أما قبل

الضاحك الباكى!

إبراهيم المنيسى
إبراهيم المنيسى

ليس المقصود هنا هذا المسلسل الذى يحكى قصة الفنان المبدع نجيب الريحانى والذى كتبه الصديق العزيز محمد الغيطى وأخرجه الكبير محمد فاضل، لكن مونديال قطر ٢٠٢٢ والذى يتابع العالم كله نجاحه المبهر وغير المسبوق تنظيميا وجماهيريا وفنيا. يحوى الكثير من هذه المعانى التى حملت من الضحكات ومشاعر الفرحة والبهجة ما أسعد العالم كله، لكن هذا السباق الكروى المثير لم تغب عنه تلك المفاجآت الصادمة التى  أبكت كبار النجوم والمنتخبات بالدموع..

 بداية تحتاج الدول الثلاث الولايات المتحدة وكندا والمكسيك جهدا كبيرا فى تنظيمها المشترك وغير المسبوق ثلاثيا للبطولة القادمة ٢٠٢٦، حتى تصل لدرجة الإبداع ودقة التنظيم وحفاوة الاستقبال وبهجة المونديال التى كانت عليها نسخة هذه البطولة فى قطر فقد أبدعت هذه الدولة العربية الصغيرة فى حجمها ومساحتها وسكانها فى تقديم نسخة استثنائية وصف رئيس الفيفا انفانتينو الأدوار الأولى منها بأنها الأقوى والأروع فى تاريخ البطولة..

بهجة المونديال القطرى التى تدفقت من الدوحة وفرح بها ولها كل الأشقاء العرب وتفاعل الحضور معها فى سوق واقف بالدوحة وساحات الجماهير الكرنفالية فى كل مكان؛ كانت تفاصيل رائعة لا أظن أن الزمن يمكن أن يمحوها سريعا من ذاكرة الدنيا كلها..

ومع روعة التنظيم لا يمكن إغفال ضحكة المونديال الكبيرة وكمية السعادة الغامرة التى أضفاها منتخب المغرب على وجوه العرب والأفارقة عامة فى تأهل غير مسبوق تاريخيا للدور نصف النهائى ما وضع الكرة المغربية ومن ثم الأفريقية فى مصاف العالمية الحقيقية. الفوز على بلجيكا ثم كندا قبل التأهل وقهر الإسبان ثم البرتغال قبل الاصطدام بالديوك كانت كلها تفصيلات لمشهد مغربى رائع صاغه ببراعة وليد الركراكى مدرب أسود الأطلس..

 فرحة وضحكات وتصفيق بل ورقص أمهات وزوجات النجوم فى مدرجات المونديال كانت دافئة وأضفت على الحدث لمسات إنسانية عالية الإحساس..

ومع هذه الضحكات العربية الكثيرة والتى بدأت بفوز مدوٍ للأخضر السعودى على الأرجنتين بقيادة ميسى وتواصلت مع فوز تونسى مهم على فرنسا وكذلك فى فوز أسود الكاميرون على البرازيل؛ كانت فرحة ميسى ورقصة التانجو من نجوم الأرجنتين بالتأهل للنهائى طاغية.. البرغوث الذى أمتع عشاق الساحرة المستديرة لأكثر من عشرين عاما كان يستحق هذه الضحكة الكبيرة والفرحة الغامرة.. وحسن الختام!

ومع كل هذه الضحكات وتدفق السعادة والأفراح والرقصات، كانت الدموع الباكية والمبكية من كبار النجوم على الإخفاق وصدمات الكرة وغدرها.. لم يستطع الدون كريستيانو رونالدو أن يحبس دموع الألم وهو يخرج من الملعب بعد هزيمته من المغرب وتوديعه وبلاده البرتغال مسرح المونديال بفشل لا يستحقه أحد أبرز نجوم الكرة فى تاريخها مع ختام مسيرته الدولية.. 

دموع الدون سبقتها دموع الألم والحسرة من نيمار وكل نجوم البرازيل الذين سقطوا أمام الكروات فى ركلات الترجيح والمعاناة ولم تكن دموع الهولنديين والإسبان أقل تدفقا وألما وهم يتلقون صدمة الخروج بعد أن ظنوها دوحة التتويج!

وإذا كانت هذه الدموع ولحظات بكاء النجوم قد كست الأدوار النهائية فقد كانت البداية لها من الألمان الذين جاءوا لأرض العرب واضعين أياديهم على أفواههم فى إشارة إلى أنهم مكممون دون التعبير عن دعاوى تجافى الفطرة والطبيعة وتنال من التقاليد والرجولة بدعوى حرية التعبير فغادروا المونديال وهم يخفون كل وجوههم وليست فقط أفواههم خجلا من سوء ما عملت أيديهم وما ركلت أقدامهم.. واستحقوا ضحكات الشماتة من سوء ما فعلوا!!

كم كان رائعا هذا المونديال فى تفصيلاته ورسائله وقيمه وتنظيمه.. ودروسه.. وضحكاته.. ودموعه. 

عفوا صديقى العزيز محمد الغيطى ليس الريحانى وحده هو الضاحك الباكى!!