إفريقيًا.. هل ينجح «بايدن» فيما فشل فيه «أوباما»؟!

حسن أبو طالب
حسن أبو طالب

إن كان لا يُوجد أحد من المراقبين يشكّك في أن قوة القارة السمراء الجيوسياسية قد زادت ونمت بشكل واضح خلال الـ 10 سنوات الماضية، فإن خطط الزعماء الدوليين وتوجهاتهم تؤكد الأمر، وتثبته. لقد باتت قارة أفريقيا تحتل قمة الأولويات الاستراتيجية بالنسبة لقادة العالم البارزين؛ فها هو الرئيس الروسي يرمي بياضه أمام الزعماء الأفارقة ليغريهم بتعاون مثمر من خلال صفقات لبيع السلاح والطائرات العسكرية وغيرها من المعدات، ولم يكن الرئيس الصيني عن نظيره الروسي ببعيد؛ فقد وعد الزعماء الأفارقة بالسمن والعسل، ولكن على طريقته من خلال وعود باستثمارات تتجاوز الـ 60 مليار دولار. وحتى الرئيس التركي لم يخفِ اهتمامه بالقارة السمراء؛ حيث وعد القادة الأفارقة بدعمهم للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

فبعد هيمنة صينية واضحة في قارة إفريقيا دامت لسنوات، تحولت إفريقيا إلى مسرح عمليات لصراع دولي على المصالح العسكرية والتجارية والدبلوماسية ليضم روسيا وتركيا والصين. وربما أدى تغير أولويات السياسة الخارجية الأمريكية - خلال العقد الماضي - إلى تراجعها عن التواجد في تلك القارة بما يتناسب وحجمها على المستوى الدولي. بيد أن الإدارة الأمريكية الحالية - بقيادة الرئيس بايدن -  تعتزم تعويض هذا التراجع من خلال تعزيز علاقاتها مع دول إفريقيا عبر القمة الأمريكية الإفريقية المنعقدة الآن في الولايات المتحدة الأمريكية. فهل تفعلها واشنطن؟

يرى متخصصون أن واشنطن اعتادت النظر إلى إفريقيا على أنها «مشكلة» يجب حلها، في الوقت الذي اعتاد المنافسون فيه النظر إلى إفريقيا على أنها «أرض الفرص»، وهذا هو جوهر تقدمهم على خط المنافسة في استمالة القادة الأفارقة. ومن غير الواضح ما إذا كان بايدن بإمكانه تغيير ذلك من خلال تلك القمة.

إن ما ينتظره الأفارقة من الأمريكان كثير.. ربما يتجاوز الاستثمارات والمعدات والسلاح والدعم ليصل إلى المطالبة بالندية في التعامل وعدم فرض الوصاية عليهم أو توجيههم للتعامل مع جهات معينة أو منعهم من التعامل مع أخرى. يريد الأفارقة أن يتعاملوا مع الجميع - ولم لا؟ وقد سمح الجميع لنفسه بالتعامل مع كل الأطراف وفق مصالحهم العليا.

وبنظرة تأمل بسيطة إلى الماضي القريب، ربما نلاحظ أن التجارة الصينية مع إفريقيا – على سبيل المثال - استمرت في النمو عقب القمة الأمريكية الإفريقية الأولى في 2014، بل وسجلت رقماً قياسياً العام الماضي بلغ 261 مليار دولار.  وفي المقابل، تضاءلت التجارة الأمريكية مع إفريقيا إلى 64 مليار دولار. فهل تستطيع قمة بايدن مع الأفارقة أن تقدم ما عجزت عن القيام به قمة بارك أوباما مع الأفارقة في 2014؟!