شجرة "الشاى"| مناخ زراعته يعاند المصريين.. خبراء يوضحون الأسباب

 زراعة شجرة الشاى
زراعة شجرة الشاى

ياسين صبرى

تمتاز شعوب العالم بتنوع ثقافاتها وكذلك أطعمتها ومشروباتها، وكلما زاد انتشار وجبة أو مشروب لدى شعب معين، صاحبه امتلاك هذا الشعب للمقومات والمواد الأساسية اللازمة لتصنيعه وإنتاجه، فمثلا نرى انتشار صناعة النبيذ فى فرنسا الذى يرجع لامتلاكها مساحات شاسعة من مزارع العنب، وكذلك انتشار الأكلات الشعبية مثل الفول والفلافل فى مصر يعود إلى زراعتها مساحات كبيرة من هذا المحصول، ولكن انتشار مشروب الشاى بشكل كبير لدى المصريين رغم عدم زراعته محليا يدفعنا للتساؤل عن تاريخ رواجه لدى المصريين ومتى  تعرفوا عليه.

الدكتور عصام يوسف عبدالحفيظ، أستاذ النباتات الطبية والعطرية بكلية الزراعة جامعة أسيوط، أوضح أن المصريين لم يعرفوا الشاى إلا فى أوائل القرن العشرين بعد نفى الزعيم أحمد عرابى ورفاقه لجزيرة سرنديب عام 1882 المعروفة حاليا بـ«سريلانكا»، التى تقع فى المحيط الهندى جنوبى الهند، وكان حينها السير تومان ليبتون يمتلك مزارع الشاى على أرض الجزيرة وفى تلك الفترة تعرف على الزعيم عرابى ودعاه لشرب الشاي، والذى أعجب بهذا المشروب وأرسل منه هدايا للأهل والأصدقاء، فكانت تلك بداية انتشاره فى مصر .


ثم زاد انتشار الشاى محليًا بعد الحرب العالمية الأولى، وحينها أصدرت الحكومة المصرية قرارا بمنع استيراد الشاى لما له من آثار على الفلاح الذى أدمن شربه أكثر من مرة يوميًا، لكن سرعان ما عاد استيراده مجددًا وانتشر حتى أصبح المشروب المفضل للمصريين خصوصًا بعد تناول الوجبات.

وقبل ذلك كان المشروب المفضل لدى المصريين هو الخروب، حيث كان يستعمل بكثرة قبل ظهور مشروب الشاى فى مصر، وكان تقديمه للضيف يدل على الكرم، إلى جانب وجود العديد من الفوائد الصحية له فهو خالٍ من المنبهات والكافيين، ومعزِّز لعملية الهضم، لذلك يعطى شعورًا بالراحة ويقضى على الصداع.

زراعة الشاى محليا

ويتناول الدكتور عصام فكرة إمكانية زراعة الشاى محليا، قائلا: ليس لدينا مقومات زراعة الشاى فى مصر من حيث درجة الحرارة والرطوبة والارتفاع عن سطح البحر، فالظروف المناخية الملائمة لتلك العملية تتطلب جوا حارا رطبا تنمو نباتاته فى نطاق حرارى بين 10 إلى 30 درجة فى المناطق التى يتراوح فيها معدل الأمطار السنوى بـ 2000 مم، وعلى ارتفاع يتراوح بين 600 و 2000 متر فوق مستوى سطح البحر، وهو ما لا يتوافر مع ظروف الزراعة المصرية، لذا فشلت محاولات زراعته وتوطينه محليا  لنقوم باستيراد 100% من احتياجاتنا منه من الخارج .

كما دعا إلى استبدال عادة المصريين فى شرب الشاى بأحد المشروبات الأخرى التى تجود زراعتها فى مصر ويمكن التوسع فى إنتاجها لتغطية الطلب عليها مثل الينسون والحلبة والنعناع والخروب والكامونيل والبردقوش والشمر وغيرها من النباتات الطبية التى يتم زراعتها محليا ذات القيمة الغذائية العالية وتعطى ذات التأثر المهم دون احتوائها على أى مواد منبهة.

ويعد المصريون الأكثر استهلاكا للشاى على مستوى الشرق الأوسط وفقا للدكتور محمود البسيوني، المدير التنفيذى لغرفة الصناعات الغذائية، حيث يوضح أن مصر احتلت المركز السابع عالميا والأول عربيا فى عام 2021 ضمن قائمة الدول الأعلى استيرادا للشاى بحصة تصل إلى 3.4 من الإجمالى العالمي، حيث وصل حجم واردات الشاى إلى 255 مليون دولار سنويا من دول مثل كينيا وسيرلانكا وكذلك الهند والصين وإندونيسيا.
تجارب سابقة

من ناحية أخرى، كانت هناك تجارب سابقة لزراعة الشاى محليا قام بها مركز البحوث الزراعية فى منطقة بهتيم بالقليوبية بالتعاون مع الولايات المتحدة التى أرسلت شتلات الشاى لمصر من أجل دراسة إمكانية نموها وفقا للظروف البيئية المصرية، ورغم الصعوبات التى واجهت التجربة فى البداية، تم التغلب عليها بفضل الأبحاث المتواصلة، لكن التجربة توقفت فجأة لقطع التمويل عنها.

فى ذات السياق، يرى نقيب الفلاحين حسين أبوصدام، إمكانية زراعة الشاى فى مصر حاليا، رغم أنه يحتاج لتربة حامضية بينما التربة المصرية تميل إلى القلوية، ولكن هذه العقبة يمكن تجاوزها من خلال المعاملات الكيميائية التى تغير خواص الأرض، إلى جانب استنباط أصناف جديدة من الشاي وزراعتها داخل الصوب الزراعية للتحكم فى ظروف نموها وتهيئة المناخ المناسب لها على مساحة 40 ألف فدان لتغطية كافة احتياجاتنا من الشاى الذى نستورده بالعملة الصعبة من الخارج.

أقرأ أيضأ : لعشاق القرنفل.. طريقة عمل مشروب الشاي بالأعشاب