مناقشة هادئة مع وزيرة الثقافة

السيدة الوزيرة نيفين الكيلانى
السيدة الوزيرة نيفين الكيلانى

كل المنتجات الفنية التى تنتجها مراسم الهيئة، والدورات التدريبية بها، لا يمكن الآن بيعها، وتترك فى المخازن للفئران، أو للص يعرف قيمتها فيسرقها، ويتحايل لتسوية العهدة بأى صورة

قدمت رؤية لإصلاح وتطوير الهيئة بعد خروجى للمعاش، ونشرتها فى أخبار الأدب، وأعدت نشرها فى كتاب مؤتمر الأدباء الذى انعقد بأسوان منذ عدة سنوات، لكن أحداً من قيادات الهيئة لم يهتم بها، بل أشك أنهم قرأوها

عدداً كبيراً من العمالة الحالية بالثقافة الجماهيرية لم يعينوا لعلاقتهم بالثقافة، بل عينوا بالواسطة، وأذكر أننا حين كنا نذهب إلى لجنة الثقافة بمجلس الشعب كنا نجد الأعضاء ورئيس اللجنة يقدمون لنا طلبات التعيين بالجملة، والنتيجة أن معظم العناصر الحالية لا علاقة لها بالعمل الثقافي، مما تسبب فى انخفاض كفاءة الآداء.

 

كيف يمكن أن تكون هيئة قصور الثقافة مصدرا من مصادر الدخل والاستثمار المادى؟


سؤال طرحناه على وزيرة الثقافة نيفين الكيلانى فى حوارنا المطول معها من أسبوعين. وطلبنا من عدد من رؤساء الهيئة السابقين الإجابة على السؤال فى هذا التحقيق، رغبة منا فى أن تكون الهيئة ليس فقط أحد حوائط الصد ضد التيارات الدينية والأفكار الهدامة، ولكن أن تصبح أيضا مصدرا من مصادر الدخل والاستثمار المادى المباشر، ومن أجل تخفيف العبء عن كاهل الدولة وتمويل الانشطة الثقافية ذاتيا.


القضية مهمةـ تطرح العديد من الأسئلة.. ويبقى باب النقاش مفتوحا لمن يريد المناقشة.
 

لم أسمع حديث الوزيرة نيفين الكيلانى، مع الصحفى الكبير خالد ميرى على شاشة التليفزيون، لكنى قرأت عرضاً له فى صحيفة الفجر، وقد استوقفنى فيها أمران:


قولها: إنها تريد أن يكون هناك جزء استثمارى فى هيئة قصور الثقافة، قولها: إن الهيئة تفتقد الرؤية وأود أن أعلق على كلامها.


أولاً: الهيئة والاستثمار


وفى رأيى أن وجود نشاط استثمارى بالهيئة يمثل ضرورة ملحة، لأن عدم وجود هذا النظام يتسبب فى إهدار منتجات فنية كثيرة جداً، وتركها للفساد والتلف دون أن يستفيد بها أحد.


على سبيل المثال: 


كل المنتجات الفنية التى تنتجها مراسم الهيئة، والدورات التدريبية بها، لا يمكن الآن بيعها، وتترك فى المخازن للفئران، أو للص يعرف قيمتها فيسرقها، ويتحايل لتسوية العهدة بأى صورة.


 كل المنتجات الحرفية التى يتم إنتاجها فى مواقع الهيئة تلقى نفس المصير، علما بأن هذه المنتجات تشمل مصنوعات يدوية عالية القيمة، مثل: الطرق على النحاس، المشغولات الجلدية، منتجات الفخار فى الوادى الجديد، أشغال الخرز فى أسوان، وغيرها.


لا يمكن للهيئة فتح شباك تذاكر للعروض الفنية التى تقدمها ولو بأجر رمزى، سواء فى ذلك عروض الفنون الشعبية، أو عروض الموسيقى العربية، أو العروض المسرحية، علما بأن الهيئة لديها فرق فنون شعبية عالمية، وفرق موسيقى عربية فى غاية الرقى، وكذا الفرق المسرحية.


وقد حاولنا مراراً التغلب على هذا الوضع دون جدوى، لأن القوانين وتوجهات الدولة كانت تعوقنا عن تحقيق ما نحلم به،وفى عهد الدكتور الرزاز أنشأنا إدارة للتسويق، لكنها لم تكن مؤثرة؛ لأن عائد المبيعات كان يؤول للدولة، ولا يمكن توزيع جزء منه للمبدعين الذين أنتجوا العمل الفني، أو للقائمين على التسويق والتوزيع، وما دامت المصلحة قد انتفت فالعمل لن يتم.


وفى عهد أنس الفقى حاولنا إنشاء صندوق للتنمية الثقافية داخل الهيئة، والحقيقة أن الصندوق كان يمثل حلاً رائعاً، لأنه يسمح بتدوير رأس المال، إلا أننا ووجهنا بأن بطرس غالى يمنع إنشاء صناديق جديدة، ويسعى لضم الصناديق القائمة.

وقد رأينا جميعاً كيف ضم صندوق المعاشات بما فيه من مئات المليارات. وقيل لنا وقتئذ: إن صندوق التنمية الثقافية التابع للوزارة يمكن أن يكون مخرجاً، لكننا وجدنا أن الهيئة لن تستفيد من هذا الصندوق.


إننى مع وجود نشاط استثمارى للهيئة، لكن بشروط، أهمها وضع لائحة منصفة، تراعي:
أن يكون هناك عائد مجزٍ للفنانين والحرفيين الذين تباع منتجاتهم، أن يكون هناك عائد على موظفى الهيئة الذين يقومون بالتسويق والتوزيع.


أن يسمح هذا الشكل الاستثمارى بدوران رأس المال، بدلاً من النظام الحالى الذى يقضى بأن يكون العائد كله للدولة، وعلى سبيل المثال: أذكر أننا قمنا بطباعة كتاب العقد الفريد خلال أحد معارض الكتاب، وتبخر الكتاب، واتصل بى المسئول عن التوزيع فى الأخبار وقتئذ (الأستاذ سعيد عبده) يطلب إعادة طبع الكتاب الذى حقق نسبة مبيعات ممتازة.

ولكنى قلت له إن هذا لا يمكن، لأن ميزانية النشر لدى الهيئة محدودة، ولدينا خطة يجب تنفيذها. أما لو كان لدينا نظام يسمح بأن تعود إلينا المبالغ التى نبيع بها فقد كان من الممكن فى هذه الحالة أن نلبى احتياجات السوق ونحقق أرباحاً طيبة للهيئة.


وإن وجود نشاط استثمارى بهذا الوصف يمكن أن يمنع هدراً كبيراً فى الموارد المتاحة، ويتيح استغلالا أفضل للموارد، ويفيد المبدعين والعاملين بالهيئة، ويعظم الاستفادة بإمكانات الدولة، لذا فأنا لا يزعجنى أن يكون هناك مثل هذا النشاط، وأرى أنه لا يمثل أى تهديد للمجانية الحالية.

فممارسة النشاط الأدبى مثلاً تتم عادة من خلال أندية الأدب، وهذه الأندية مجانية، بل لها ميزانيات للصرف على أنشطتها، وكذا النشاط المسرحى يتم من خلال الفرق ولكل منها ميزانيتها، والاستفادة من معارض الفنون التشكيلية سيبقى متاحاً للمترددين كما هو دون أن يدفعوا شيئاً.

بل ربما وجد المسئولون أن تمويل الأنشطة التشكيلية للفنانين والحرفيين الذين يتمتعون بمستوىً طيب من النضج الفنى، سيكون أكثر فائدة للهيئة والمبدعين فيهتمون به أكثر.


ثانياً: الرؤية 


المؤسسات لا توصف بأنها عديمة الرؤية، لكن الذى يوصف بهذه الصفة هم المسئولون عنها، وأزعم أن لى تجربة مع «الرؤية» التى تتحدث عنها الوزيرة، أحب أن أرويها:


فى عهد حسين مهران كنت مستشاراً له، وقد اقترحت عليه 1992 أن تكون للهيئة استراتيجية للعمل الثقافى بدلاً من أن يكون عملنا كله رد فعل للأحداث.

اقتنع الرجل بالفكرة وقمنا بتشكيل لجنة لوضع الاستراتيجية، أذكر منها: الدكتور كمال المنوفى أستاذ العلوم السياسية، الدكتور نبيه العلقامى، رئيس لجنة الشباب بمجلس الشعب، الدكتور محمد عمارة، اثنان من الدكاترة المتخصصين فى وضع الاستراتيجيات، سبق لهما وضع استراتيجيات لمجالس قومية.

وعقدنا الاجتماع الأول، ثم عرض الأستاذ حسين مهران الفكرة على فاروق حسنى، فلم يوافق عليها، وقال له إن الوزارة لديها سياسة ثقافية وهذا يكفي، فطلب منى حسين مهران وقف نشاط اللجنة، وانتهت الفكرة قبل أن تولد.


وفى عهد الدكتور أحمد نوار عدت للهيئة بعد فترة ابتعاد (2006)، فوجدت الرجل سعى مع مجموعة الأدباء العاملين بالهيئة لوضع رؤية استراتيجية للهيئة، وكانوا تقريباً قد أنجزوها، وطلب منى الدكتور نوار أن أنظر فيها باعتبارى نائباً له.

وأضيف إليها ما أراه، والحقيقة أنى وجدتها جيدة جداً، ولم أضف إليها سوى القليل، وقد شارك فى وضعها رجال صاروا من قيادات الهيئة بعد ذلك، منهم أحمد مجاهد، وسعد عبد الرحمن، ومسعود شومان، ومحمد أبو المجد، وغيرهم. 


وقد قدمت رؤية لإصلاح وتطوير الهيئة بعد خروجى للمعاش، ونشرتها فى أخبار الأدب، وأعدت نشرها فى كتاب مؤتمر الأدباء الذى انعقد بأسوان منذ عدة سنوات، لكن أحداً من قيادات الهيئة لم يهتم بها، بل أشك أنهم قرأوها، لذا أعيد نشرها مرة أخرى لعل السيدة الوزيرة أو قيادات الهيئة يقرأونها ويفكرون فى تنفيذها.


مشروع لإصلاح الثقافة الجماهيرية


الثقافة الجماهيرية، أو هيئة قصور الثقافة، هى المؤسسة الثقافية الوحيدة التى تمتد أذرعها إلى جميع أنحاء مصر، وهى -رغم أى انتقادات توجه إليها- الجهة التى تقدم لمصر مبدعيها فى كل المجالات منذ أكثر من خمسين عاماً. لكن الهيئة تعانى من مشاكل جسيمة، وأدواء عصية، لذلك أقدم هذا الاجتهاد بحكم الخبرة لعله يكون مرشداً لمن يرغب فى الإصلاح.


1- المواقع الثقافية 


أ- من المشاكل الكبرى التى تواجه الهيئة كثرة عدد المواقع الثقافية التابعة لها، لكن هذه الكثرة كغثاء السيل، فمئات من هذه المواقع عبارة عن شقق مستأجرة فى المساكن الشعبية، أو مجرد غرف فى مراكز الشباب أو الأندية الرياضية أو أندية القوات المسلحة. 


وهذه المواقع لا تصلح أبداً لممارسة أى نشاط ثقافى، وأذكر أنى زرت ذات مرة بيت ثقافة بمحافظة الدقهلية  فوجدته عبارة عن غرفتين وصالة، ووجدت الممر المؤدى لمكتب المدير مزدحماً بديكورات مسرحية قدمها الموقع حديثاً، فلما وصلت لمكتب المدير وجدته غرفة صغيرة مزدحمة بالموظفين والعُهد، أما الغرفة الأخرى فتتكدس بها الكتب حتى السقف، ولا يمكن أن يجلس بها قارئ.


وفي مثل هذه المواقع مجرد أرقام حسابية، أنشئت غالباً لأن عضو مجلس شعب كان يريد أن يظهر أمام دائرته بأنه صاحب إنجازات، لا أكثر. أو لأن رئيس النادى أراد أن يبدو ناديه مكتمل الأنشطة.


وإننى أدعو إلى إهداء ما فى هذه المواقع من كتب وتجهيزات لمراكز الشباب، أو الأندية، أو الجامعات، وأن ترفع الهيئة يدها عنها. أما المواقع التى تشغل شققاً فى المساكن الشعبية فأرى أن يتم تحويلها إلى مراكز للثقافة الرقمية، تدار بشكل اقتصادى.

 

وتقوم بتنظيم دورات فى الكمبيوتر للراغبين فى التعلم، وتمنحهم شهادات عند نجاحهم، وفى غير أوقات التدريب يمكن أن يسمح للراغبين فى استخدام الأجهزة مقابل أجر استخدامها.


وباختصار يتم تحويل كل المواقع التى تقل مساحتها عن مائة متر لمراكز للثقافة الرقمية، هذا معناه أن ترفع الهيئة عن كاهلها عدداً لا يقل عن مائتى موقع تحتاج الآن لموظفين، ونفقات أخرى طويلة عريضة، بل إن تحويل هذه المواقع لمواقع اقتصادية سيجعلها تغطى نفقاتها وتحقق بعض المكاسب.


ب- لا يسمح مستقبلا بإنشاء أى بيت ثقافة على مساحة تقل عن ستمائة متر، وألا يبنى أى قصر ثقافة على مساحة تقل عن ألف متر.


ج- لا بد من تغيير النظام الحالى لبناء المواقع الثقافية، الذى يقوم على قبول التبرع بالأرض التى يقدمها المتبرعون دون التأكد من حاجة المكان لموقع جديد.


وقد تم قبول التبرعات وبناء المواقع مستقبلاً يجب أن يكونا على أساس خطة محددة، يحسب فيها عدد المواقع على أساس عدد السكان، بحيث يكون لدينا قصر ثقافة لكل نصف مليون مواطن، وبيت ثقافة لكل ربع مليون مواطن على الأقل، وفى ضوء هذا لن نكون فى حاجة لكل هذه المواقع التى يزيد عددها كثيراً عن خمسمائة موقع.


ويستثنى من هذه القواعد المحافظات الصحراوية والمدن الجديدة، فيكون لكل مدينة أو مركز موقع ثقافى بصرف النظر عن عدد السكان.


إننى أدعو لوضع خريطة للمواقع التى تحتاج لبناء مواقع ثقافية، يتم العمل طبقاً لها مستقبلا، ولا يسمح بالخروج عنها.


2- مقر رئاسة الهيئة


وما دمنا نتحدث عن الأبنية فلنتحدث عن مبنى رئاسة الهيئة،ومن هذة المشاكل المزمنة التى تعانى منها الهيئة مشكلة عدم وجود مقر مناسب لرئاسة الهيئة، وقد كان هناك مشروع لدى حسين مهران لبناء مبنى كبير مكان مسرح السامر يضم ضمن ما يضمه مقراً لرئاسة الهيئة، لكنه لم يتم. وحاول أنس الفقى حين تولى رئاسة الهيئة شراء مقر جاهز لكن محاولته لم تنجح.

ولحل هذه المشكلة أقدم اقتراحاً محدداً، وهو: أن تبنى الهيئة لنفسها مقراً بالعاصمة الإدارية، (أو إحدى المدن الجديدة)،على أن يلحق به مركز تدريب، وفندق لإقامة المتدربين، وإقامة أبناء الهيئة الذين يحضرون إلى القاهرة فى مأموريات رسمية.


(ملحوظة: قابلت أثناء عملى نائباً لرئيس الهيئة السيد رئيس جهاز مدينة أكتوبر، وطلبت منه أرضاً لبناء هذه المباني، فوافق شفاهة، وطلب أن يخاطب وزير الثقافة وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية بذلك، وقد تم هذا الاتصال بشكل رسمي، لكننا فوجئنا برد من جهاز المدينة يعتذر فيه عن عدم تلبية الطلب متعللا بأن الحكومة تنوى أن تنتقل إلى مدينة أكتوبر).


3- العاملون


والمعروف أن عدداً كبيراً من العمالة الحالية بالثقافة الجماهيرية لم يعينوا لعلاقتهم بالثقافة، بل عينوا بالواسطة، وأذكر أننا حين كنا نذهب إلى لجنة الثقافة بمجلس الشعب كنا نجد الأعضاء ورئيس اللجنة يقدمون لنا طلبات التعيين بالجملة، والنتيجة أن معظم العناصر الحالية لا علاقة لها بالعمل الثقافى، مما تسبب فى انخفاض كفاءة الآداء، والحل فى رأيى كالآتى:


أ- أن يكون التعيين منذ الآن بناء على معايير محددة لكل وظيفة، ويتم التأكد من توافر هذه المعايير من خلال اختبارات شخصية وتحريرية وعملية إذا لزم الأمر.


ب- أن يكون اختيار القيادات الصغرى (مدير إدارة، مدير موقع، وما يساويهما) بناء على مسابقات، دون التقيد بدرجة وظيفية، ويتقدم للمسابقة من يشاء من داخل الثقافة الجماهيرية وخارجها، ويختار الأفضل، بناء على معايير محددة.

وتكون الوظائف تعاقدية لمدة محددة، ويكون أجرها مغايراً للأجور الحكومية المحدودة تشجيعاً للكفاءات، وتخضع لنظام تقييم دقيق بحيث لا يجدد إلا لأصحاب الإنجازات الملموسة، ولا تصرف الجهود الإضافية وجهود التميز إلا لمن يعملون فعلاً ويحققون إنجازات، بشرط أن تكون هناك ميزانيات محددة للمواقع، ويكون لمدير الموقع سلطة مالية.


4- التدريب


وفى ضوء هذه النظرة المستقبلية لا بد أن يتم تدريب العاملين تدريباً حقيقياً، طبقاً لاحتياجات العمل، ويعطى التدريب التحويلى الاهتمام اللائق به، لسد العجز فى بعض التخصصات، وهذا يحتاج لدراسة الهيكل الحالى للعمالة، حيث تزيد الأعداد فى بعض التخصصات غير الثقافية على الاحتياجات الفعلية للعمل، وتقل كثيراً فى بعض التخصصات عن الأعداد المطلوبة. 


ولابد من إعطاء اهتمام كبير بالتدريب الخارجى، والزيارات الثقافية للمواقع المشابهة بالدول الأوروبية والدول المتقدمة التى تتبنى فكرة الثقافة الجماهيرية، كما ترتب زيارات مستمرة للمراكز المشهورة بالإنتاج الفنى النوعى فى الدول المتقدمة، مثل مراكز ثقافة الطفل، ودور الكتب، والمكتبات، والمسارح، وغيرها، بحيث تكون التجارب الخارجية دافعا للتطوير، ولا نتجمد بالانكفاء على أنفسنا.


5- المكتبات


ولاحظت أن أكثر المكتبات الورقية التابعة للهيئة ولغيرها من المؤسسات الثقافية مجرد أماكن لا عمل لها، وفى زياراتى لبعض المواقع كنت أجد أن عدد العاملين فى المكتبة أكبر من عدد الرواد، وهذه المكتبات تكلف الهيئة مبالغ طائلة بلا عائد، لذلك أرى تقييم المكتبات الورقية كل مكتبة على حدة.

ويتم اتخاذ قرارات شجاعة بإغلاق المكتبات التى لا يتردد عليها أحد، أو التى يتردد عليها عدد محدود من الرواد، وهذا سيوفر الكثير من النفقات التى تنفقها الهيئة على التزويد والموظفين والأثاثات وغيرها.


أذكر أن موقع إحدى المكتبات كان مهدداً بالسقوط على رءوس الرواد ورغم هذا رفض رئيس الهيئة أن يتخذ قراراً بإغلاق المكتبة حتى لا تكتب الصحف أنه يغلق المكتبات، يجب أن نتخلص من عقدة الخوف، مادامت قراراتنا ستكون مبنية على دراسة متأنية لكل حالة على حدة.


وفى مقابل ذلك تفتتح الهيئة مكتبات إلكترونية فى قصور الثقافة الرئيسية، وتشترك فى المواقع المجانية المختلفة للمكتبات المحلية والعالمية، وتشترى نسخاً إلكترونية من المواد التى تناسبها مثل دوائر المعارف، وتفاسير القرآن، والأحاديث الشريفة، ودواوين الشعر.

 

وغيرها من الكتب المتاحة الآن. ولا مانع من الاشتراك بمقابل فى بعض المكتبات العالمية مثل مكتبة الكونجرس وغيرها. لكن هذه الخطوة تحتاج لجرأة . فهل توجد هذه الجرأة؟


6- المناطق الحدودية


المناطق الحدودية تحتاج لعمل من نوع خاص، لتوفير الأمن الثقافي، أى العمل مع سكان هذه المناطق لتأكيد شعورهم بالانتماء للوطن، وهذا يحتاج إلى إدارة خاصة تشبه إدارة القصور المتخصصة.

وتتحرر هذه الإدارة من القيود الروتينية فى المجال المالى والإدارى، نظراً لبعد المسافات، وتزود بقوافل متحركة للتنقل فى الصحارى للنجوع والتجمعات النائية، ويمكن التنسيق مع الجهات المعنية المختصة للتركيز على رسائل معينة. 


7- الاهتمام بالثقافة العلمية والبيئية


ومن المفارقات الغريبة ألا يكون فى هيئة قصور الثقافة حتى الآن ونحن فى القرن الحادى والعشرين إدارة عامة للثقافة العلمية والبيئية، وقد سعيت من قبل لتحويل الإدارة العامة لرعاية المواهب لتقوم بهذه المهمة، بل حولتها من الناحية الفعلية لهذين النشاطين.

وعلى أساس أن نشاطها الحالى يكرر ما تفعله الإدارة العامة لثقافة الطفل، لكنها عادت بعد ذلك سيرتها الأولى، إننا فى حاجة للاهتمام بالثقافة العلمية والبيئية بصورة ملحة فى المرحلة القادمة ويجب ألا نتأخر أكثر من ذلك. 


8- ميكنة العمل بالهيئة


ومن الأشياء التى حرصت عليها عند وضع الهيكل الحالى للهيئة إنشاء الإدارة المركزية للوسائط التكنولوجية، وقد صارت حقيقة بعد إقرار الهيكل الجديد للهيئة، وأرى أن هذه الإدارة عليها الأعباء التالية فى الفترة المقبلة:


أ- عبئ ميكنة العمل المالى والإدارى بالهيئة، بحيث يتم التواصل مع الأقاليم والفروع والمواقع من خلال الشبكة العنكبوتية.


ب- عبئ تطوير العمل الثقافى من خلال الشبكة العنكبوتية، بإنشاء المكتبات الرقمية، والنشر الرقمى، وأندية الأدب الرقمية، وأندية المسرح والثقافة السينمائية.. إلخ.


إن هذا التطوير سيقلل من الفساد الإدارى الموجود بالهيئة، ويدفع العمل الثقافى للأمام.


9- الاستفادة بدور العرض المسرحى والسينمائى استفادة اقتصادية 


ولدى الهيئة عشرات من دور العرض المسرحى والسينمائي، وقد أصدر فاروق حسنى قراراً بألا تعمل هذه المواقع بصورة تجارية، وترتب على هذا خسائر كبيرة، حيث كانت بعض هذه الدور هى الوحيدة فى محافظاتها، وأعلم أن هذا القرار أعيد النظر فيه.

ولكن هذا الأمر يحتاج إلى جهود كبيرة للاستفادة بهذه الدور، ولا مانع من التعاون فى هذا مع القطاع الخاص الذى يستثمر فى مجال دور العرض السينمائى والمسرحي، المهم أن تتحول هذه الأماكن لمراكز إشعاع، وأن تدر دخلاً للهيئة. 


10- إنشاء صندوق خاص للهيئة 


ومن المشاكل المستعصية لدى الهيئة عدم القدرة على إنشاء صندوق خاص يسمح بتدوير رأس المال بشكل ربحي، ويفيد الهيئة والرواد، ويخفف العبء على ميزانية الدولة، إن لدى الهيئة- على سبيل المثال- لوحات لكبار الفنانين قدموها لمرسم الأقصر.

وللأسف لا يمكن للهيئة بيعها، وربما فسد بعضها بسبب سوء التخزين، ولو كان لدى الهيئة القدرة على البيع لحققت من هذا النشاط وحده مبالغ ذات قيمة.


ولا يتوقف الأمر عند لوحات كبار الفنانين، بل هناك منتجات فنية عديدة: منتجات جلدية، وتماثيل، ولوحات، ومشغولات يدوية للحرف البيئية، وخيمية، ومنتجات نحاسية، وجصية، وغير ذلك من المنتجات التى يمكن أن يكون لها عائد اقتصادى، ولو كان للهيئة صندوق لكان من الممكن لهذه المنتجات الثقافية أن تعود بالربح الوفير عليها.


11 - المخازن 


ومن مشاكل الهيئة عدم وجود مخازن سواء فى القاهرة أو الأقاليم، مع أن هذا يعرض المواقع لخطر الحريق، ويؤدى إلى فساد الأشياء المخزنة، لذلك أقترح أن تقوم الهيئة وأقاليمها بمخاطبة المدن الجديدة لتخصيص قطع أرض لإنشاء مخازن عصرية.

على أن يقوم بتخطيطها أستاذ متخصص فى الهندسة المعمارية حتى يكون التخزين بها صحيحاً ولا يعرضها للخطر، وينقذ مواقع الهيئة من أخطار الحريق.


ويرتبط بهذا أن يقوم مركز إدارة الأزمات بزيارات دائمة للمخازن للتأكد من عدم وجود مصادر للخطر من المواد الكيماوية ومصادر الكهرباء العارية... إلخ.


12- تطوير الإدارة العامة للتخطيط بالهيئة


وربما لا يتخيل أحد أن الإدارة العامة للتخطيط بهيئة قصور الثقافة الآن تختص بالتخطيط الاستثمارى فقط، أى ما يتعلق بالإنشاءات والتجهيزات وما إليها، لذلك أرى أنه لا بد من تطوير هذه الإدارة العامة لتكون مختصة بالتخطيط الثقافى أولاً، والاستثمارى ثانياً، أما أن تكون هيئة طويلة عريضة مثل هيئة قصور الثقافة بلا إدارة عامة للتخطيط الثقافى فهذا هو الهزل نفسه.


ولابد أن يلحق بمهمة هذه الإدارة العامة مهمة المتابعة والتقييم، فالتخطيط دون متابعة وتقييم يدل على أننا أمام إدارة فاشلة وأخيراً إن إصلاح الهيئة ليس مستحيلاً، لكنه يحتاج إلى رؤية، وإرادة، وجرأة، ومساندة سياسية وإعلامية، ودون هذا لن يتحقق إصلاح هذه المؤسسة، فهل يمكن أن يكون هذا الكلام بداية حقيقية للإصلاح؟ إن الوطن الآن فى حاجة لجهود هذه الهيئة، فهل نحن جادون فى إصلاحها؟.

اقرأ ايضًا

 تحت شعار «الفن.. آفاق المستقبل» وزيرة الثقافة تفتتح الدورة 33 لصالون الشباب..