بدون أقنعة

إنما الحاضر أحلى

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

نحن المصريين نعشق الماضى إلى حد الحنين الدائم.. ومهما كانت قسوته علينا إلا أننا نهيم به.. نعشق فيه كل شىء.. الأغانى والمطربين والملحنين.. نموت فى أفلام الأبيض والأسود.. نحب الأحياء القديمة ونظل مشدوهين ونحن نسير فى طرقاتها ولا تحلو سهرات شهر رمضان إلا فيها وعلى أرصفتها.. نمشى وننظر إلى الأرض وبلاط الشوارع وحوائط مبانيها.. نشعر بذاتنا ونحن نتجول فيها وعندما ندعو أصدقاء لنا من خارج مصر فوجهتنا فى القاهرة القديمة.. ألهذا سبب معين أو هو حنين للجذور؟
عندما نود الاستماع لأغنية ما فسوف يأخذنا الحاضر فورا إلى الماضى لنستمع إلى كوكب الشرق أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وحليم وفريد الأطرش وفايزة ونجاة وسعاد محمد ونجاح سلام ومحمد قنديل وعبد المطلب وسيد مكاوى.. تطربنا موسيقى السنباطى والشريف والموجى والطويل والعبقرى بليغ حمدى ومحمد سلطان.. بماذا نسمى هذا الحنين وهذا الشوق رغم أن مصر ولادة بالملحنين.. جيل د.جمال سلامة وفاروق سلامة والشرنوبى وغيرهم.. حتى فى الأدب سنتذكر على الفور نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وسلامة موسى ومحمد عبد الحليم عبد الله وعباس العقاد والدكتور طه حسين ويحيى حقى ويوسف السباعى ويوسف إدريس وفتحى غانم وإحسان عبد القدوس وعبد الرحمن الشرقاوى ونعمان عاشور ومحمود دياب وسعد الدين وهبة ونجيب سرور وميخائيل رومان وغيرهم من عمالقة الكتاب العظام. وفى الشعر نعشق أشعار محمود سامى البارودى وأمير الشعراء أحمد شوقى وعزيز أباظة وحافظ إبراهيم شاعر النيل ومصطفى لطفى المنفلوطى ومصطفى صادق الرافعى ومحمد فريد أبو حديد ومحمود حسن إسماعيل وعلى محمود طه وغيرهم.
وحتى الآن ما زلنا نشتاق لأفلام إسماعيل ياسين وحسين رياض ويحيى شاهين وأحمد مظهر وزكى رستم وفريد شوقى ومارى منيب وعبد الفتاح القصرى وأمينة رزق وحسن فايق وعمر الشريف وعماد حمدى وفاتن حمامة وشادية وصلاح ذو الفقار واستيفان روستى ومريم فخر الدين ولبنى عبد العزيز ونادية لطفى والكثير من نجوم ونجمات الزمن الجميل. أى تفسير لهذا العشق يمكن أن يقودنا إلى أسباب هذا الهيام بالماضى.
نَحن إلى طفولتنا كثيرا رغم ما يكون فيها من المآسى والأحزان.. هى فى رأيى نوع من «النستولويجيا» لكل قديم.. أهذا هو هروب من حاضرنا.. من هزائمنا.. من خيباتنا وعدم تحقيق أمانينا أم أنه جلد لذواتنا ومن الصعاب التى نمر بها ولا نستطيع التغلب عليها؟!
حتى التاريخ.. نحتفى فيه بماض لم نعد نملكه أو نستطيع أن نستدعيه لكننا نذهب إليه فى خيالنا ونبكى عليه مثلما نبكى على الأطلال. وكما قال الشاعر السودانى الكبير الهادى أدم فى قصيدته الشهيرة «أغدا ألقاك»: وغداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولّى .. وغدًا نزهو فلا نعرف للغيب محلا.. وغدًا للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا.. قد يكون الغيب حلواً.. إنما الحاضر أحلى.
سنة سعيدة يا مصر
ودعنا 2022 بكل أحداثه وما تزال الحرب فى أوكرانيا مستمرة والتى تسببت فى أزمة غذاء عالمية بكل دول العالم وبالطبع كنا إحدى ضحاياها وارتفعت الأسعار بصورة غير مسبوقة على الجميع وعانت دول كثيرة فى أفريقيا وأسيا تحديدا من مشاكل جمة نتمنى أن نتخلص منها مع بداية العام الجديد 2023 الذى نتمناه عاما سعيدا على البشرية جمعاء.. اللهم اجعل 2023 عام الاستقرار وارزق وطنى الغالى رزقا يتعجب له الكون وتطيب به قلوب كل المصريين وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان وأن يحقق لنا أحلامنا وأمانينا.