مصر وطن الفن l منبع صناعة الموسيقى وبوابة النجومية

نجوم الموسيقي المصرية
نجوم الموسيقي المصرية

ندى محسن

مصر هى بلد محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، بليغ حمدى، رياض السنباطى، كمال الطويل، وغيرهم الكثير من مُبدعي مصر الذين أثروا الساحة الغنائية فى الوطن العربى بأكلمه بروائع الأعمال الموسيقية.. هي نافذة الأكاديميات والمعاهد الموسيقية العريقة التى أُنشئت منذ مايزيد عن مائة عام، مثل معهد الكونسرفتوار، معهد الموسيقى العربية، معهد التربية الموسيقية .. تاريخ موسيقي كبير حقق الريادة لمصر منذ عشرات العقود، ومازال ماضينا الموسيقى وحاضره يتصدر المشهد الغنائى فى الوطن العربى، ولا يُمكن سحب البساط منه.

فى البداية يقول الموسيقار صلاح الشرنوبي : “مصر منبع الفنون، ومن أرضها انطلقت كل الألوان والأشكال الموسيقية إلى ربوع الوطن العربى، بل أن الانطلاقة الكُبرى لأي فنان تبدأ من مصر ليُحقق بعدها الشهرة والنجاح والنجومية، ولنا في ذلك أمثلة عديدة مثل وردة الجزائرية، فايزة أحمد، سميرة سعيد، لطيفة، وغيرهم الكثير، وكانت وستظل مصر هي المرجعية في الفنون بتاريخها وإرثها الفني الذي خلفه نجومنا ورموزنا الكِبار خاصة خلال عصر الخمسينيات والسيتينيات والسبعينيات، تلك الفترة التي شهدت أزهى وأوج عصور الفن في مصر، لكن مع الأسف بدأ الفن يتراجع ويتردى إلى أن وصلنا إلى المرحلة التي نحن عليها الآن، وأقصد بها موسيقى المهرجانات التي تتصدر المشهد الغنائي، وهي لا تليق بمكانة مصر”.

ويضيف الشرنوبي : “نأمل أن تظل مصر حاملة راية الريادة في الوطن العربي، لكن ذلك يحتاج إلى تضافر الجهود الذاتية من أجل النهوض والتقدم بأي صناعة سواء سينمائية أو درامية أو موسيقية أو مسرحية، وهناك تقدم واضح وملحوظ على صعيد الدراما، وذلك بفضل المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ودورها في تقديم أعمال درامية على مستوى رائع، وكنا نفتقد هذا التوجه على صعيد الموسيقى والغناء، لكن بدأت الكيانات والقطاعات التابعة للدولة مُتمثلة في وزارة الثقافة ودار الأوبرا المصرية في إقامة عدد كبير من المهرجانات الغنائية في محافظات مصر بخلاف مهرجاني الموسيقى العربية، ومهرجان القلعة للموسيقى والغناء، وهو ما ينعكس بالإيجاب على الشأن الموسيقي في مصر، لكننا مازلنا بحاجة إلى إقامة وإنشاء مسارح غنائية كبرى، واستديوهات على مستوى عالِ تُنافس الاستديوهات العالمية”.

وعن إمكانية التأثير على الفن المصري يقول : “هناك تأثير واضح، ومن الممكن أن يمتد ما لم ننتبه للإنجازات والتطورات التي تحدث في العالم حولنا، ونضع خطط سليمة حتى نستطيع المواكبة خاصة أن صناعة الأغنية المصرية أصبحت في تراجع بعد إغلاق العديد من شركات الإنتاج الكبرى، لذلك لابد أن تتدخل الدولة من جديد في عملية الإنتاج بإعادة إحياء قطاع الإذاعة والتليفزيون، ذلك القطاع الذي أخرج لنا رموز الفن المصري أمثال أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، نجاة، ليلى مراد، شادية، محمد عبد الوهاب، وأنتج العديد من الأعمال الغنائية الناجحة التي مازال صداها يدوي حتى الان، وهي الأعمال التي كانت تتميز بالتنوع في الأشكال الموسيقية، وهو ما نفتقده في وقتنا الحالي، حيث أصبحت الأغنية المصرية تفتقد التميز والإبداع بعد أن بات أغلب النجوم أمثال عمرو دياب، تامر حسني، محمد حماقي، شيرين عبد الوهاب، أنغام، وغيرهم من النجوم الشباب يعتمدون على إيقاع موسيقى واحد، فأصبحت مصر تفتقد التنوع الذي يُحقق لها الريادة”.

ومن جانبه، يقول الموسيقار محمد علي سليمان : “مصر ستظل رائدة الفنون في كل الوطن العربي، وسحب الريادة منها أمر صعب وشبه مستحيل، فنحن نتحدث عن عراقة دولة سيذكرها التاريخ على مر العصور عن حضارتها وفنها وثقافتها التي ليس لها مثيل في العالم أجمع، فمنذ قديم الأزل وهي تتصدر المشهد الفني على مستوى الوطن العربي، لكن هناك محاولات للمنافسة، ولما لا ؟ ما دامت المنافسات مشروعة وشريفة، ويُضيف : “كل دولة تحاول أن ترتقي بفنها حتى تستطيع مواكبة الفن المصري، صحيح أن مصر يمر عليها أحياناً بعض الأزمات والزوابع الفنية مثل ظاهرة المهرجانات التي تُزاحم الفن المصري الراقي لكن هذا لا يُفقدها أو ينقص من مكانتها ورونقها”.
ويستكمل قائلاً : “عندما نذكر تاريخ الفن الموسيقي المصري لا يُمكن أن نغفل عن الفرقة الماسية، أحد أعرق الفرق الموسيقية التي استمرت على مدار أكثر من 30 عاماً، وكنت أحد العازفين بها لسنوات طويلة، وكانت تجوب الوطن العربي كله لنشر الأفكار والثقافة الموسيقية المصرية، وغيرها من الفرق التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الوطن العربي بأكلمه، لكن أعترف أن هناك حالة من الخمول التي يمر بها الفن المصري لاسيما على صعيد السينما والموسيقى تحديداً، لكنها حالة مؤقتة تمر على معظم بلدان العالم، ومن المؤكد أن يعقبها انفراجة ونشاط قوي من جديد، وأحد أهم القطاعات التي من الممكن أن تساهم في عودة العصر الذهبي للأغنية هو قطاع الإذاعة والتليفزيون، وغيابه عن الإنتاج لسنوات طويلة هو السبب الجوهري في هبوط وتردي معظم الأعمال الغنائية التي نستمع إليها في الوقت الحالي”.

ويُتابع : “سنظل أصحاب الريادة في العالم العربي والشرق الأوسط، وذلك بدليل أن معظم البلدان العربية تعتمد على الموسيقى المصرية، ومن الملاحظ أن الفرق الموسيقية العربية يتكون أغلبها من العازفيين مصريين، ولا تخلو أي احتفالات عربية من التواجد المصري الذي يُضيف لمسة ابداع خاصة، لكن نحن في احتياج لتنشيط الحالة الموسيقية من جديد عن طريق اكتشاف مواهب غنائية جديدة، مواهب حقيقية تستحق الفرصة والتواجد والشهرة”.
بينما يختلف معهما الموسيقار منير الوسيمي قائلاً : “الفن سلعة استراتيجية يحتاج إلى رعاية واهتمام حتى ينهض، وقديماً في عصر الخمسينيات والستينيات كان هناك اهتمام بالغ بالفن المصري، لأنه يُمثل القوى الناعمة لمصر، ونحن الآن نعيش على الإرث الموسيقي الذي خلفه لنا جيل العظماء أمثال محمد عبد الوهاب، رياض السنباطي، عبد الحليم حافظ، أم كلثوم، وغيرهم الكثير، وكان لنا الريادة في هذا العصر، لكن الريادة أصبحت تتراجع شيئاً فشيئاً، ولعل السبب في غياب قطاع إنتاج الإذاعة والتليفزيون عن القيام بمهامه وتصحيح مسار الإنتاج في مصر، ووضعه على الطريق الصحيح، وترك مقاليد الأمور في يد مَن هم ليسوا أهل لها.

 ويُضيف : “مازلنا نعيش ونتفاخر بالماضي أما حاضرنا يحتاج إلى تدخل سريع للنهوض بالغناء والموسيقى من جديد، فالفن مرآة أي حضارة وشعب، وأتمنى أيضاً إلقاء الضوء على الجيل القديم من المُبدعين في جميع التخصصات، وإعطائهم صلاحية الإشراف على الإنتاج الفني في مصر”.

اقرأ أيضا | محمد ثروت: 3 قنابل مثيرة للضحك !