فى الصميم

مصر والهند.. والشراكة الاستراتيجية

جلال عارف
جلال عارف

العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين، والمصالح المشتركة، والتحديات الإقليمية والعالمية.. كلها عوامل تدفع مصر والهند للسير قدماً فى طريق الشراكة الاستراتيجية والتعاون الكامل فى كل المجالات.


على مدى التاريخ كان إسهام الدولتين فى الحضارة الإنسانية حاضراً بقوة.. وفى العصر الحديث كان نضال الشعبين ضد الاستعمار ومن أجل الاستقلال والتقدم نموذجاً يلهم شعوب العالم. ما بين ثورة 19 وثورة المهاتما غاندى من التأثير المتبادل كان داعماً للنضال من أجل التحرر.. وبعد ثورة يوليو كان اللقاء بين نهرو وجمال عبد الناصر بداية صفحة جديدة قادت فيها مصر والهند مع يوغوسلافيا حركة الحياد الإيجابى وعدم الانحياز. وكان التعاون بين البلدين ينمو فى كل المجالات.. وقبل يونيو 67 كانت مصر والهند تتشاركان فى إنتاج طائرة "الميج" الروسية بأن تصنع مصر محرك الطائرة وتصنع الهند هيكل الطائرة، ثم توقف مشروع الشراكة بسبب هزيمة يونيو لتكمل الهند المشروع بعد ذلك بمفردها.


الآن تبدو الظروف مهيأة لتعميق التعاون بين البلدين. عوامل التكامل بين اقتصادى البلدين متوافرة، والمصلحة الوطنية لكل منهما تجعل الشراكة ضرورية فى ظل أوضاع دولية وإقليمية ضاغطة على الجميع، ونظام دولى جديد مازالت تتشكل ملامحه لكنه يتخلص من الهيمنة ويتجه نحو تعدد الأقطاب ونحو دور متصاعد للدول النامية حين توحد جهودها وتكثف التعاون فيما بينها.


الهند بمليار وربع المليار من المواطنين تخوض تجربة تنمية مهمة وأصبح اقتصادها ضمن أكبر خمسة فى العالم. الشراكة معها تفيد الجانبين، وتتسع لجميع المجالات.. من السياحة والثقافة إلى الدفاع والتصنيع. والمتوقع أن تكون الهند حاضرة بقوة فى مشروعات محور قناة السويس.. والمهم أن هناك إرادة سياسية حاضرة بقوة من أجل تعزيز التعاون بين عاصمتى دول الانحياز (القاهرة ونيودلهى) وهى رسالة واضحة فى ظل أوضاع دولية متأزمة تتجه نحو الاستقطاب بين جبهتى الصراع.
لا يعيد التاريخ نفسه، لكنه يظل يرشدنا إلى الطريق نحو المستقبل. نستطيع أن نجعل من الشراكة مع الهند علامة مميزة على هذا الطريق.