«التزوير والتدليس».. البوابة الخلفية لـ«شرعنة» تهريب الآثار المصرية

أثار مصرية
أثار مصرية

التزوير والتدليس كانا من أبرز الأساليب التي ابتدعها لصوص الآثار ومافيا تهريب الممتلكات الثقافية للتحايل على القوانين وشرعنة بيع القطع الأثرية المصرية التي يتم تهريبها بطرق غير شرعية.. وفي هذا التقرير نذكر بعض النماذج التي شهدت تزوير في أوراق ومستندات في محاولة من مافيا الآثار لشرعنة بيع قطع أثرية مصرية فريدة.

 

التابوت الأخضر

 

أعلنت،منذ أيام ، وزارتي السياحة والآثار والخارجية، نجاح الجهود المصرية في استرداد غطاء تابوت "نچم عنخ" الشهير بالتابوت الأخضر الذي كان محفوظاً في متحف المتروبوليتان بأمريكا وذلك بعد تحقيقات قام بها مكتب المدعي العام لمدينة منهاتن بنيويورك استمرت حوالي ٢٠ شهر قدمت خلالها الإدارة العامة للآثار المستردة بوزارة الآثار بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية كافة الأدلة والاثباتات التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا التابوت- نچم عنخ- كان قد اشتراه متحف المتروبوليتان بالولايات المتحدة الأمريكية من أحد تجار الآثار الذي كان حاملا لتصريح خروج مزور للقطعة يزعم أنه صادر من مصر لعام 1971 والحقيقة أنه لم يصدر من مصر تصريح لهذه القطعة اطلاقا حيث كان القانون قبل 1983 يسمح حينها باستصدار تصاريح بخروج بعض القطع خارج مصر.

وبناء على المستندات المرسلة من قبل وزارة الآثار، انتهي مكتب التحقيقات إلى أحقية مصر في استعادة هذا التابوت الأثري وأن تصريح التصدير له كان مزورا وأن متحف المتروبوليتان قد تعرض لعملية تزوير عند شرائه.

رأس نفرتيتي

الواقعة الثانية التي تثبت خروج قطع أثرية مصرية من خلال التزوير والتدليس تخص رأس الملكة نفرتيتي وكان الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق وعالم المصريات المعروف قد أكد أن متحف برلين قام بسرقة رأس نفرتيتي من مصر في عام 1913.

وكشف حواس، أنه في تلك الفترة كان القانون يلزم بعدم سفر أي قطعة أثرية ملكية مصنوعة من الحجر الجيري، وفي ذلك الوقت تم التدليس والتزوير عبر كتابة أن رأس نفرتيتي مصنوعة من الجبس عكس الحقيقة، حيث كان يسمح حينها بسفر القطع الأثرية المصنوعة من الجبس.

وتابع زاهي حواس أن مكتشف رأس نفرتيتي، بورخارت، قام بالاحتفاظ بها داخل منزله لمدة 10 سنوات، وبعد ظهورها وقت الحرب العالمية الثانية، وافق هتلر في البداية على إعادتها إلى مصر، لكنه وقع في غرام نفرتيتي ورفض إعادتها.

وثيقة بورخاردت

ومن جهته، كشف خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار وثيقة تمثل ورقة من دفتر اليوميات والمخاطبات الرسمية لعالم الآثار الألماني بورخاردت أثناء قيامه بأعمال الحفائر في بدايات القرن العشرين وتحديدًا في الفترة ما بين عامي 1911 و1914م في منطقة تل العمارنة بمحافظة المنيا بناءً على تصريح رسمي من الحكومة المصرية آنذاك وقد تم الكشف عن رأس تمثال نفرتيتي "أحد أشهر القطع الأثرية في العالم".

وأكد ريحان، أن بورخاردت قام بالتدليس بتزييف الحقيقة ووصف التمثال بغير حقيقته على أنه مجسم مصنوع من الجبس لإحدى الأميرات من عصر العمارنة، وقام بتخزينها في صندوق خشبي ووضعها في غرفة صغيرة رديئة الإضاءة ليتم تصويرها بشكل سيء لا يُظهر قيمتها وشحنها لمخزن البعثة وبعدها تم تهريب التمثال إلى منزله في حي الزمالك بالقاهرة، ومن هناك تم تهريبه إلى ألمانيا مخفيًا ضمن قطع فخار محطمة غير ذات قيمة، مرسلة إلى برلين للترميم دون عرضها على الجانب المصري.

وفي الخطاب يذكر بورخاردت، أن التمثال غاية في الروعة ولا مثيل له قط ولم ير في حياته شبيهًا له ولا يجب أن تحتفظ به مدينة غير برلين واختتم بأنه مذهل لا يمكن وصفه يجب أن تراه بعيناك، بالإضافة لرسم مبدأي للتمثال، وهذه وثيقة لا تقبل الطعن تُثبت أحقية مصر في إستعادة التمثال وتشهد على التدليس وتزوير الحقائق مما يؤكد الخروج غير الشرعي لرأس تمثال نفرتيتى، وأنه من خلال جميع التقارير الخاصة بالحفائر آنذاك فإن بورخاردت كان يدرك مدى الأهمية الفنية والتاريخية لتمثال نفرتيتى بمجرد اكتشافها وقام بإخراجها من مصر عام 1913 بالمخالفة لعملية اقتسام الآثار المتشابهة آنذاك.

وأشار الدكتور ريحان إلى أن الطلب الرسمي المصري لاستعادة نفرتيتي استند إلى المادة 13ـ ب من اتفاقية اليونسكو عام 1970 الخاصة بمنع وتحريم الاستيراد والتصدير والنقل غير القانوني للممتلكات الثقافية، وهي المادة التي تطالب جميع أطراف الاتفاقية بضمان التعاون في تسهيل استرداد الممتلكات لأصحابها الأصليين في أسرع وقت ممكن، وكان عالم الآثار الألماني لودفيج بورخاردت وفريقه الأثري قد عثروا على تمثال نفرتيتي في السادس من ديسمبر عام 1912 في ورشة "اتيليه" الفنان الملكي تحتمس بمنطقة تل العمارنة بمحافظة المنيا - جنوب القاهرة - والذى كان من أهم فناني عصر العمارنة والملك إخناتون الذى حكم من  1353 إلى 1336ق.م

 

شاهدة الملك توت

 

واقعة أخرى ترتبط أحداثها بمتحفي اللوفر بفرنسا ونظيره بأبوظبي، حيث قام متحف اللوفر بدولة الامارات العربية الشقيقة بشراء قطعة آثار مصرية تخص الملك توت عنخ آمون كانت قد خرجت من البلاد بطرق غير مشروعة إلى فرنسا أثناء حالة الفوضى التي أعقبت ثورة يناير ٢٠١١ وتم تزوير شهادات منشأ مزورة من قبل مسئولين فرنسيين بمتحف اللوفر بفرنسا وذلك لبيعها إلي متحف لوفر الإمارات الشقيقة.

 

وأكد حواس في تصريحات خاصة أن القانون وقت إكتشاف مقبرة الملك الشاب توت عنخ آمون، كان ينص على أن أي مقبرة يتم اكتشافها بشكل كامل لا يحصل المكتشف إن كان أجنبي على أي قطعة أثرية منه مبرهنا بذلك على أن لوحة توت عنخ آمون، والذي قام بشرائها متحف اللوفر بدولة الإمارات، خرجت من مصر بطريقة غير شرعية، وبالتالي يحق لمصر استرجاعها بدون تقديم أية أدلة تثبت أنها خرجت بطريقة غير مشروعة سوى القانون.

 

وطالب د. زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، القائمين على متحف اللوفر بدولة الإمارات العربية الشقيقة بإعادة القطعة الأثرية التي تخص مقبرة توت عنخ آمون، إلى مصر وطالب إدارة الآثار المستردة بالعمل على إعادتها لأنها من حق مصر.

 

وكان قد تم احتجاز الرئيس السابق لمتحف اللوفر في فرنسا جان لوك مارتينيز، بتهمة تهريب الآثار وغسيل الأموال، على إثر قيامه ببيع بعض المقتنيات التي سرقت من مصر خلال احتجاجات ثورة عام 2011.

وبحسب لوموند الفرنسية، فإن التحقيقات في فرنسا يقودها قاضي التحقيق جان ميشال جنتيل، وأدت تلك التحقيقات إلى احتجاز جان لوك مارتينيز، وكذلك أمين قسم الآثار المصرية، فانسان روندو، وعالم المصريات أوليفييه بيردو، الذين أطلق سراحهما لاحقا دون توجيه اتهامات إليهما.

وبحسب "لوموند"، من بين المقتنيات المسروقة، شاهدة ضخمة من الجرانيت الوردي، محفورة باسم توت عنخ آمون معروضة حاليا في متحف اللوفر بأبو ظبي.

شهادات منشأ مزورة

وبحسب صحيفة "لوكانار أونشينيه" الفرنسية الساخرة، المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية، التي أعلنت خبر توقيف المسؤول الفرنسي آنذاك فإن المحققين يحاولون معرفة ما إذا كان جان لوك مارتينيز قد "غض الطرف" عن شهادات منشأ مزورة لخمس قطع من العصور المصرية القديمة، بما في ذلك الجرانيت الوردي لتوت عنخ آمون، التي حصل عليها متحف اللوفر أبو ظبي "مقابل عشرات الملايين من اليوروهات".

وشغل مارتينيز، منصب رئيس مؤسسة متحف اللوفر في الفترة (2013 إلى صيف 2021)، وهو الآن سفير التعاون الدولي في مجال التراث.

اقرا ايضا

خبير آثار يطالب بتبنى تعديلات إتفاقية اليونسكو 1970 لمنع الإتجار غير المشروع بالآثار