامًا عليه دفع الغرامة. معنونًا أن الهدف من ذلك الجباية فقط، هذا الخلل الواضح شكّل ازدواجية فجة، ظهرت ملامحها في الكثير من المواقف والأمور، وساد بين الكثير من أصحاب العقولة المريضة قبول في الخارج ما يرفضه بالداخل، بل ويفسر ذلك بأسباب يراها منطقية، وهي لم تأتها المنطق من بين يديها ولا من خلفها.
مع اتساع الطرق والمحاور، بات لزامًا على الأجهزة الأمنية أن تضع ضوابط للحد من السرعات حفاظًا على أرواح المواطنين وسلامتهم، هذه الضوابط كانت من شأنها التوسع في وضع إشارات على الطرق توضح السرعة المحددة، ورادارات لرصد السرعات المتجاوزة، وكمائن مرورية ثابتة ومتحركة من شأنها ضبط الأمن على الطرق ومتابعة المخالفين، وقوانين صارمة تشكل رادعًا حقيقًا، وهذا الأمر على ما فيه ما عقوبات بالسجن ومخالفات بمبالغ مالية تبدو كبيرة، إلا أن الهدف منها الردع لكل من يتجاوز السرعة المحددة، ولكل من لم يلتزم بالضوابط والقوانين المرورية. بمعنى أن الهدف من وراء ذلك كله تجنب الحوادث، والحرص على سلامة المواطن.
لكن يأتيك من بني وقت لآخر من يزعم أنه لا يفسر هذا التطور التكنولوجي إلا أنه مزيد من العقوبات، دون أن يروا الجانب الإيجابي منها، مع أنهم - نفس الأشخاص - إن سافروا وعاشوا في أي دولة سيلتزمون بقوانينها ويدفعون الغرامات المقررة بصدر رحب، بل سوف يشيدون بها أيضًا.
المشكلة كلها –من وجهة نظري المتواضعة - في قلة من الناس يرون في مخالفة قانون المرور أو كسر إشارة نوع من الفهلوة، ولو أنهم تعرضوا لحادث على الطريق بسبب سيارة مسرعة يقودها شخص أهوج، سوف يطالبون بملء فمهم أفراد الأمن بمعاقبة هؤلاء أشد العقاب، وتطبيق القانون عليم.
لذلك لا أجد أى سبب في تبرير البعض تجاه محاولة أحد الأشخاص إتلاف رادار الطريق الدائري بالقليوبية إلا ترسيخًا لمبدأ الهروب من العقاب، وأن الذين أشادوا بالواقعة عبر السوشيال ميديا واعتبروها جيدة وبداية لمزيد من إتلافات رادارات الطرق هم أصحاب الوعي الوطني الحقيقي، فمن يخطأ عليه أن يتحمل العقاب.