عاجل

بعد التهدئة في «تيجراي».. إثيوبيا تشهد صراعًا جديدًا بـ«أوروميا»

احد احتجاجات الأورومو السابقة فى إثيوبيا
احد احتجاجات الأورومو السابقة فى إثيوبيا

بقلم : مروى حسن حسين 

مع بدء تهدئة نزاع مميت في إثيوبيا، ينمو صراع آخر، ويتحدى الحكومة التى تتوق لإقناع المجتمع الدولى برفع العقوبات وإحياء ما كان يومًا من أسرع الاقتصادات نموًا فى إفريقيا. فمع انتهاء الحرب الأهلية التى استمرت لمدة عامين فى إثيوبيا عقب توقيع اتفاق سلام بين الحكومة وجبهة تحرير شعب إقليم تيجراى الواقع شمال البلاد، يبدو أن هناك صراعاً جديداً يتأجج فى وسط البلاد.


فى الوقت الذى يحضر فيه رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد القمة الأمريكية الإفريقية هذا الأسبوع للترويج لاتفاق السلام المبرم الشهر الماضى بين حكومته وسلطات منطقة تيجراى بالبلاد، تبدو منطقة أوروميا الأكبر غير مستقرة على نحو متزايد. حيث تتصارع اثيوبيا مرة أخرى مع توترات مميتة بين الجماعات العرقية وحلفائها المسلحين.


ونقلت وكالة «بلومبرج» الأمريكية، عن اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان ان قتال واسع النطاق فى منطقة أوروميا أدى لتدخل قوات الأمن وجيش تحرير أورومو، وهى ميليشيا من منطقة الأمهرة الشمالية، ومدنيين.

وأن القتال الأخير أدى لوفاة مئات الأشخاص ونزوح ما يُقدر بنحو 100 ألف آخرين، فضلاً عن تضرر العديد من الممتلكات. وأشارت إلى أن «الجماعات المسلحة وقوات الأمن الحكومية شنّت هجمات منفصلة أسفرت عن سقوط ضحايا ومصابين ونزوح العديد من المدنيين وتدمير ممتلكاتهم، فضلاً عن التدمير الكامل أو الجزئى لعدة قرى وبلدات ريفية».

وزعمت جماعتا أورومو وأمهرة العرقيتان، الأكبر فى البلاد، وقوع عمليات قتل وتلقى كل جماعة باللوم على الأخرى. وتم قطع الاتصالات السلكية واللاسلكية، ويخشى السكان فى كثير من الأحيان من التحدث خوفا من الانتقام، ولايزال عدد القتلى فى أعمال العنف فى أوروميا غير معروف بالضبط.


تحدث عدد من سكان أوروميا إلى وكالة أسوشيتد برس شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفًا على سلامتهم، ووصفوا الهجمات المميتة فى الأسابيع الأخيرة.


ورفض مسؤولو الحكومة الفيدرالية الإثيوبية التعليق على عمليات القتل فى أوروميا ولم يتحدثوا عنها بعد بشكل علني. وقال رئيس الوزراء الأسبوع الماضى فقط إن بعض «الأعداء ذوى الآراء المتطرفة» يحاولون زعزعة استقرار البلاد، دون إعطاء تفاصيل.


قال ويليام دافيسون، المحلل فى مجموعة الأزمات الدولية، إن قوات الأمن الإثيوبية ومتمردو أورومو وميليشيات أمهرة تقاتل بعضها البعض فى أوروميا، أكبر منطقة فى إثيوبيا.


وفى الوقت الذى تقاتل فيه قوات الأمن الفيدرالية الإثيوبية جيش تحرير أورومو، الذى وصفته الحكومة بجماعة إرهابية، يتقاتل سكان أورومو وأمهرة وحلفاؤهم المسلحون أيضًا بشأن المظالم القديمة والجديدة.


فقد انتقل المستوطنون من أمهرة لأول مرة بشكل جماعى إلى أوروميا فى الثمانينيات خلال مجاعة فى شمال إثيوبيا. لقد عاشوا بسلام هناك حتى السنوات الثلاث الماضية. انشق OLA عن منظمة أورومو السياسية، وبحسب ما ورد بدأ فى استهداف أمهرة، فى بعض الأحيان انتقاما لخسائره فى صفوف القوات الحكومية.


الأورومو هى أكبر مجموعة عرقية فى إثيوبيا، تليها الأمهرة، الذين سيطروا على السياسة فى البلاد لأجيال. كان العديد من الأورومو مبتهجين عندما أصبح أبي، الذى ينتسب للأورومو، رئيساً للوزراء فى عام 2018. لكن هذه الإثارة تغيرت للإحباط من العنف المتزايد.


ونظمت مسيرات احتجاجا على عمليات القتل فى بعض المجتمعات فى الأيام الأخيرة. فى الأسبوع الماضي، قالت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية المعينة من قبل الحكومة إن «مئات» الأشخاص قُتلوا «بطريقة مروعة» فى الأشهر الأربعة الماضية فى 10 مناطق فى منطقة أوروميا، وأكدت وجود القوات الحكومية وميليشيا الأمهرة. و OLA فى المناطق التى تحدث فيها عمليات قتل متكررة.


وقالت اللجنة: «الهجمات المتعمدة ضد المدنيين فى هذه المناطق تتم على أساس العرق والآراء السياسية وحثت الحكومة الفيدرالية على اتخاذ إجراءات عاجلة.


ودعت أحزاب المعارضة مثل الحزب الشعبى الثورى الإثيوبى وحزب الوحدة لعموم إثيوبيا وحزب عنات إلى مزيد من الأمن للمجتمعات المتضررة، وتدخل الحكومة الفيدرالية.


واكد السياسى المعارض من أورومو جوار محمد فى وقت سابق من هذا الشهر أن ما لا يقل عن 350 شخصًا قد لقوا مصرعهم وأن هناك أكثر من 400 ألف نازح «خلال الـ 48 ساعة الماضية فقط» فى مناطق كيرامو وهورو جودورو وكويو ووارا جارسو فى أوروميا.

قال جوار فى منشور على فيسبوك: « ان على الحكومة أن تتوقف عن التظاهر وكأن شيئًا لا يحدث فالصراع يتحول بسرعة لحرب طائفية تشمل المدنيين. إذا لم يتم احتواؤه قريبًا».


يبدو ان الصراع فى أوروميا يبعث برسالة واضحة، وهى أن التحديات السياسية والاقتصادية لإثيوبيا لا تتعلق بتيجراى فقط، كما يُظهر أن عدم التناغم بين النخب الإثيوبية ليس شكلياً فقط، لكن ستكون له عواقب مأساوية وملموسة، وأن الإصلاحات السياسية والاقتصادية تسير فى مسارين مختلفين تمامًا.


اقرأ ايضًا | قائد جيش تحرير اورومو: كل الطرق تؤدي الى العاصمة اديس ابابا | فيديو