تقرير: قانون التقاعد يشعل الشارع الفرنسي.. تعرف على الأسباب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نفذت فرنسا خلال السنوات الثلاثين الماضية سلسلة من الإصلاحات الرئيسية لنظام التقاعد الخاص بها، استجابة لعدة ظروف أبرزها شيخوخة سكانها وتدهور الوضع المالي.

وقال الرئيس فرنسي إيمانويل ماكرون في خطابه عشية رأس السنة الجديدة إن نظام التقاعد الحكومي معرض لخطر الانهيار، لذا يجب علينا العمل معًا لمنع حدوث ذلك.

تأتي مبادرة ماكرون الأخيرة في أعقاب تقرير رسمي صدر الخريف الماضي يوضح أن الإنفاق السنوي على معاشات الدولة سيتجاوز مساهمات الموظفين وأرباب العمل خلال السنوات الخمس المقبلة، مضيفًا مئات المليارات من اليوروهات إلى الدين الوطني.

ومع ذلك فإن محاولات إصلاح نظام التقاعد لا تحظى بشعبية كبيرة، إذ سبق لماكرون أن حاول تنفيذ إصلاح مماثل في العام 2019 خلال فترة ولايته الأولى، لكن ذلك أثار أسابيع من الاحتجاجات والإضرابات في القطاع العام قبل التخلي عن الخطة، خاصة مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.

تقرير صادم

وفقًا لتقرير اللجنة التوجيهية للتقاعد، كان هناك 2.1 عامل لكل متقاعد في فرنسا في عام 2000، ولكن بحلول عام 2020 ، تغيرت النسبة إلى 1.7 عامل.

بحلول عام 2070 ، يمكن أن تتوقع النساء أن يعشن حتى 90 عامًا وأن يعيش الرجال 87 عامًا وستة أشهر ، مما يترك فرنسا مع 1.2 عامل فقط لكل متقاعد ما لم توافق فرنسا على رفع سن التقاعد.

تحرك حكومي

أثار التحرك الحكومي الأخير موجة من الغضب داخل الشارع الفرنسي بعد أن كشفت رئيسة الوزراء الوزراء إليزابيث بورن النقاب عن مشروع إصلاح سن التقاعد ورفع سن التقاعد القانوني إلى 64 عاماً بحلول عام 2030، بدلاً من 62 حالياً، والذي يعد أحد الوعود الأساسية خلال برنامج ماكرون الانتخابي لولايته الثانية. 

وقالت رئيسة الوزراء في خلال تقديمها للمشروع الذي عارضته الجماعات النقابية والمعارضون السياسيون "سن التقاعد الإلزامي سيرتفع تدريجياً ثلاثة أشهر كل عام ليصل إلى 64 بحلول عام 2030".

وأضافت "أدرك جيدا أن تغيير نظام التقاعد لدينا سيثير مخاوف وشكوكا بين الفرنسيين، ونحن نريد الرد عليهم وإقناعهم".

رد فعل غاضب

وعلى الفور دعت ثماني نقابات عمالية كبرى إلى مظاهرات وإضرابات يوم 19 يناير القادم احتجاجا على الخطة التي وعد بها ماكرون خلال حملته الرئاسية الأولى والثانية.

وقالت بورن إنها مستعدة "لمواصلة تطوير" الإصلاحات "من خلال مناقشة برلمانية عادلة وبناءة".

في أول رد فعل للمعارضة، وصف جان لوك ميلينشون، زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري، الإصلاحات بأنها "تراجع اجتماعي خطير"، وكتب ميلينشون على حسابه على تويتر انتقد السلطات "زيادة سن التقاعد ، زيادة الأقساط السنوية، إلغاء الأنظمة الخاصة المفيدة، إصلاحات ماكرون  وبورن هي تراجع اجتماعي خطير".

كما أكدت المرشحة الرئاسية السابقة عن حزب التجمع الوطني مارين لوبان، علنًا أنها ستعارض إصلاح بورن غير العادل.

معارضة قوية 

وحذر فريدريك سويو، رئيس نقابة "القوى العاملة" من إنه "إذا كان إيمانويل ماكرون يريد جعل ذلك أم إصلاحاته، بالنسبة إلينا ستكون أم المعارك".

وأظهر استطلاع أجرته ايفوب-فيدوسيال أن 68٪ من الفرنسيين يعارضون رفع سن التقاعد ، حيث تعد فرنسا، إحدى دول أوروبا التي يبقى فيها سن التقاعد بين الأدنى مقارنة مع المانيا أو إيطاليا او إسبانيا.

يخدم الأثرياء

وصرحت الزعيمة الجديدة لحزب الخضر مارين تونديلاير أن النقاش القادم لحزبها سيحدث في الشارع، معربة عن قلقها من الإصلاح المعادي للمجتمع والأيديولوجي الذي يفيد الطبقة الثرية.
وأضافت أنها تتوقع من الحكومة استخدام القمع الشديد لمنع حزبها من الاحتجاج، معارضة أي إصلاح يعتبر "غير عادل".

مساعدة الجمهوريون

تأمل الحكومة الفرنسية في الحصول على مساعدة النواب "الجمهوريون" الذين أبدى رئيسهم إيريك سيوتي استعداده في المقابل للتصويت على "إصلاح عادل".

يجنب تصويت حزب الجمهوريين الحكومة الفرنسية اللجوء الى المادة 49.3 التي لا تعتبر ديمقراطية واستخدمت حوالى عشر مرات في ظل الولاية الثانية لإيمانويل ماكرون منذ خسر حزبه الغالبية في الجمعية الوطنية، وهي تتيح للحكومة تمرير مشاريع قوانين بدون عرضها على التصويت. 

سينظر مجلس الوزراء في نص القانون يوم 23 يناير لكن النقابات استبقت هذا التحرك بالإعلان عن تظاهرات حاشدة وإضرابات في عموم فرنسا يوم 19 يناير القادم.

ويعقد تحالف اليسار Nupes اجتماعات في 10 و17 يناير ويخطط حزب LFI اليساري لإجراء تظاهرة ضخمة في 21 يناير.

وسخر رئيس نقابة CGT فيليب مارتينيز من "إنجاز" الحكومة التي تمكنت من توحيد تحرك النقابات للمرة الأولى منذ 12 عاما.