«ريم» تبوح بأسرار عشقها القديم: حكاية روايتي التي لم تكتمل

د. ريم بسيوني أثناء حوارها مع «الأخبار»
د. ريم بسيوني أثناء حوارها مع «الأخبار»

يبدو مشروعها طموحًا خلابًا يحاول أن يطال السحب فى جو السماء، فهى تحلم بأن تصحب الملايين ذهنيًا ووجدانيًا، عقلًا ونفسًا وروحًا إلى مدائن العصور المولية، وتخترق بهم حجب الدهور ليستمتعوا بالرحلة الفريدة إلى الأماكن المختارة والواحات النضرة فى تلك العهود البعيدة التى تفصلنا عنها القرون المتراكمة، ومع أن إمكانات العلوم الحديثة لم تصل بعد إلى اختراع آلة الزمن، أو السفر إلى الماضى إلا أن مبدعتنا الفذة الروائية الشهيرة د.«ريم بسيوني» حاولت أن تحول الكلمات إلى مركبات نستقلها للسفر إلى عصورها المختارة بعناية لأهمية الوعى بها فى ارتياد آفاق المستقبل، إنها تسعى إلى أن تدفع الكلمة الحية إلى استدعاء تلك الفترات المولية، والعصور المنقضية إلى ساحاتنا من جديد، ليس فقط كى نستمتع برحلة شيقة فريدة، ولكن كى نكتسب الوعى بحقائق عايشتها أجيال سابقة على هذه الأرض المعطاءة الطيبة، ويبدو مشروع «ريم» الإبداعى فى كتابة الروايات التاريخية، تجربة مؤسسة على بناء الوعى المميز عبر اكتساب الوعى بالتاريخ ومعرفة سمات الشخصية الحضارية ورواياتها: «المماليك.. أولاد الناس» و«القطائع ..ابن طولون» و»الحلواني» سوى خطوات على طريق الرحلة التى حدثتنا عن إرهاصاتها وبداياتها المبكرة، وأسرارها وخفاياها عبر حوار جرى عندما زارت الأديبة الشهيرة «الأخبار» اعتزازا بدورها فى التعريف بمشروعها الطموح، وحصادها الإبداعى اللافت.

ماذا عن البدايات المبكرة مع الرواية التاريخية؟
فى الحقيقة حبى للتاريخ والآثار بدأ منذ كنت فى الخامسة عشرة من عمرى، وكنت حينها مهتمة بحقبة فتح الأندلس، وقد قرأت كثيرًا عن «عقبة بن نافع» و «طارق بن زياد» و «موسى بن نصير»، وفعلا بدأت فى الكتابة عن هذه الحقبة.

وعند التحاقى بكلية الآداب، قررت أن أجرب حضور محاضرة فى قسم الآثار أولًا قبل الالتحاق بقسم اللغة الإنجليزية، وذهبت فعلًا إلى المدرج، وجلست فى انتظار الأستاذ.

ولكنه لم يأت فى ذلك اليوم، فقررت حينها الالتحاق بقسم اللغة الانجليزية ولكنى كنت أقضى معظم وقتى فى مكتبة قسم التاريخ، وكانت هذه بداية البحث العلمى بالنسبة لي، فجمعت الكثير من الكتب والمراجع لمدة عامين.

ولكننى لم أكمل الرواية لانشغالى بالدراسة، وندمت كثيرًا على أننى لم أكملها، ولم يزل لدى أمل فى إكمالها يومًا ما، لكن ارتباط المصرى بالأثر كان حاضرًا حتى فى رواياتى المعاصرة.

وكتبى العلمية، فحين قررت الكتابة عن اللغة والهوية فى مصر الحديثة اشتريت موسوعة لتاريخ مصر كله منذ بداية مصر القديمة، وحتى الآن، واستعنت فى تأليف هذا الكتاب بالكثير من المراجع عن تشكيل الهوية الحديثة لمصر عبر العصور، وقد ألفت كتابًا آخر ربطته بالهوية.

واللغة فى العالم كله، فكان الكتاب يتكلم عن أهمية اللغة فى الكثير من البلاد العربية والغربية والآسيوية والإفريقية، ويربط التاريخ بالهوية والمكان والأثر، وأعتقد أننى كنت طوال الوقت معنية بنفس القضية بصور مختلفة.


هل تأثرت بالتاريخ حتى فى كتاباتك العلمية؟
أريد القول إن كل كتاباتى العلمية بها شق تاريخي. لأننى مهتمة بالمعاني، وتداعيات الألفاظ على مر العصور، وتأثير الثقافة والسياسة والمكان فى اللغة، لذا جاء أول كتاب علمى لى عن تحليل الخطاب السياسى فى مصر.

وحللت فيه من الناحية اللغوية خطابات ثلاثة من رؤساء مصر، وقارنت بينهم وبين الملك فاروق فى خطاباته. وثانى كتاب لى كان الأول من نوعه عن علم اللغة الاجتماعى فى الوطن العربي، وتعلمت الكثير، وأنا أكتبه عن علاقة المذاهب المختلفة بالكلام وتداعيات المفردات.

وكتبت فى نفس الوقت رواية «الحب على الطريقة العربية» لأعبر عن الهوية العربية ومعناها الأشمل ومقوماتها من مكان ولغة وتاريخ، ثم كتبت مع أحد العلماء موسوعة عن علم اللغويات العربية، وأخرى عن اللغة والهوية فى الوطن العربي.

وكذا كتاب عن علاقة الإعلام واللغة، وأنا حاليًا قد كونت سلسلة كتب جديدة مع ناشر بريطانى عن علاقة اللغة والهوية، وأحرر بنفسى هذه السلسلة، وأشرف عليها، ولكن أهم وأحب كتبى العلمية بالنسبة إلى هو كتاب اللغة والهوية فى مصر الحديثة، لأنه يعتمد على مادة من التراث المصرى السينمائي، والغنائي، والأدبي، وهو يعبر عن تشكيل هوية مصر الحديثة من خلال عدة مقومات منها: التاريخ والمكان والإرث الثقافى ومحاربة الاستعمار والعرق والنوع.


لماذا يلوح التاريخ فى خلفية رواياتك العصرية؟
فى رواياتى غير التاريخية يحضر التاريخ بقوة ومعه الأثر، فنجد أن رواية «أشياء رائعة» تتمحور حول رجل يريد بناء مقبرة لنفسه كمقبرة القدماء، ويسعى إلى ذلك مستعينا بمهندس مصرى مشهور، ورواية «بائع الفستق».

وتدور حول حياة «وفاء» التى تنشأ فى دمنهور، وتعمل كمدرسة تاريخ، وتعيد تدريس مبادئ ثورة يوليو على الطلاب كل يوم. وفى رواية «مرشد سياحي» «مؤمن الوكيل».. البطل يعشق آثار مصر.

ويبجلها ويشرحها كل يوم للزائرين بشغف وإبداع، وفى رواية «الحب على الطريقة العربية» نجد حضور مصر القديمة فى الهدايا التى تحملها صفاء للأجانب والعرب، وفى رمزية تمثال «حورس» أعتقد أن التاريخ كان فى قلبى منذ الولادة ولم يزل.
 

اقرأ ايضًا | «الأعلى للآثار»: أطلقنا «القائمة الحمراء» لرصد التماثيل المهربة| فيديو وصور