سفير الهند بالقاهرة: الزيارة المرتقبة للرئيس السيسي لنيودلهي ترفع مستوى العلاقات الاستراتيجية

سفير الهند بالقاهرة خلال حواره مع «الأخبار»
سفير الهند بالقاهرة خلال حواره مع «الأخبار»

مصر تقف بحزم فى مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار الإقليمى
التعاون فى مجال الأمن والدفاع على رأس أولوياتنا
القاهرة منأهم مقاصد الاستثمارات الهندية فى المنطقة
50 شركة تستثمر 3.1 مليار دولار وتوفر 38 ألف فرصة عمل
ضخ استثمارات فى مجال الهيدروجين الأخضر بمصر قريباً

 

أكد أجيت جوبتيه سفير الهند بالقاهرة أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى المنتظرة للهند ستكون مختلفة عما قبلها من الزيارات حيث ستسهم فى تعزيز العلاقات بين البلدين و تجعلها أكثر شمولا و ترتقى بها إلى مستوى الاستراتيجية  ، و أضاف سفير الهند فى حوار خاص لـ«الأخبار » أن جائحة كورونا جعلت البلدين يدركان أهمية زيادة التعاون فى مجال الصحة و الأدوية و أشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد ضخ المزيد من الاستثمارات الهندية فى مجال الهيدروجين الأخضر .. و إلى نص الحوار.

 

فى بداية اللقاء نود الحديث عن جائحة كورونا التى اجتاحت العالم و عانت منه الهند ومصر. هل هناك تعاون وتنسيق بين البلدين لمكافحة الفيروس ؟
واجهت كل من الهند ومصر تحديات كبيرة خلال جائحة كورونا. ولأن كلانا من البلدان النامية ذات الكثافة السكانية العالية، فقد كانت تحدياتنا متشابهة من نواح كثيرة. وإدراكا لذلك ، أجرى رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى اتصالا هاتفيا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 17 أبريل 2020 لمناقشة الجهود المبذولة لوقف انتشار فيروس كورونا. بعد ذلك ، قدمت الهند شريحتين من الأدوية والمعدات الطبية لدعم جهود مصر لمكافحة جائحة الفيروس ، يومى 5 و 29 مايو 2020. وأرسلت الهند أيضا 50000 جرعة من لقاح كوفيد 19 استرازينيكا، المصنعة من قبل معهد الأمصال ، إلى مصر فى يناير 2021.


وفى منتصف عام 2021 ، أعرب الرئيس السيسى عن تعاطفه وتضامنه مع الهند ، خلال الموجة الثانية من الجائحة. وفى مايو 2021 ، أرسلت مصر أيضا ثلاث طائرات مزودة بإمدادات طبية إلى الهند. ووقعت سفارة الهند فى القاهرة ، نيابة عن حكومة الهند ، اتفاقية فى 10 مايو 2021 لشراء 300 ألف جرعة من عقار ريميديسفير من شركة الأدوية المصرية ايفا فارما.


لقد جعلتنا جائحة كورونا ندرك أهمية زيادة التعاون فى قطاعات مثل الصحة والأدوية. وتعتبر الهند بالفعل مورد رئيسى للقاحات لمصر. ومع ذلك ، منذ حدوث الجائحة، بذلت العديد من الشركات الهندية الرائدة ، بما فى ذلك معهد الأمصال، جهودا لتكثيف تعاونها مع هيئة المصل واللقاح المصرية ونأمل أن تساعد جهودنا المشتركة فى سد فجوة اللقاح السائدة فى المنطقة.


 كيف أثرت الجائحة على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين؟
كان لكوفيد 19 تأثير معوق على العالم بأسره ، مع آثار سلبية كبيرة على جميع مجالات النشاط البشري. ومع ذلك ، فإن العلاقات بين مصر و الهند ، بما فى ذلك علاقاتنا التجارية ، تأثرت تأثرا ضئيلا فقط ففى عام 2018-2019 ، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الهند ومصر 4.55 مليار دولار. وخلال الفترة 2019-2020، انخفض حجم التجارة إلى 4.5 مليار دولار ، وخلال الفترة 2020-2021 ، على الرغم من الصعوبات الشديدة التى فرضها الوباء ، انخفض حجم التجارة بشكل هامشى فقط إلى 4.15 مليار دولار.


وفى الواقع ، فقد توسعت التجارة الثنائية بسرعة فى السنة المالية 2021-2022، لتصل إلى 7.26 مليار دولار ، مسجلة زيادة بنسبة 75٪ مقارنة بعام 2020-2021. وقد بلغت صادرات الهند إلى مصر خلال هذه الفترة 3.74 مليار دولار ، مسجلة زيادة بنسبة 65٪ عن نفس الفترة فى العام المالى 2020-2021. وفى الوقت نفسه ، بلغت صادرات مصر للهند 3.52 مليار دولار بزيادة 86٪. وبرزت الهند كثالث أكبر سوق مستوردة من مصر، وسادس أكبر شريك تجارى وخامس أكبر مصدر لمصر.
 

ما هو حجم الاستثمارات الهندية فى مصر وهل ستكون هناك استثمارات جديدة فى الفترة المقبلة؟


استثمرت حوالى 50 شركة هندية فى مختلف القطاعات فى مصر بإجمالى استثمارات تتجاوز 3.15 مليار دولار وهى شركات تعمل فى مجموعة من القطاعات مثل الملابس والزراعة والكيماويات والطاقة والسيارات و الأغذية ، وتوفر الشركات الهندية فرص عمل مباشرة لما يقرب من 38 ألف مصري. ومن المتوقع أيضا أن تستثمر الشركات الهندية مبالغ إضافية تتراوح بين 700 و 800 مليون دولار فى المستقبل القريب و نحن نرى مصر واحدة من أهم مقاصد الاستثمار بالنسبة للهند فى المنطقة.


وقد استكملت إحدى الشركات الهندية ، وهى شركة ستيرلنج وويلسون ، إنشاء مشاريع طاقة شمسية بطاقة 250 ميجا وات فى أسوان. كما قامت الشركة ببناء مركز بيانات سحابى حديث للشركة المصرية للاتصالات. وبالمثل، أكملت شركة L&T وصلة الربط الرئيسية بين السودان ومصر لخطوط نقل الكهرباء، إلى جانب إنشاء المحطات الفرعية وخطوط النقل العلوية، ومما يثلج الصدر أن نرى أن العديد من هذه الشركات الهندية تجلب أيضا العملات الأجنبية القيمة لمصر من خلال إنشاء صناعات موجهة للتصدير فى المناطق الحرة.


بالإضافة إلى ذلك، تدرس الشركات الهندية أيضا ضخ استثمارات كبيرة فى مجال الهيدروجين الأخضر/ الأمونيا الخضراء. فقد وقعت 3 شركات هندية بالفعل مذكرات تفاهم بقيمة 8 مليارات دولار و 6 مليارات دولار و 4 مليارات دولار على التوالي. وهناك المزيد من الشركات التى ستأتى للعمل فى هذا المجال أيضاً.

 

وفى الآونة الأخيرة ، وقعت شركة هندية رائدة فى مجال تكنولوجيا المعلومات ، مذكرة تفاهم لفتح مركز تسليم عالمى والتزمت بتوظيف 3000 متخصص فى تكنولوجيا المعلومات على مدار السنوات الثلاث القادمة وتدرس شركات البنية التحتية الهندية أيضا فرص أعمال فى مصر مثل مشروع مترو الإسكندرية.


من المتوقع أن يزور الرئيس السيسى الهند مرتين هذا العام الأولى لحضور احتفال الهند بيوم الجمهورية كضيف رئيسى و الثانية لحضور اجتماعات مجموعة العشرين. ما هى توقعاتكم فى هذا الشأن؟


يعد يوم 26 يناير أحد أهم التواريخ السياسية للهند الحديثة حيث أصبحت جمهورية فى هذا اليوم وبناء على ذلك ، يتم الاحتفال بهذه المناسبة بإقامة حفل رسمى كبير فى نيودلهى وتوجه الهند الدعوات إلى زعماء بلداننا الصديقة ليكونوا بمثابة الضيف الرئيسى فى الحفل ويشهدون استعراض عيد الجمهورية وفى هذا العام ، دعا رئيس الوزراء مودى الرئيس عبد الفتاح السيسى تقديراً للعلاقات الدافئة والودية بين بلدينا ، والتى تضرب بجذورها من خلال العلاقات الحضارية والشعبية.


ونظرا لعلاقاتنا طويلة الأمد وأهمية مصر، فقد دعت الهند أيضًا مصر كدولة ضيف فى اجتماعات مجموعة العشرين خلال فترة رئاستنا لها 2022-2023 ، وأنا على ثقة من أن الزيارة المقبلة للرئيس السيسى ومشاركاتنا المتزايدة خلال اجتماعات مجموعة العشرين العديدة ستشكل لحظة فاصلة فى علاقاتنا الثنائية وستنتقل بها إلى المستوى التالي، مما يجعلها أكثر شمولاً وذات طبيعة استراتيجية.


 تحتفل الهند بمرور 75 عاماً على استقلالها هذا العام. وقد قدم البلدان الدعم لبعضهما البعض على مر التاريخ فى رأيك، ما هو المستوى الذى وصلت إليه العلاقات الثنائية اليوم؟


كانت الهند ومصر مهداً للحضارات وترجع العلاقات التاريخية بين البلدين إلى أكثر من ألفى عام مضت. وكانت لحركة التجارة النشطة التى ازدهرت بين الهند والعالم العربى منذ العصور الوسطى دورها فى التقريب بين مصر والهند. وفى العصر الحديث، وبدءاً من عصر رئيس الوزراء نهرو والرئيس جمال عبد الناصر، كانت هناك اتصالات سياسية وثيقة بين الهند ومصر على أعلى مستوى. وحتى خلال جائحة كورونا، كانت هناك اتصالات هاتفية عديدة بين رئيس الوزراء مودى والرئيس السيسى وقدم البلدان الدعم لبعضهما البعض خلال هذه الفترة العصيبة. كما كانت هناك اتصالات بين وزيرى خارجية البلدين.


وقد شهدت الأشهر القليلة الماضية لقاءات ثنائية بين الهند ومصر. ففى سبتمبر 2022، قام راجنات سينج وزير الدفاع الهندى بزيارة إلى مصر حيث التقى الرئيس السيسى وعقد مباحثات مع وزير الدفاع المصري. كما قام وزير الشئون الخارجية الهندى د. إس. جايشنكر بزيارة إلى مصر خلال الفترة من 14-16 أكتوبر 2022، وعقد محادثات حول القضايا الثنائية والإقليمية مع وزير الخارجية سامح شكري، كما التقى بالرئيس السيسى أيضاً فعلاقاتنا الثنائية تشهد نمواً ملحوظاً وإننى على ثقة بأن ذلك لن يعود بالنفع على البلدين وشعبيهما وحسب، ولكن أيضاً على العالم كله.


 ماذا عن التعاون بين البلدين فى مجال مكافحة الإرهاب والمجال العسكري؟
التعاون فى مجال الأمن والدفاع يأتى دائماً على رأس أولوياتنا ، فالتهديدات التى تواجه البلدين فيما يتعلق بالإرهاب وعدم الاستقرار الإقليمى تتشابه فى العديد من الأوجه ، ودائماً ما تقف الهند وقفة حازمة فى مواجهة الإرهاب، وهو ما تفعله مصر أيضاً.


وتشمل أوجه التعاون فى مجال الدفاع بين الهند ومصر التدريبات المشتركة، وزيارات السفن والطائرات، والتدريب والمشاركة فى معارض الدفاع، ، قام رئيس الأركان الجوية الهندية فيفيك رام تشودارى بزيارة إلى مصر خلال العام الماضي.

 

وأجرت القوات الجوية الهندية ونظيرتها المصرية «تدريب جوى تكتيكى مشترك» وهو أول تدريب من نوعه فى أكتوبر 2021. وكانت القوات الجوية الهندية أول قوات جوية يتم دعوتها للمشاركة فى «برنامج القيادة التكتيكية» الذى بدأ فى يونيو الماضى. وإجمالاً، قام حوالى 15 وفداً دفاعياً هندياً بزيارة مصر خلال العام والنصف الماضي.


هل هناك جديد فى ملف التعاون فى مجال الفضاء بين البلدين؟
بالنسبة للتعاون فى مجال الفضاء، فإننا ندرك فرص التعاون المتاحة. وللاستفادة من هذه الفرص، تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون فى عام 2008. وفى هذا الإطار، تم عقد اجتماعات ومناقشات مجموعة العمل المشتركة بين منظمة أبحاث الفضاء الهندية والهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء.

 

ومؤخراً، قمنا أيضاً بتنظيم اجتماعات بين منظمة أبحاث الفضاء الهندية ووكالة الفضاء المصرية، وعلى هذا الأساس فإننا نعمل حالياً على تعديل مذكرة التفاهم لتصبح أكثر شمولاً.


 بعد الزيارات التى قام بها وزيرى الدفاع والشئون الخارجية الهنديين، هل هناك زيارات أخرى متوقعة على المستوى الوزارى بين الجانبين خلال الفترة القصيرة القادمة؟

بعد تلك الزيارات الوزارية رفيعة المستوى من الجانب الهندى والتى جرت خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر 2022، قام وزير البيئة الهندى أيضاً بزيارة إلى مصر فى نوفمبر 2022 للمشاركة فى مؤتمر المناخ CoP-27.

وهناك تنسيق وثيق بين السفارة والوزارات المصرية من أجل إجراء المزيد من الأنشطة والزيارات المتبادلة رفيعة المستوى. والأهم من ذلك هو الدعوة التى وجهها رئيس الوزراء مودى للرئيس السيسى للمشاركة كضيف شرف فى احتفالات عيد جمهورية الهند، ونحن نتطلع إلى هذه الزيارة و كذلك مشاركة مصر كدولة ضيف فى اجتماعات مجموعة العشرين ونحن نتوقع مشاركة أكبر على المستوى الرسمى وكذلك على المستوى الوزارى فى هذا المنتدى، وذلك من خلال مختلف مسارات ومحاور مجموعة العشرين.


والعلاقات بين البلدين تعود إلى عصر الحضارات القديمة، وهى العلاقات التى توطدت أكثر بفعل أواصر التفاعل الوثيق على المستوى السياسى والثقافى والتجارى والشعبي. وتثمن الهند مصر كصديق مقرب ودولة شريكة وتتطلع إلى التعاون معها فى القضايا الثنائية وكذلك فى المنتديات متعددة الأطراف.


 من المعروف أن السفارة الهندية حريصة على تنظيم الفعاليات الثقافية باستمرار من أجل التقريب بين الشعبين المصرى والهندي. فماذا كان البديل لهذه الفعاليات خلال فترة جائحة كورونا؟


تحرص سفارة الهند لدى مصر دائماً على تعزيز التفاعل الثقافى بين البلدين وشعبيهما ، وينظم المركز الثقافى الهندى «مركز مولانا آزاد الثقافى الهندي» جلسات فى اليوجا ودورات فى الرقص الهندى وفى اللغتين الهندية والأردية بشكل منتظم، هذا بالإضافة إلى الفعاليات الخارجية التى يتم تنظيمها بالتعاون مع أصدقائنا وأحبائنا المصريين.
خلال فترة جائحة كورونا، كنا نستخدم المنصات الافتراضية المختلفة لتنظيم جلسات اليوجا ودورات اللغة عبر الإنترنت.

 

ورغم انحسار جائحة كورونا، وبينما تحولنا إلى تنظيم الدورات الفعلية، فقد أبقينا على بعض الفعاليات التى تقدم عبر الإنترنت من أجل الوصول إلى قطاع أوسع من الناس. وفضلاً عن ذلك، فمن المثير للاهتمام فى صناعة الترفيه ظهور منصات مشاهدة الأفلام عبر الإنترنت. لطالما شهدت الأفلام والدراما الهندية إقبالاً جماهيرياً فى مصر واليوم يعرض الكثير منها على هذه المنصات. فقد بدأ قطاع كبير من الجمهور يتعرف على هذه المنصات، ومن ثم أصبح من اليسير بالنسبة للجمهور مشاهدة الأعمال الفنية من قارات العالم المختلفة.


وينظم المركز الثقافى الهندى «مركز مولانا آزاد» التابع لسفارة الهند بالقاهرة، دورات اليوجا بانتظام حيث يشرف عليها مدرب يوجا مؤهل من الهند. وفى إطار الإعداد لليوم العالمى الثامن لليوجا 2022، نظمت السفارة مجموعة من الفعاليات التمهيدية فى مكتبة الإسكندرية ، وفى متحف شرم الشيخ وفى معبد الكرنك بالأقصر. أما الفعالية الرئيسية لليوم العالمى لليوجا فقد أقيمت يوم 21 يونيو 2022 فى حديقة الأزهر.

 

وقد تم نقل فعاليات هذه الاحتفالية على الهواء مباشرة وبثها على شاشة التليفزيون الوطنى الهندى «دوردارشان»، وذلك فى إطار مبادرة Guardian Ring. كما نظم المركز دورات فى الرقص الكلاسيكى الهندى «الكاتاك» تحت إشراف مدرس الثقافة الهندية.و نظمت السفارة عدداً من العروض التى قدمتها الفرق الثقافية الهندية خلال العام الماضى فى مختلف المدن المصرية.


وإننى انتهز هذه الفرصة لأدعو جميع المهتمين بتعلم اليوجا ورقصة الكاتاك واللغتين الهندية والأردية للتعرف على فرص الانضمام للدورات التى ينظمها مركز مولانا آزاد الثقافى الهندي.