عصام السباعي يكتب: العام الجديد .. «تأبط خيرا»

عصام السباعي
عصام السباعي

أنا من المتفائلين بالعام الجديد، وهو بالنسبة لى «تأبط خيرا»، ومن خبراتى أن ما جعلنا ننجو من عام كورونا وعام أو كرانيا، سينجينا من عام «المرار العالمى»

الثلاثاء :
بقت أيام وربما ساعات على رحيل عام، ودخولنا فى العام الجديد 2023، وهو العام الذى أصل فى الشهر العاشر منه، إلى سن المعاش مع بلوغى الستين ربيعا من عمرى السعيد، لا أخفيكم خوفى من ذلك العام، ليس لأنه عام «الباى باي» فى العمل، لأن مهنتنا مهنة فكر وعقل، وليست وظيفة تنتهى بالمعاش، وأطلقت عليه اسم «تأبط شرا»، وهو شاعر من صعاليك الجاهلية اسمه ثابت بن جابر، وصاحبة اللقب هى أمه، وقيل إنها أطلقته لأنه كان كلما خرج للغزو وضع سيفه تحت إبطه، أو لأن أمه طلبت منه أن يفعل مثل إخوته ويحضر لها بأى شيء من العطايا، فغاب ثم عاد بجراب تحت إبطه، وفتحه فى حجرها، فوجدت الأفاعى تزحف أمامها، والواقع أننى أنظر إلى ذلك العام وكأنه قد تأبط شرا لنا، وليس هذا كلامى ولاتوقعاتى، ولكنها خلاصة تقارير دولية خرجت من الفاو بتوقعات متشائمة عن الأسواق العالمية للسلع والأغذية، أو تقارير الديون الدولية، ولا مافعله الدولار بالاقتصاد العالمى بعد مسلسلات رفع الفائدة، ولا الخراب الذى جلبته الحرب الأوكرانية على كل العالم إلا قليلا، يستوى فى ذلك الخراب الجيوسياسى أو الاقتصادى، ومحاولات الخروج من تلك الأزمات على متن سفينة نوح للهروب من فيضان التضخم، والبحث عن الشط أو الملاذ الآمن، فنحن على أبواب عام أشد من أزمة «العِقد المفقود»، الذى شهدته أمريكا اللاتينية فى ثمانينيات القرن الماضى، وأزمة «تاكيلا» المالية فى المكسيك التى ضربت أيضا روسيا وشرق آسيا فى التسعينيات من ذات القرن، وتبدأ كل الأزمات من «الخطيئة الأم»، وهو تعبير مبدع قرأته فى دراسة أعدها مارسيلو استيفاو المدير العام لقطاع الممارسات العالمية للاقتصاد الكلى والتجارة والاستثمار بالبنك الدولى، وهو يتحدث عن تكلفة دفع أقساط الديون بالعملة المحلية، وبالرغم من كل ذلك فأنا من المتفائلين بالعام الجديد، وهو بالنسبة لى «تأبط خيرا»، ومن خبراتى أن ما جعلنا ننجو من عام كورونا وعام أو كرانيا، سينجينا من عام «المرار العالمي»، ليس فقط بعملنا وجهدنا خلال الفترة الماضية، ولكن بفضل الله الذى جعلنا نحقق أكثر من معجزة فى الفترة الماضية، واعملوا وتفاءلوا بالعام الجديد، واعلموا أنه لانجاة لنا إلا بالعمل والإنتاج والتصدير، وستجدوه عندها حاضرا بكل الخيرات .

«اقطع عرق .. وسيح دم الدولار»!
الأحد :
أمور اقتصادية عديدة تشغلنى أو بالأصح تشغلنا هذه الأيام، وأكتب هنا عن أفكار عشوائية غير مرتبة، اسمحوا لى بعرضها بدون ترتيب، وبالطبع ليس كلها، ولكن ما أتذكره، وأعترف أننى سأحتفظ ببعضها لنفسى، فمثلا أنا من الذين يثقون جدا فى البنك المركزى، وراض جدا عن التنسيق العالى بين السياستين النقدية والمالية، ولكن عقلى الهاوى يطرح نظريتى الخاصة عن «اقطع عرق وسيح دم الدولار» الاقتصادية، وهى أن مواجهة «الدولرة» ونقص المعروض من الدولار، برفع جريء فى قيمة الفائدة على الجنيه، وتوجيه ضربة لمحتجزيه تجعل مكسبهم مع الجنيه وليس الدولار، والمهم أن الضربة تجهض أى عودة للسوق الموازية مرة أخرى، وبالطبع كل ذلك لا يغنى عن الحل الأساسى وهو العمل والإنتاج الرخيص الجيد، وزيادة المنافسة فى الأسواق الخارجية، ومن الأفكار أيضا، تنفيذ أى مشروع يتم من خلاله تجميع «فكة» العملات الأجنبية، فهناك كثيرون لديهم تلك «الفكة» سواء من فئة الدولار والخمسة والعشرة أو ما يماثلها من العملات الأخرى، ويمكن أن تمثل رقما كبيرا مهدرا فى الدواليب والمحافظ، وأتذكر هنا أننى قرأت قبل فترة تقريرا لإحدى الهيئات الأمنية عمن يقوم بجمع الفكة من السوق المصرى، ويقوم بتسفيرها لإحدى الدول العربية، و أيضا لابد من خفض كمية ما يتم خروجه من الدولارات، وبما تسمح به منظمة التجارة العالمية، ووضع برامج تفصيلية لخطة تصنيع جادة، فمثلا لا أدرى كيف تركنا سوق السيارات الشعبية، طوال سنوات مضت للمستورد والتجميع المحلى الشكلى، ونأتى إلى المهم لملايين مثلى من المصابين بهوس التسوق، وأنصحهم بأن لا يتوقفوا عن هوايتهم بعيدا عن المولات الكبرى، ويشبعوا نهمهم للشراء من محلات «تعالى بص كله بجنيه ونص»، أما فى المولات الكبرى فاختر ما شئت وضعه فى عربة التسوق، وبعد هدوء الحالة التسويقية، قم بإعادة المواد الغذائية القابلة للتلف للثلاجات واترك العربة، أما لو كانت حالة هوس التسوق قوية، فاشترى أشياء كثيرة بأقل المبالغ 10أكياس ملح و5 زجاجات خل، وعند اللحوم تمهل لأن سعر الكيلو وصل إلى «ربع باكو» أى 250 جنيها، وأنصحك بأن تشبع حالة التسوق مثل طبق ممبار نيء بسعر 55 جنيها، طبق مواسير للشوربة بسعر 9 جنيهات، وعليك بالإكثار من السلع الرخيصة التى تملأ عربتك، مثل العبوات الكبيرة لورق التواليت باختصار لا تحرم نفسك من التسوق ولو فى أكبر المولات.. والنصيحة الكبرى : لا تشترى سوى ما تحتاجه .. لا تفتح أذنك لأى اشاعة .. ثق فى الحكومة فلم يسبق لها أن خذلتك رغم كل الظروف الصعبة !.

حب بلادك بقصيدة .. و«غنوة» !
الجمعة :
أخشى أن نكون قد قصرنا كثيرا فى أشياء كثيرة تجاه وطننا، ومن أكبر نواحى التقصير هو «الغنوة»، وقيمتها لو تعلمون عظيمة فى «الطبطبة» على جنود مصر فى كل مجال، وأن نكون معهم نقول لهم شكرا فى أى احتفال بالإنجازات، وما أكثرها، انشغلت كثيرا بذلك الموضوع وأنا فى طريق العودة من المشاركة فى افتتاح العديد من المشروعات التنموية فى الإسكندرية وعشرات غيرها قبل ذلك، كنت أتمنى أن يكون الفن حاضرا سواء مع أو بعد تلك الافتتاحات، وكما تغنت أم كلثوم بكلمات عبد الوهاب محمد، وتحدثت إلى كل مواطن عن «حق بلادك»، أكدت على أننا « كلنا جند فى كل ميدان.. هنا و هناك و فى أى مكان.. الزراع ويا الصناع.. أهل العلم مع الفنان .. زى ما لينا حقوق مشروعة..ندى وطنا حقوقه كمان» .. والكلمة بمفردها وبلحنها وبمطربها، مهمة جدا فى بناء الأوطان، فهى الكلمة التى تصنع الوعى وتنشر التفاؤل بالغد، والكلمة هى التى توقظ النائم وتفيق التائه، وتجمع القلوب وتوحد الضمائر فى حب وفداء الوطن، لا أريد أن أقف فى منبر الخطابة، ولا الوعظ والإرشاد، فكلنا يعلم كيف كان دور الأغنية الوطنية فى تاريخ بلادى، فمن منا ينسى سيد درويش، وأغنيته التى أصبحت فيما بعد نشيدنا الوطنى «بلادى بلادى لك حبى وفؤادى»، و «قوم يامصرى»  و«شد الحزام وهز الهلال»، أو يجهل سيرة الست أم كلثوم التى أرخت لمصر بالأغنية منذ 1942م  وحتى وفاتها فى عام 1975م، وإذا كنا نتذكر على الأقل أغنية لكل مطرب من القدامى، فهناك عشرات من المطربين الحاليين لا نتذكر له أغنية وطنية واحدة، وربما لم يفكر فيها، وسوف أكون حسن الظن بكل مطربينا، وسأبرر ما نحن فيه من فقر فى الأغنية الوطنية بأنه ندرة فى الكلمات المناسبة، وأقول ذلك فى وقت يبحث فيه الشعراء عن منافذ لإطلاق إبداعهم، وهو الأمر الذى تأكدت منه، بعد مبادرة نفذتها فى مجلة آخر ساعة بمناسبة اليوم العالمى للغة العربية، والمؤكد أن تلك المبادرة ستتواصل لتكون كل الأيام للغتنا العربية، وعلى تلك الخلفية داعبت عقلى مبادرة أخرى، كم أتمنى لو نفذتها دار أخبار اليوم كما تبنت فى الماضى وعبر سنوات طويلة وحتى الآن العديد من المبادرات الوطنية فى المجالات المختلفة، ويمكن أن تتم بالتعاون مع وزارة الثقافة، الفكرة باختصار تعتمد على فتح الباب أمام الشعراء بجميع طوائفهم، لتقديم إبداعهم فى مجال الأغنية الوطنية، بحيث يتوافر للمغنين والملحنين كنزلا حدود له من الكلمات، يتم انتاجها عبر العديد من الهيئات والشركات الموجودة حاليا، أحلم بأن يتم تنفيذ تلك المبادرة، وأن يتم بث جلسات تلك المسابقة على الفضائيات، بحيث يتابع الجميع شعراؤنا الشباب والمغمورون، وهم يتبارون فى إظهار حبهم لوطنهم وتوعية الناس بمشاكله وإنجازاته، عبر كلمات صادقة متفائلة، وكما أرى فللوطن حق على الشاعر والملحن والمطرب، وقد جاء الوقت الذى تأخذ فيه الكلمة حقها، فهى الرصاصة والسكن وغنوة الانتصار والتحدى والملحمة والطبيب عندما يحتاجها الوطن .

قصة الشاطر أسامة أبو زيد !
الخميس :
هناك تجارب نجاح تستحق أن تُروى، ومنها تجربة الشاطر أسامة أبو زيد مع نادى الشمس، الدكتور أسامة الإعلامى وأحد الأسماء البارزة فى مجال النقد الرياضى، كتب سطور قصة جميلة تروى قصة عودة الشباب إلى ذلك النادى العريق، ولا أقصد أبدا المبالغة لو قلت إنه تسلم ناديًا  عليه مؤاخذات من كل النواحى، سواء من حيث الهيكل المالى المختل، وسوء حال كل المرافق، وأعترف بأننى لم أكن أتخيل أن يحقق كل ذلك القدر من النجاح، وإذا به فى الدورة الأولى يقلب النادى نحو الأفضل، ويواصل السير على طريق النجاح فى دورة مجلسه الثانية، وكأنه ساحر، يصنع الجمال فى كل ركن يضع عليه عصاه السحرية العصرية، وهى مجلس يجمعه التعاون وروح الفريق  و«العيش والملح»، مع التخطيط العلمى، باختصار لقد تحول نادي الشمس إلى لوحة تحب أن تراها، وجنة خضراء تحب أن تعيش فيها، ومعقل رياضى عملاق يرقى لأرقى الأندية العالمية، ومفرخة لنجوم فى اللعبات المختلفة، وبالفعل قصة الشاطر أسامة يجب أن تُروى .

كلام توك توك:
لو راحت الروح .. راحت فرقة الأهلى !
إليها : صحبتك نعمة .. وصبحك جمال .