«مجتمعات النمل».. تعاون مذهل قائم على حاسة الشم

النمل
النمل

يعد النمل لاعبًا حيويًا في كل نظام بيئي تقريبًا، فهو يساعد بطرق عدة بدءًا من حفر الأنفاق التي تسهم في تهوية الأرض، والمساعدة في وصول الماء والأوكسجين إلى جذور النباتات، وتنظيف المواد المتحللة، ونقل البذور عبر أنفاقها، وصولاً إلى المساعدة في إعادة التدوير البيئي.
بيوتها من الطين لتقيها من الحر 

مجموعات النمل

وكشفت صحيفة الاندبندنت: يشكل النمل مستعمرات تبدأ بعدد قليل من أفراده، كما يمكن أن يصل عدده لملايين تعيش في تجاويف طبيعية صغيرة بشكل دقيق التنظيم، وتقوم مجموعات النمل بحماية جماعتها من العوامل الجوية من خلال اختيار الأماكن والشروط الأنسب تبعاً للبيئة، ففي المناطق الحارة تبني بيوتاً توفر داخلها الدفء والرطوبة، وتختار مواد بناء خاصة تساعدها وتقيها من الحرارة كالطين، وتلك المجموعات تختار موقعاً جيداً للسكن تبني فيه حجرات أرضية، تتجه من الشمال إلى الجنوب على طول طرقاتها، وتعد بمثابة حصون منيعة ضد التبخر الشديد والحر  خلال فصل الصيف، كما تضمن عدم وصول مياه الفيضانات والأمطار إليها.

وينتمي النمل إلى فصيلة الحشرات الاجتماعية التي تملك أعلى مستوى من التنظيم الاجتماعي في التصنيف الهرمي، ويعد سلوكه السلوك الاجتماعي الأعقد في مجتمع الحشرات، على رغم أن تنظيمه قائم بالكامل على حاسة الشم لا أكثر، لأنه لا ينتظر أوامر من قائد بل يتبع إشارات كيماوية تركتها مجموعة نمل أخرى.

ذكاء السرب

استوحيت "مستعمرة النمل الاصطناعية" من السلوك الذكي للنمل في بحثه عن الطعام، في محاولة لمحاكاة سلوكه الاجتماعي ذاتي التنظيم والشديد الذكاء المسمى "ذكاء السرب"، إذ يتعاون بشكل ملفت أثناء بحثه عن الغذاء، وعند إيجاده له يترك علامة كيماوية باستخدام "‏كيماويات تتركب من جزيئات عضوية معقدة تستعمل لنقل الإشارة من حيوان إلى آخر"، لتدل المجموعة على مصدر الغذاء.

ولوحظ هذا التنسيق في الحشرات الاجتماعية وإحداها النمل، إذ تتواصل فصيلة النمل وتتبادل المعلومات من طريق وضع الكيماويات الخاصة بها  كأثر عندما تجد الطعام، وبهذه الطريقة يمكنها أن تطور بشكل جماعي شبكة معقدة من المسارات والطرق، التي تعمل كذاكرة خارجية مشتركة لمستعمرة النمل، وتربط المستعمرة بطريقة فعالة بمصادر الطعام المختلفة، فعندما يخرج النمل من المستعمرة بحثاً عن الطعام يتم تحفيزه بواسطة الفيرومون لتتبع المسار نحو مصدر الغذاء.

بناء هندسى لبيوت النمل 

ويستخدم النمل الفيرومونات لبناء الهيكل السفلي المعقد باتباع مجموعة قواعد لامركزية بسيطة، إذ تلتقط كل حشرة "كرة طينية" أو مادة مشابهة من بيئتها، وتضع الفيرومونات على الكرة وتودعها على الأرض في بقعة عشوائية مبدئياً، ثم تأتي مجموعة أخرى من النمل وتنجذب إلى الفيرومونات الخاصة بزملائها، وهنا تزيد احتمالية أن تسقط كرات الطين الخاصة بها فوق كرات جيرانها، فكلما زاد حجم كومة الطين والفيرومونات زاد جذبها للأفراد الجدد، بالتالي ستضاف كرات طينية إليها كنوع من رد الفعل الإيجابي، ومع مرور الوقت تبنى الدعامات والقناطر والأنفاق والتجاويف فالعالم موطن لما لا يقل عن 20 مليون مليار نملة

تنظيم النمل بحاسة الشم 

ويعتبر المتخصصون أن فكرة حاجة النمل إلى قائد يوجهه افتراضاً خاطئاً، فالنمل على المستوى الفردي يتصرف بشكل عشوائي ولا يتحد على فعل واحد إلا عند تلقيه إشارات معينة توجه سلوكه، كما يتمتع النمل بذكاء عال في التعاون والتواصل ومشاركة العمل وتنسيق المهمات وتوزيعها بشكل محدد.

النمل أكثر عقلانية من البشر 

وأشارت الاندبندنت إلى أن باحثين في جامعة ولاية أريزونا وجامعة برينستون اكتشفوا أن النمل يمكن أن ينجز مهمة بشكل أكثر عقلانية من البشر، لأنه يعمل وفق خيار جماعي واحد فقط، مما يجعل النتائج أكثر دقة واحتمال ارتكاب الأخطاء أقل، بينما البشر في الغالب يتخذون خيارات فردية غير عقلانية عند مواجهة قرارات صعبة وخطرة
 

اقرأ أيضا.. «السر في «الملعقة».. كيف حفر أسرى «جلبوع» النفق خلال 9 أشهر؟»